أن يكون لديك حديقة منزلية فتلك فضيلة؛ لأن الأشجار والمزروعات التي تلبي حاجات يومية للأسرة هي، إلى جانب كونها ذات مردود اقتصادي نافع تشكل أيضاً مصدراً للخير والتفاؤل، كما أن الحديقة المنزلية بما يمكن أن تحتويه تذكر صاحبها بقيمة العمل الذي يحث عليه الخالق عز وجل القائل: “من عمل عملاً صالحاً من ذكر أو أنثى فلنحيينه حياة طيبة” صدق الله العظيم “الجمهورية” تناقش أهمية الحديقة المنزلية كيف تنشأ؟ وماذا ينبغي أن تضم؟ هناك دراسات تؤكد ضرورة لجوء الأسرة إلى استغلال مساحة من الأرض في فناء المنزل لزراعة بعض المحاصيل أو النباتات كجزء من أمنها الغذائي وضمان حصولها على أوراق النباتات وجذورها سليمة من كل أذى يتصل باستخدام الأسمدة الكيميائية والمبيدات الحشرية بما لها من آثار صحية منها الأمراض الخطيرة كالسرطانات. الإعلام الزراعي ويحبذ مختصون في مجال الزراعة أن يركز الإعلام بمختلف وسائله على الاهتمام بالحديقة المنزلية، لاسيما وأن الإعلام الزراعي لا يكاد يُلمس أثره، بل ويحث هؤلاء المختصون على إدخال بعض الأنشطة الزراعية ضمن المنهج التعليمي في المدارس كي يتعود التلاميذ من الصغر على الأنشطة الزراعية وحتى يكبروا معهم عادات حسنة مرتبطة بالزراعة والانتماء للأرض ويمكن ذلك من خلال كتب التربية الوطنية وبرامج الأنشطة المدرسية كالرحلات وأعمال التشجير ورعاية المزروعات أو زيارة الحقول لملاحظة كيفية أداء المزارعين لأعمالهم والاكتفاء بمرشدين زراعيين. تعزيز علاقة الإنسان بالأرض يمكن من خلال هذه التربية والاهتمام الإعلامي بالزراعة الحضرية إحداث ثورة زراعية في البلاد حسب رأي م/منال النهاري؛ إذ إن النجاح في الجزء وفي التجارب المتفرقة عبر زراعة مساحة في جوار كل بيت يمكن أن يقوي ويعزز علاقة الناس بالأرض وتحفيز الأفراد والأسر من كل فئات المجتمع للعمل على سد بعض احتياجاتها اليومية والإسهام في تحقيق الأمن الغذائي بحيث يدرك الناس أسرار العلاقة بالزراعة وأثر الاخضرار في حياتهم ونفسياتهم، إلى جانب موائدهم ما يدفع إلى نجاحات أكبر. حب الأرض وتضيف المهندسة منال قائلة: يمكن أن يكون التقليد عاملا ناجحا؛ لأن كثيرا من الناس يقلدون العادات الحسنة عندما يرون أثرها، ولكننا نؤيد فكرة غرس هذه العادات في نفوس طلاب المدارس بحيث يؤثرون على أسرهم في البيئة المدنية بحيث تستغل مساحة في حوش المنزل للزراعة الحضرية ويكون الأبناء والبناء مشاركين في الزراعة الحضرية وتكون الحديقة المنزلية مجالاً لاختبار حب الأفراد للأرض وفوائد التشجير والاخضرار والظلال والهواء النظيف ومن منطلق أن المساحات المزروعة تساعد السّحب العادية على أن تتحول إلى سحب ماطرة، ومن المهم في المدينة كما هو في الريف أن يكون هناك جيل له حظ من الاهتمام بالزراعة وسلامة البيئة بشكل عام حتى يعكس الناس وعيهم في الواقع على الأقل يكون لهم دور في التأثير على السياسة العامة الزراعية والخطط المحلية لتوفير الأمن الغذائي واحتواء بعض الظواهر التي تضر بالبيئة المحلية باعتبار البيئة هي مخزن موارد المجتمع ويجب على الجميع المحافظة عليها بما تحتوي من أصول وراثية نباتية وخبرات تتلاشى بوفاة كبار السن. إسهام في دخل الأسرة ويرى اقتصاديون أن شيوع فكرة الحديقة المنزلية عامل مهم في ظل زيادة مساحة الفقر والبطالة في السنوات الأخيرة ما أدى إلى زيادة مساحة الفجوة بين الدخل والاستهلاك وارتفاع مؤشرات الفقر والمشاكل الاقتصادية وحسب قول الدكتور محمد على قحطان أستاذ الاقتصاد بجامعة تعز فإن تحسن معيشة المواطنين اليمنيين في ظل مؤشرات الفقر الحالية لايبدو ممكناً في الأجل المنظور نتيجة عدم الاستقرار السياسي والأمني لاسيما وأن المؤشرات الإحصائية تبين أن هناك انخفاضا في الإنتاجية الزراعية على مستوى المحاصيل الاستراتيجية كالحبوب والبقوليات. تجهيز الحديقة الحديقة المنزلية كمشروع من الأجدر بتنفيذه المرأة أم الرجل؟ ترى م/ منال أن الأهم في الأمر هو التعرف على مكونات المشروع واستيعاب الفكرة بداية فكل شخص إذا ما استوعب الفكرة حينما تعرض عليه يمكنه بشيء من التركيز والتدريب تجهيز حديقة منزلية والناس في البيئة الزراعية في الريف لا يحتاجون الكثير فهم يحتاجون أدوات زراعية بسيطة مثل الحجنة “محفر” وأمشاط ومجرفة ومعرشات صغيرة والتعرف على كيفية خلط التربة الطينية بالرملية مع السماد الطبيعي “بلدي” وبذلك يتم تجهيز التربة والأصل أن الحدائق المنزلية تحتاج تربة مفككة وليست طينية متماسكة ما يجعلها خصبة وخفيفة في آن واحد بحيث يسهل على النبات امتصاص العناصر الغذائية منها وقبل البذر يتم عمل الأحواض وزراعتها وهي عملية سهله تتدرب عليها المرأة أو الرجل قبل أن إلقاء البذور إما نثراً أو في خطوط يعقب ذلك عملية الري والريّة الأولى يجب أن تكون بالرش بما يشبه تساقط قطرات المطر الخفيفة حتى لا تخرج البذور من مكانها وبذور الحدائق المنزلية عادة صغيرة الحجم منها بذور الكبزرة- الجرجير- الفاصوليا- ومعها الطماطم والبسباس- والبطاط - البقدونس- النباتات العطرية وكثير مما يمكن زراعته، إلى جانب الزهور والورود والنباتات ذات القيمة الطيبة الوقائية والعلاجية وما دامت الحديقة في عهدة المزارع ذكراً أو أنثى تعطي ويتبارك العطاء ولكل مجتهد نصيب فالأرض وإن صغرت المساحة لا تبخل على من يرعاها عن حب وبقدر الحب والجهد تستفيد الأسرة فتوفر حاجة المطبخ وحسب حجم الإنتاج تتصرف بالباقي وتحصل على حاجات أخرى. تنمية مستدامة - وعن دور الجمعيات الزراعية والنجاحات المحققة في هذا الجانب تقول م/ منال: هناك نجاحات متواصلة مكنت أسرا فقيرة كثيرة لاسيما في مرتفعات مديرية صبر الموادم وفي غيرها ممن عادوا إلى خبرات الآباء والأجداد في الريف ونعمل في إطار تنمية الزراعة المستدامة في مرتفعات محافظة تعز المدعوم من مشروع أيديشال الفرنسي والجمعية اليمنية الزراعية المستدامة على تدريب ودعم المستفيدين وتزويدهم بالبذور المحلية التي كادت تنقرض وتمكينهم من خلال دورات تدريبية على إنشاء حدائق منزلية وهم الآن يعيدون فائض البذور للجمعية التي سبق لهم أن اقتروضوها منها وذلك يساهم في تحقيق الأمن الغذائي لكثير من الأسر الفقيرة التي تملك مساحات من الأرض لإنشاء هذه الحدائق إلى جانب تنفيذ فكرة المشاتل الجماعية حيث قامت الفكرة على إنشاء مشاتل من هذا النوع، إلى جانب المسائل الفردية في كل قرية لتوفير احتياجات الحدائق المنزلية من البذور وتقوم جمعية تنمية الزراعة المستدامة بتوفير الأكياس للمستفيدين “زراعة الأكياس” والأدوات الزراعية مع شبك حماية وبذور بلدي وأهمية زراعة الشتلات في أكياس هدفها التقليل من استخدام المياه التي هي شحيحة في الأصل كما تقلل من الفاقد في النباتات وتوفر كثيرا من الجهد على صاحب الحديقة. الشتلات بسعر تشجيعي - المزارع سعيد هزاع يؤكد أهمية دور الجمعية في دعم الحديقة المنزلية وقيامها بشراء الشتلات من المزارع بسعر تشجيعي وتوزيعها لأصحاب الحدائق الأخرى بشرط أن يقوم المستفيد بإكثار البذور ويهتم بالحديقة ويقدم بذور لأقرانه في قريته من خلال المرشد الزراعي حتى يعم الخير ويقل اعتماد الفقراء على الشراء من الأسواق مضيفاً أن الأصل هو النية وبذل الجهد بدلاً من قضاء أوقات الفراغ فيما لا يفيد أو الصراع على مياه الشرب من أجل زراعة القات في أيام الجفاف لاستنبات القات وإغراقه بالمبيدات الحشرية. شحة المياه - ورغم أن شحة المياه مشكلة خاصة في فصل الشتاء في كثير من المناطق إلا أنه ومن الناحية الأخلاقية تحتاج الأسرة إلى بذل جهود حقيقة لإعادة النظر فيما حولها وقبل ذلك تغير ما في النفس كي تستعيد الأرض عافيتها وتعطي كما كانت أيام زمان. هذا ما تراه م/ منال حيث تقول: كان الناس يتوكلون على الله فتجود الأرض بالخيرات وكان الناس يعملون أكثر مما يتحدثون وكان ظنهم بالله قوياً وهذا ما نحتاجه الآن بعد أن تعرضت الزراعة المطرية في المرتفعات إلى الإهمال ونسي الناس دور الحديقة المنزلية وغرس ما ينفع على هامش الزراعة فالمشقار انقرض عندما سهل الحصول على العطورات من السوق الخارجية وهو ما لم يفقده الناس في المناطق النائية، وإن كانت المرأة في هذه المناطق أكثر عناءً من حيث تحمل مسئولية العمل في الأرض الزراعية ولا تجد الرعاية الصحية المناسبة ولابد أن يدرك الشباب ذلك ما دموا يتعلمون في قراهم وأحياناً يقضون سنوات بلا عمل أو أنهم يهاجرون إلى المدن ولهذا نطالب بمدارس متخصصة في مراكز المديريات تؤهل الشباب لما يخدم بقاءهم في الريف وتجعلهم على علاقة بالأرض وليس فقط الحدائق المنزلية وهذه مسئولية الدولة لأن الفقراء معظمهم أميون وهم مزارعون يحتاجون إلى قروض أو دعم من نوع ما كتأجير أراض من أملاك الأوقاف لزراعتها بدلاً من بقاء الكثيرين عاطلين. المرأة الريفية - المرأة المتعلقة في الريف وإن كانت تبحث عن التأهيل في مجالات التربية والتعليم والصحة إلا أنها معنية بأن تكون لها بصمة في إنشاء الحدائق المنزلية، وإن كان هناك من يرى أن التأهيل في مجال الزراعة يحولها إلى فلاحة أو رعوية، حسب رأي م/منال التي تقول: عندما قررت دخول كلية الزراعة قالوا لي: هل يعقل أن تتعلمي لتكوني رعوية؟! لكنني حينما أسهم اليوم في إنشاء حديقة منزلية أرى علاقتي بالأرض قوية وأتمنى أن يغير الناس ما في نفوسهم ونعمل جميعاً في الريف والحضر كي تكون اليمن في مستوى من العيش يحقق فيه الأمن الغذائي وهذا بدرجة أولى من مهام الشباب ولنجعل من الحديقة المنزلية الركن الخامس من أركان المنزل، بل لنجعل منها إسهاماً في بناء حديقتنا الكبرى اليمن الخالي من الفقر وهدر الموارد ..ترى هل نستطيع ذلك؟!