أصبح من حكم المؤكد أن مدينة تريم ستكون عام 0102م عاصمة الثقافة الإسلامية، بعد أن اختارتها المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم «الايسيسكو» تنفيذاً لقرارات المؤتمر الإسلامي الرابع لوزراء الثقافة الذي احتضنته جمهورية الجزائر الشقيق في شهر ديسمبر من عام 4002م.والذي انبثق فيه مشروع إقامة العواصم الثقافية الإسلامية..فماالذي أعددناه لاستقبال هذا الحدث الثقافي الكبير والذي من خلاله نقدم الوجه الثقافي الإسلامي الأصيل لبلادنا للعالم يتناسب مع المكانة والحضور والتأثير. وفي الواقع نحن نسمع أخباراً عن تحرك إيجابي وحثيث لأجهزة الثقافة في بلادنا لإعداد ووضع الخطط والبرامج المناسبة لاحتضان هذا الحدث وتهيئة مدينة تريم لتكون مستوعبة لمجمل الفعاليات والأنشطة الثقافية وبما يليق بمكانة هذه المدينة التاريخية واسهاماتها الفكرية ودورها وإرثها الحضاري. إن اختيار مدينة تريم من قبل المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم «الايسيسكو» عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 0102م لم يأتِ من قبيل الصدفة أو من فراغ، فقد تبوأت مدينة تريم -ومازالت - مكانة وحضوراً متميزاً دينياً وروحياً ليس في نفوس اليمنيين فحسب، بل في نفوس العرب والمسلمين، إذ أنجبت هذه المدينة العظيمة والعريقة كبار الشعراء والفنانين والأدباء والدعاة والوعاظ والقضاة والفقهاء والمعماريين المهرة الذين أسهموا بعطاء وسخاء وإبداع في نشر المعرفة والعلوم والقيم الخالدة لخدمة البشرية وبناء المجتمعات. ولاشك أن استقبال مدينة تريم العام القادم للحدث الثقافي الكبير كعاصمة للثقافة الإسلامية سوف يبرز هذه المدينة من النواحي المختلفة، وخاصة دراسة تفردها وتميزها الحضاري والتراثي ويستوعب الاهتمام بالاعتناء بمعالمها وملامحها التاريخية والأثرية والحضارية.. وإذا كانت وزارة الثقافة في بلادنا قد أعدت العدة لإظهار هذه المدينة بالمستوى الذي يليق بها وخاصة تأهيل المدينة وصيانة مشاريعها ومعالمها التاريخية والثقافية وتحديداً إعادة تأهيل وترميم مكتبة الأحقاف وهي ثالث أهم دار مخطوطات تاريخية في بلادنا وغيرها من منارات العلم والمعرفة في تريم واظهار ما تمتلكه وما تختزنه من موروث ثقافي وحضاري ومعماري وبوصفها أحد أهم المدن الباذخة في اليمن والعالم العربي والإسلامي التي لها أدوار واسهامات متعددة وبتاريخها العريق الحافل بالعطاء الفكري والثقافي والديني ودور رجالاتها في نشر قيم المحبة والصدق والتسامح والعمل الصالح بما اكتسبوه من علم ومعرفة وبيان مسترشدين بما جاء به دين الحق والفضيلة من تهذيب للنفس وإكسابها القيم الإنسانية الرفيعة والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ونشر رسالة الاعتدال والوسطية والتسامح في الكثير من بلدان المعمورة وعدم التفريط في جوهر الرسالة فإنه لابد من اكتشاف سرائر مجتمع «تريم» ومايتميز من صدق ونقاء وخاصة في جوانبه الانتاجية المشرقة. فهذه المدينة تعج بالصناعيين الحرفيين والمبدعين في فنون العمارة ممن لامست أياديهم الطاهرة العفيفة صنع ذلك المجد في تريم ومن بين تلك المآثر المعلم المعماري الأبرز في المدينة منارة مسجد المحضار المبنية بأسلوب هندسي وطابع متميز مستلهم البيئة والذوق والجمال. إننا نتطلع إلى أن يكون احتفالنا بمدينة تريم عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2010. تكريماً وعرفاناً لتلك الهامات العظيمة وتظاهرة ثقافية بالغة التأثير في تقديم هذه المدينة العريقة بمكانتها السامقة في التاريخ الإسلامي وسمعتها الطيبة وشموخها كمنارة من منارات العلم والمعرفة وإبراز حضورها ودورها المتميز في نشر الفكر والعلوم والثقافة والمعارف. فليكن إعلان المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم «الايسيسكو» باختيار مدينة تريم عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2010مناسبة لرد الجميل لهذه المدينة العريقة وماتستحقه من اعتبار لدورها العلمي والثقافي الذي أثرى الحياة في مختلف مجالات المعرفة.