إحدى النساء في شرق السودان حولت ماحولها من قرى وأراضٍ من التصحر إلى الاخضرار بمبلغ زهيد من الدولارات جمعتها لعدة سنوات من أجل البدء بحفر بئر ارتوازية ومجموعة من أدوات الفلاحة التقليدية ودعت بعض الأقارب من النساء وأمثالهن من الجيران للبدء في إصلاح أول مساحة لزراعتها بالحبوب والخضروات. وانضممن إليها بحماس غير عابئات بأي صعوبات لدحر الجوع والبطالة وإنتاج مايكفي من الطعام وتصدير الفائض إلى اقرب مكان في البلاد أو ابعد من ذلك لمن يرغبون ،وتمكنّ فعلاً من لفت انظار السلطات المحلية والمركزية إلى مشروعهن الذي ذاع صيته في انحاء البلاد وأصبحن مثلاً للإرادة التي كان تحقيقها ينسب إلى الرجال.. وجاء إلى المكان رجال الإعلام خاصة التلفزيون وظهرت على الشاشة تلك المرأة العظيمة سافرة الوجه محتشمة الملبس وفي يدها قطعة من أدوات الفلاحة وهي تتحدث عن مشروعها أو فكرتها بكل حماسة بينما النساء الباقيات ادرن ظهورهن وأخفين وجوههن عن الكاميرا وواصلن العمل وسط مساحة خضراء تجري فيها المياه المرفوعة من البئر يوزعنها عبر الخطوط التي تتوسط الزرع أو يقمن بتطهير وتنظيف الباقي من الحشائش والنباتات التي تضر بالزرع بامتصاص عناصر غذائه الموجودة في التربة.. قالت تلك السيدة الجليلة إن طموحها لاينحصر في منطقتها أو قريتها وإنما يمتد إلى انحاء أخرى من السودان ،ولكن باقتباس فكرتها والاستفادة من تجربتها والتعرف على برنامجها من الناحية النظرية والعملية ولاتريد أن تدير أي مشاريع مشابهة خارج تلك المنطقة بل تقدم الرأي والمشورة لمن يطلبها سواء كانوا نساء أم رجالاً فالمهم عندها أن يقوم الإنسان بأول خطوة ولو بمبلغ بسيط جداً قد لايكفي لأي غرض محدود بحدود منزله أو محيط منزله .. وعندما يبدأ انتاج بعض مايحتاجه للاستهلاك المنزلي من حبوب وفواكه وخضروات ستتفتح آفاقه علي المزيد من المطالب والأدوات وتدريب أولاده من ذكور واناث مع أمهم للاعتماد على النفس وصولاً إلى تحقيق الغاية التي لو فكر الآخرون بكيفية الوصول إليها على غرار مافعلته تلك المرأة لأمكن تحقيق السعادة التي حرموا منها بأقل ثمن إلا الجهد العضلي الذي تهون معه الساعات الطوال في العمل بالأرض.. والأمن الغذائي البحث عنه مشقة، وتحقيقه نصر يقرن بأولئك الذين لا يعرفون اليأس ولايقنطون من رحمة الله والإنسان من هذا النوع لاتعجزه الإمكانيات وإن فشل في التجارب مرة ومرات ، فما دام مؤمناً بأن من يعمل لايخب ومن يزرع يحصد ،وهذا هو شعار ودأب تلك المرأة التي تستحق أوسمة ودعماً وتوعية على مستوى الأوطان لدفع بنات جنسها في أي مكان واشقائهن الرجال إلى مثل هذه المبادرات أو المغامرات التي تنقذ ولا تودي بحياة ومستقبل المغامر الذي لايفكر تفكيراً صحيحاً إلى الهلاك وكم نحن بحاجة إلى مثيلات هؤلاء باستثناء ملكة البرتقال اليمنية في كوكبان.