كان هناك اضطهاد سلطوي في العصر العباسي أو بدايته، فلقد بدأ الخليفة الأول ينكل بالمعارضين من الفرس والأسرة العلوية. فقام ابن المقفع يترجم «كليلة ودمنة» لأن الخليفة كان يضيق بالرأي، فصاغ حكايات ترجمها عن الهندية وعرفت باسم «كليلة ودمنة» ليوصي بالحكمة والاحتكام إلى العقل. وليس هذا التطور في فن القصة التي لها جذور عربية، وإنما نشأ فن آخر، أو جنس من الأدب جديد اسمه «فن المقامة» وهي قصة مشجعة تقوم على الشحاذة أو الكدية. وكما هدفت «كليلة ودمنة» إلى تبصير الحاكم بضرورة العقل والرحمة بالرعية، فإن المقامة هدفت إلى تعليم الناشئة، الصغار العربية وأسس اللغة، بعد أن طغى العنصر الأعجمي في المجال العربي، وأصبح الأعاجم من فرس وأحباش وهنود وروم يكاثرون العنصر العربي. وفي العصر الحديث، بدأت ألوان الثقافة الحديثة تشرق من العرب، فتأثر بعض الأدباء العرب ينسجون على منوال القصة والرواية الغربيتين، فنجد جورجي زيدان الذي قدم من الشام إلى مصر يؤلف روايات يأخذ فكرتها من الثقافة العربية. لقد ذهبت بعض القصص تقول إن سبب نكبة الرشيد للبرامكة وقتلهم وتشريدهم، أن البرامكة كانوا على علاقة بأخت الرشيد أو واحدة من قريباته، فلما علم ذلك ذهب ينكل بهم ويخسف بهم خسفاً. والواقع غير ذلك، فإنما السبب الرئيس هو أن الرشيد قد رأى أن البرامكة استبدوا بالخلافة، ولم تكن العباسية إلا خلافة اسمية. فلم يستطع الخليفة أن يصرّف الأمور إلا بإذن؛ بل لم يستطع أن يصرف أي مبلغ من المال إلا بإذن البرامكة!!. وهذا يعني أن الخلافة قد أصبحت فارسية أعجمية، كما يقول الجاحظ، فكتب الشامي جورجي زيدان رواية «العباسية أخت الرشيد» تعتمد على الخيال ونسج أقاصيص وحكايات متخيلة من بنات أفكاره، معتمداً على حكاية أوردها التاريخ.