من صعيد جبل عرفات تشكلت وحدة المسلمين السابقين منهم واللاحقين بقيادة خاتم الأنبياء والرسل محمد صلى الله عليه وسلم توحدوا بزيهم الأبيض البسيط أغنياء وفقراء، البيض والسود والصفر.. فكانوا خير أمة من أمم الأرض بحق لما قدموا من تضحيات وصبر على كفار قريش الذين أذاقوا محمداً وأصحابه ألوان التعذيب بالسياط وبالنار وبالرجم بالحجارة والحصار الغذائي والدعاية التي كان يبرع فيها المنافقون واليهود. اليوم ينحر أكثر من مليونين من كل الجنسيات الأضحيات اقتداءً بحاديهم الأمين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ختام المناسك التي لم يبقَ منها إلا أيام التشريق وهم في فرحة غامرة وعزم على قضاء بقية حياتهم كيوم ولدتهم أمهاتهم تلهج ألسنتهم بالدعاء بأن يحفظ الله الإسلام والمسلمين ويرد كيد أعدائهم في نحورهم وينصرهم عليهم في كل مكان. فالكائدون للإسلام والمسلمين يزدادون حقداً كلما فشلوا في التنصير والتبشير والقدح في شخص رسول الله وفي القرآن الكريم بالمؤلفات والكتابات والمؤتمرات وبالرسوم المسيئة والاتهامات بالإرهاب والعدوانية والتخلف. وقد كان الأعداء يمنون أنفسهم بالنجاح في ضرب الإسلام والمسلمين عقب أحداث سبتمبر عام 2001م في الولاياتالمتحدة ونعتهم بأقذع الكلام، بل والتهديد بشن حرب صليبية جديدة لا تقوم للمسلمين بعدها قائمة. وأبى الله إلا أن يردعهم ويصدمهم بدخول الكثير من الامريكيين والاوروبيين في الإسلام، ما حدا بهم إلى ارتكاب الجرائم التي شملت قتل وتعذيب العراقيين وانتهاك أعراضهم وكرامتهم وتدمير كل مرفق ومصنع وزرع وتفتيت وحدتهم وتقسيم أراضيهم وخلق الفتن الطائفية والعرقية والقومية بينهم. أدى أكثر من مليوني حاج أهم المناسك بالوقوف على صعيد عرفات والمبيت في منى ورمي الجمرات ونحر الأضحيات ليبدأ التشريق والاستعداد للعودة كل إلى وطنه ومدينته وقريته ذنوبهم مغفورة وسعيهم مشكور وألا يخدشوا صورهم بعد الحج بما يفقدهم المكسب الكبير الذي يتمناه غيرهم ممن لم يستطيعوا أداء الفريضة لمرض أو فقر، ومن يعتقدون أن من حج قد غفر له ما سبق من أعمال منافية لروح الإسلام وسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم فليس من حجه إلا التعب والخسران. في السنوات الثمان الأخيرة دخل الإسلام مئات بل آلاف من المسيحيين وغيرهم فأحسنوا إسلامهم وتعمقوا في الدين قبل اعتناقهم الإسلام، وقالوا إنهم وجدوا فيه ضالتهم المنشودة واكتشفوا أن الذين يسيئون إلى الإسلام والمسلمين لو عرفوا حقيقته لدخلوه زرافات ووحدانا. ومع ذلك فالمناهضون وعلى رأسهم الصهيونية والمسيحيون واليهود والمتطرفون المتعصبون لم يستطيعوا إثناء شخصيات كبيرة من رجال ونساء عن اعتناق الإسلام رغم محاولاتهم وتهديداتهم والتشهير بتلك الشخصيات، وأصبح بعض هؤلاء المسلمين من الدعاة والمفكرين الإسلاميين المرموقين وسفراء ومدافعين بحماس واقتدار عن الإسلام والمسلمين. وفي هذه الأثناء يرتكب بعض المسلمين وخاصة العرب أخطاء ضد بعضهم البعض حكاماً ومحكومين وضعتهم في مرمى الساخرين الشامتين، كما هو الحال اليوم آخذين من الخلافات والشتائم والعداوات الناشبة بين الأنظمة والشعوب على مستوى الداخل والخارج منطلقاً للنيل من الجميع ومن حقيقة وجوهر الدين الإسلامي ويضربون بهم المثل بين شعوبهم ويحرضونها على الذين ينتمون إليها لدخولهم الإسلام وشرحه وتحبيبه بين أبناء جلدتهم كدين منقذ بعدالته وقيمه النبيلة، خاصة الذين يؤدون فريضة الحج والفروض في أوقاتها.