غير قليل من الحرج أشعر به وأمامي يد امرأة تسأل ما قسمه الله، وماذا تكفي عشرات الريالات؟!. هذه المرأة، الرثة الملابس، الذي يهددها الجوع، مطرزاً قسماتها بؤس رهيب، مستبد بها ظلم واضح، هذه المرأة قد لا تحتاج مالاً وحسب، بل هي تحتاج بذات الوقت أن يسمع أحد ظلاماتها. قال الرجل بصوت عالٍ سمعه «المشارعون» في المحكمة بعد أن سمعت هذه المرأة النطق بالحكم، تحتاجين ثلاثمائة ألف ريال أخرى استحقاق شريعة «استئناف»!!. قالت المرأة: أمره لله، عمي، جعل له عمى في الدنيا والآخرة، لقد بعت ما تحتي وما فوقي، وهو الآن استحكم عليّ!!. أجابها من طرف الممر «مشارع» آخر: ما رأيك أتزوجك وأشارع لك؟!.. انهمرت المرأة دموعاً وصاخت قدماها ظلماً، فبادر صاحب البوفيه يمطرها بقارورة شملان!!. ولا أدري إن كان هناك قانون يلزم القضاء بالترافع عن النساء، أيكون العدل هو الذي يتحمل أعباء المحاماة؟!. ولا أدري إن كانت الحكومة تستطيع أن تجذب من «أنياب» آكلي الوقف، من بعض القائمين عليه من مدراء العموم أو من المواطنين الظلمة، ليكون الوقف هو الذي يدفع أتعاب المحاماة. ألا نشعر بالخجل ونحن نرى النساء في ردهات المحاكم، بينما يمرح ويسرح غرماؤهن؛ يتباهون بالحجة المدعومة ب«اللقافة» وبداهة الحيلة، والمال السيال والمحامي اللص والقاضي الظالم؟!. طبعاً بعض المحامين وبعض القضاة في بلادنا محامون غاية في النزاهة، وقضاة غاية في العدل، فالحكم ليس عاماً، والأمثلة كثيرة لمن أراد التحقق. وقد رزقنا الله رجلاً على قدر من احترام الذات والشعور بالمسئولية وعلى رأسهم رئيس مجلس القضاء الأعلى الذي نسأل الله له التوفيق والتأييد، وأن يستمر في تصحيح الأوضاع والدفع بالكفاءات النزيهة في كل محاكمنا ونياباتنا. أحياناً أشعر وأنا أقف أمام امرأة تطلب مالاً أنها امرأة قد رأت أن «الشحاذة» مهنة رابحة، فحسبي أن أعرض عنها وأتجاهلها تماماً، فلو كانت شريفة وقد منحت صحة أن تعمل ولو في بعض البيوت، والأعمال الشريفة موجودة في كل مكان. أتمنى أن تقوم جهات الاختصاص برفع المعاناة عن المرأة، فعار علينا أن تعيش مهضومة الحق، مسلوبة الإرادة، جاهلة بحقوقها التي شرعها الإسلام الحق والشرع الصحيح.