يتملكني الأسف كثيراً عندما أقرأ مقالاً لشخص مثقف وسياسي و«قيادي» من قيادات أحزاب اللقاء المشترك أمثال علي الصراري.. يتملكني الحزن على اللغة «التحليلية» التي يستخدمونها في مقالاتهم وهي بعيدة عن روح الواقع.. وكأنهم يتحدثون لأناس غير أبناء الوطن الذين أثقلوه بالأزمات المتلاحقة.. كتاباتهم جميعها لايخلو سطر من أسطرها من الكلمات المليئة بالاتهام والإدانة والاستنكار للسلطة والحزب الحاكم،وتحميلهما تبعات الحوادث الإجرامية التي ترتكبها عناصر «الحراك» الخارجة عن النظام والقانون.. قتلة وقطاع طرق ومخربون وفوضويون .. ودعاة للفتنة والفرقة والشتات،ومناطقيون حد القرف.. ونجد أمثال المثقف والسياسي علي الصراري يصفهم ب «مناضلين» و«سلميين» أيضاً.. وكأن جمهور القراء أطفال في نظره ولايفهمون مايجري ويقال.. أو عُمي لايرون أو لا يسمعون القرف المرفوع في ساحات «النضال السلمي» سيء الصيت والسمعة!! يا أستاذ يامثقف .. جميعنا يعلم أن النضال السلمي الحقيقي يختلف كلياً عن «النضال السلمي» المتباكى عليه والذي اكتوى بناره إخواننا في المحافظات الجنوبية والشرقية إبان الحكم الشمولي.. حكم الحزب الواحد الذي لايعلو على صوته شيء.. وقادهم إلى بحر الدم والاقتتال والتصفيات الجسدية بحسب «الهوية» ولاشك أنك واحد من الذين دوّنوا لتلك الأحداث والمآسي القذرة.. أبناء المحافظات الجنوبية لاينسون ذلك التاريخ الأسود،ورغم أنهم لا يحبون إثارة تلك الآلام والمآسي والعودة للحديث حولها،إلا أنكم تصرون أنتم على إثارتها.. وجعلها ميثاقاً تسترشدون بأحداثه ووقائعه، والرقص على وقع كلماته المكتوبة بالدم.. إذا قصرت السلطة في تطبيق النظام والقانون.. فنحن أول من يطالبها بإصلاح الاعوجاجات القائمة، والمضي نحو بناء دولة مدنية قوية.. ومع ذلك لاندعو للانفصال أو «فك الارتباط» والعودة إلى مآسي الأمس،ولا نبرر لأعمال القتل والتخريب وقطع الطريق،ولانلجأ لكتابة مواضيع تبحر عكس التيار وتفوح بروائح مقززة ومنفرة.. ونتهم السلطة بأن ماحدث في لحج هو من رائحتها وليس عملاً «حراكياً» إجرامياً قذراً بالمطلق!!.. إن كنت حصيفاً وصاحب رأي عقلاني،وتبحث عن تهيئة الأجواء المناسبة للحوار، وإنهاء الإشكالات القائمة بكل صورها ماكنت أقدمت على اتهام السلطة بتدبيرها لتلك الجريمة البشعة التي أبكت قلوبنا قبل أعيننا، وذهبت في طريق التأجيج المتواصل للأحداث ، والتحريض ضد السلطة ، والدفاع عن القتلة والمأزومين والباحثين عن الخراب.. كنت أتمنى أن أقرأ في مقالك التحليلي «الفلتة» في صحيفة «الناس» الأسبوع الماضي تنديداً بمرتكبي الجريمة، واستنكاراً للمفردات المناطقية التي نثرها مصاصو الدم وقادة القتل على المواطنين الثلاثة من أبناء محافظة لحج قبل أن يقوموا بنثر رصاصات الغدر والحقد والتآمر على أجسادهم.. ولكن .. ذهبت بعيداً وبعيداً جداً.. للأسف الشديد إن كتاباتك وكتابات آخرين من رفقائك الذين يدّعون الصلاح والإصلاح، ويبحثون عن حل كل المشكلات القائمة لاتحمل شيئاً عن الإصلاحات،بقدر ما تسهم في خلق الأحقاد بين أبناء الشعب الواحد،وإثارة العداوة ضد السلطة المنتخبة من الشعب.. والإضرار بالوطن ومصالحه ومكتسباته. كتاباتك وكتابات غيرك..،وخطابات قادة المشترك المليئة بالتطرف والبعيدة عن العقلانية.. هي من تعمم الفوضى وتشجع المتطرفين والقتلة وصناع الخراب على نشر المواجهات والصدامات بين أبناء الوطن والقيام بالأعمال الغوغائية المدانة.. لست متجنياً أبداً .. ولكن هل من العقل والمنطق أن تلجأ السلطة لارتكاب مثل هذه الحماقة.. وتنال من الاستقرار السياسي والأمني اللذين تبحث عنهما..،وتنهك الوطن وتسعى إلى إغراقه في دوامة من القلق والفلتان وإشعال الحرائق وتوزيع الخراب!!!. يا أستاذنا «الفاضل» إذا كان الكاتب مجنوناً فالقراء والمتلقون عقلاء ويميزون جيداً بين ماينفع الناس ويبقى وبين مايذهب جفاءً غير مأسوف عليه.. القراء عقلاء ويميزون بين من يتبنى خطاباً عقلانياً يوحد ولايفرق ويرسخ لقيم الحب والتسامح والسلام.. وبين خطاب كريه تفوح منه روائح المناطقية والشللية والجهوية المقيتة!!.. متى تكون «اليمن أولاً» في ذاكرتك وعقلك وفعلك و«قلمك» يا أستاذ علي الصراري...،ومتى يكون الوطن هو قلبك النابض بالحب والتسامح والحوار غير المثخن بالأدواء..،وبكل قيم الخير التي نراها اليوم وقد غصت بالأوجاع والآلام؟!..