باشرت الحكومة ممثلة بوزارة الثقافة باتخاذ إجراءات مبكرة وسريعة استعداداً لاحتضان مدينة تريم الأثرية والتاريخية بمحافظة حضرموت فعاليات عاصمة الثقافة الإسلامية العام 2010 بعد اعتمادها من قبل المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "الايسيسكو". وقال وزير الثقافة محمد أبو بكر المفلحي لوكالة الأنباء اليمنية ( سبأ ) ان اختيار تريم عاصمة للثقافة الإسلامية عام 2010 جاء بعد سعي جاد من الحكومة لإدراج مدينة تريم ضمن قائمة أبرز المدن اليمنية الأثرية في برنامج المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة وتكللت تلك الجهود بالنجاح بإعلانها عاصمة للثقافة الإسلامية . وأكد تواصل جهود الوزارة حالياً على صعيد الإعداد لوضع خطط وبرامج الفعاليات التي ستشهدها مدينة تريم خلال العام القادم وقبل ذلك البدء بتنفيذ المشاريع التي ستنفذ من اجل تهيئة مدينة تريم لاحتضان الفعاليات الثقافية التي ستقام فيها طوال العام القادم ، كما ستقوم وزارة الثقافة قريبا بإعداد تصورات خاصة حول حفل تدشين فعاليات تريم عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2010م بما يليق بهذه المدينة التاريخية وبدورها الفكري وبما يبرز اليمن و ارثها الحضاري . و اشار الى ان من اهم المشاريع التاهيلية للمدينة مشروع إعادة تأهيل و ترميم مكتبة " الاحقاف " بالمدينة وهي المكتبة التي ثالث أهم دار مخطوطات تاريخية في اليمن ، منوها بما تمتلكه مدينة تريم التاريخية من مخزون و موروث ثقافي كبير ، إضافة إلى كونها احدى اهم حواضر العالم العربي بما تضمه من أزياء وفوكلور ومعمار في مدينة واحدة لا توجد في أي مدينة في العالم سيسهم الاحتفال بها عاصمة للثقافة الاسلامي في دراسة تراثها واعادة تاهيل معالمها والحفاظ على ملامحها الحضارية . وكان مجلس الوزراء في اجتماعه الأسبوعي الأخير قد أقر تشكيل لجنة برئاسة نائب رئيس الوزراء للشئون الداخلية وعضوية وزراء الثقافة و المالية والإعلام والسياحة والأوقاف والإرشاد والتربية والتعليم و محافظ محافظة حضرموت ، و حدد مهامها في إقرار السياسة العامة لتنفيذ أهداف تريم عاصمة للثقافة الإسلامية 2010م و كذلك الخطط الخاصة بهذه الفعالية التي تأتي للاحتفاء بالدور التاريخي المتميز لهذه المدينة والحفاظ على هويتها الثقافية العربية والإسلامية . كما اقر مجلس الوزراء تشكيل لجنة فنية برئاسة وزير الثقافة وعضوية عدد من الجهات الحكومية والمحلية ومؤسسات المجتمع المدني ذات العلاقة وذلك لوضع التصور العام للفعاليات والأنشطة الخاصة بهذه المناسبة بما في ذلك تلك المتعلقة بمشاريع البنية التحتية والتنسيق مع المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم بشان تلك الفعاليات والأنشطة وغيرها من المهام المعززة لنجاح هذه الفعاليات وتأكيد استثمار هذا الارث التاريخي لتجديد قيم النهضة والتنوير في الثقافة العربية والإسلامية ونبذ ثقافة الفتنة والعنف والتطرف والغلو والانغلاق وتعزيز الاهتمام بالمعالم التاريخية والحضارية في المدينة وإحياء مدارسها العلمية والاهتمام بمخطوطاتها ووثائقها وغيرها من الأهداف . و جاء اختيار تريم الواقعة بمحافظة حضرموت كعاصمة للثقافة الإسلامية للعام 2010م لتاريخها الإسلامي الحافل بالعطاء الفكري والثقافي والديني ولما عرف عنها بالوسطية والاعتدال في نشر الثقافة الإسلامية والدعوة إلى الله في أصقاع شتى من العالم بالحكمة و الموعظة الحسنة ، و لما تحتويه من معالم معمارية إسلامية بارزة لعل من أشهرها مسجد المحضار المشهور بمئذنته التي يبلغ طولها 150مترا و المبنية من الطين وبطريقة هندسية مميزة تدل على إبداع و تفوق أبناء هذه المدينة في ابتكار التصاميم الهندسية المعمارية المنسجمة وطبيعة المنطقة التي تدل على التكامل والانسجام بين الإنسان والبيئة المحيطة به ..إلى جانب أربطة العلم التي اشتهرت بها مدينة تريم و التي كانت ولا زالت مناراً للعلم يأتي إليها الكثير من إنحاء مختلفة من العالم للنهل من منابع العلم المتوافرة فيها . وأعتبر وزير الثقافة اختيار تريم عاصمة للثقافة الإسلامية خطوة مهمة في طريق سعي اليمن إلى ضمها لقائمة اليونسكو للتراث العالمي لتنضم إلى جانب مدينة زبيد إحدى أهم مستودعات التراث اليمني الإسلامي، و التي أدرجت ضمن ثلاث مدن يمنية في قائمة اليونسكو للتراث العالمي عام 1993م، إلى جانب مدينتي صنعاء القديمة وشبام حضرموت التاريخيتين ، و ذلك إضافة إلى جزيرة سقطرى التي انضمت إلى قائمة التراث العالمي الطبيعي في يوليو تموز الماضي . المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة -إيسيسكو .. عبد العزيز بن عثمان التويجري قال من جهته إن برنامج عواصم الثقافة الإسلامية يهدف في المقام الأول، إلى نشر الثقافة الإسلامية، وتجديد مضامينها، وإنعاش رسالتها، وإلى تخليد الأمجاد الثقافية والحضارية لعددٍ من العواصم الإسلامية التي تمَّ اختيارها وفقَ معايير دقيقة، ومراعاةً للدور الذي قامت به في خدمة الثقافة والآداب والفنون والعلوم والمعارف الإسلامية عبر مسيرتها التاريخية. مشيراً إلى ان القصدُ من هذا البرنامج استثمارُ العطاء الثقافي التاريخي لهذه العواصم ، في بناء الحاضر والمستقبل على المبادئ المستلهمة من الحضارة لإسلامية، التي هي إرثٌ مشتركٌ للإنسانية جمعاء، على اختلاف شعوبها، وتباين أجناسها، وتعدّد مشاربها الثقافية، وتنوّع عناصرها الفكرية وخصوصياتها الحضارية. يذكر ان اختيار تريم اليمنية جاء تنفيذاً لقرارات المؤتمر الإسلامي الرابع لوزراء الثقافة الذي عقد بالجزائر في ديسمبر كانون الأول عام 2004م حيث تم ترشيح عدة مدن إسلامية تمثل المنطقة العربية والآسيوية والأفريقية لتختار منها الايسيسكو ثلاث مدن في كل عام كعاصمة للثقافة الإسلامية . وانضمت الجمهورية اليمنية إلى المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة في عام1983 والتي انشأت استجابة ً لتطلعات الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي، مع مطلع القرن الخامس عشر الهجري، لأجل تأسيس قاعدة متينة للنهوض في مجالات التربية والعلوم والثقافة. ويصل عدد الدول الأعضاء فيها الى (50) دولة، من مجموع الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي البالغ عددها سبعاً و خمسين (57) دولة. ويندرج برنامج عواصم الثقافة الإسلامية في نطاق العمل الكبير الذي تنهض به الإيسيسكو، على الصعيد الإسلامي العام، وعلى الصعيد الدولي أيضاً، لتجديد البناء الحضاري للعالم الإسلامي من جهة، ولتقديم الصورة الحقيقية للحضارة الإسلامية ذات المنزع الإنساني إلى العالم أجمع من جهة أخرى، وذلك من خلال إبراز المضامين الثقافية والقيم الإنسانية لهذه الحضارة التي منها استمدت النهضة الأوروبية أنوارها، وعلى أساسها قامت الحضارة الإنسانية المعاصرة على اختلاف مشاربها. وهو الأمر الذي يساهم إلى حد كبير، في تعزيز الحوار بين الثقافات والحضارات، وفي إشاعة قيم التعايش والتفاهم بين الشعوب، في هذه المرحلة العصيبة التي يمرّ بها عالمنا اليوم، والتي تستدعي من المجتمع الدولي تضافرَ الجهود جميعاً، وعلى شتى المستويات، من أجل إنقاذ الإنسانية مما يتهددها من مخاطر جمّة من جراء هيمنة روح الإثارة والأنانية والعداوة والشحناء وحب السيطرة على مقدرات الشعوب وإحكام القبضة على السياسة الدولية لخدمة مصالح القوى العظمى.