لا أعتقد أن أي أب لم يفرح للانتصار الذي حمله قاضي محكمة غرب تعز في حكمه بشأن قضية الطفلة المرحومة نسيبة، التي شغلت قضيتها الرأي العام اليمني كله، وجعلت المجتمع اليمني بكافة أطيافه..وليس سكان مدينة تعز فقط، يترقب هذه النهاية، التي لو لم تكن انتهت كما انتهت إليه أول من أمس لفقدنا أملنا نهائياً بالقضاء، الذي انتصر هذه المرأة لأسرة نسيبة وللأطفال ممن هم في عمر نسيبة، وحتى ممن هم في سن أكبر منها وللآباء جميعاً الذين شعروا أن نسيبة هي ابنتهم وأن دماءها الزكية توزعت عليهم جميعا نقطة نقطة، وأن روحها الطاهرة سكنت قلوبهم ولن تخرج منها أبداً. سترتاح نسيبة اليوم في قبرها ملفوفة بحب الناس وتعاطفهم معها، وستبقى روحها البريئة محلقة في سمائنا جميعاً، ولن يرتاح وحشها القابع خلف قضبان السجن، والمقبل على الإعدام خلال أيام، حتى وهو في قبره. فمن ذا الذي سينزل عليه سكينته؟ لقد غضب عليه الرحمن، وهو خالقه وخالقنا جميعاً، بسبب فعلته الدنيئة التي حولته من إنسان خلقه الله ليكون إنساناً سوياً إلى ذئب بشري، فماذا كان ينتظر أكثر مما حصل عليه من قاضي المحكمة، وماذا جنى من كان يدافع عنه؟ اليوم يحق لأسرة الطفلة نسيبة أن ترتاح من مخاوف عدم إحقاق الحق الذي كان يساور البعض منا في بعض مراحل القضية، ولكن هل يمكن نسيان هذا الطيف الرائع الذي سكن في جوارح أهلها لسنوات خمس فقط؟ هل يمكن نسيان تلك العيون البريئة الضاحكة وهي تلعب بشقاوة، كما بقية الأطفال؟ هل يمكن للمجتمع التعزي الذي تضامن مع أسرة الضحية البريئة كما لم يتضامن من قبل مع أية قضية أخرى، أن ينسى صورة الطفلة البريئة، وهي تلهو وتلعب، وصورتها الأخرى وهي جثة هامدة بلا حراك بعد أن عبث الذئب البشري بجسدها الغض؟ أية صورة يمكن أن يحتفظ بها المجتمع التعزي للطفلة نسيبة، وأية حرقة يمكن أن تبكي نسيبة؟ أية صورة يمكن أن تبقى للذئب البشري في أذهان المجتمع التعزي، وأية صورة مشرقة يمكن أن تحفظ للقضاء احترامه وهيبته..؟ لقد فضحت نسيبة، وهي في سن الخامسة من العمر تلك البراميل البشرية التي حاولت الالتفاف على سير القضية وحرف مسارها بالتشكيك بعمر ذلك الذئب الذي سرق عمر الطفلة البريئة بطريقة وحشية، ولم تجد هذه البراميل سوى الصد والرفض لمساعيها الخبيثة الداعية لحرف مسار القضية. انتصر القضاء في قضية نسيبة فكان هذا النصر وساماً على صدر القاضي الذي لم يأبه لتقارير البراميل وتزويرهم والعبث بالتقارير الطبية، ولن ينسى الناس روح نسيبة الذي مازال يحلق فوق رؤوسهم جميعاً.. فلها الرحمة.