مما لا يختلف عليه اثنان أن الوحدة اليمنية قدَر اليمنيين المحتوم بل قد تعلقت آمالهم على قيامها فترةً من الزمن حتى أراد الله إعادة تحقيقها على يد فخامة الأخ علي عبد الله صالح - رئيس الجمهورية -حفظه الله في الثاني والعشرين من مايو 1990م فكان ذلك اليوم يوماً عظيماً بكل ما تحويه هذه الكلمة من معنى ، وله دلالات تاريخية يعلمها الجميع ، وفي ذلك اليوم المجيد ولى عهد الشمولية والحرمان والظلم وتأميم الممتلكات وقمع الحريات التي عاناها إخواننا في المناطق الجنوبية من الوطن آنذاك ، ودخلت اليمن عهداً وحدوياً جديداً نال فيه الجميع ما تمنوه من مشاركة في العملية السياسية عبر الاحتكام لصناديق الاقتراع وعمّ العدل والرخاء والأمن والطمأنينة وصار الجميع تحت مظلة الوحدة اليمنية ينعم بخيراتها ، وأصبح اليمن واحداً، الهدفُ واحد هو الحفاظ على الوطن ، حتى حاول الخونة الانفصاليون تعكير جو الوحدة بالدعوة إلى الانفصال صيف 1994م فكان الشعب والقوات المسلحة والأمن لهم بالمرصاد فأصابوهم بخيبة الأمل والنكسة وانتصرت إرادة الحق وهي إرادة الشعب وبقيت الوحدة وتثبتت جذورها في السابع من يوليو 1994م وإلى الأبد، فجميع الوطنيين كانوا حُماتها وسيفدونها بالأرواح والدماء متى ما احتاج الوطن ذلك . إن ما يقوم به عناصر التخريب من أعمال إرهابية قد وصل إلى الحد الذي لا يُطاقُ تحمله وأصبح من الضروري والواجب على السلطة أن تقوم بدورها الشرعي والقانوني تجاه كل هذه الاعتداءات والأعمال الإرهابية التي تضر بمصلحة الوطن وتؤثر سلباً على مستقبله ، فالتعدي الكبير على أرواح المواطنين وممتلكاتهم أمرٌ في غاية الخطورة يُحتّم على الدولة الوقوف بحزم تجاهه؛ لأن عناصر التخريب قد زادوا في غيهم الذي ارتكبوه ويرتكبونه بحق الوطن والأمة ، وبلا شك فإن الأرقام التي نُشرت لعدد القتلى في محافظة الضالع فقط جراء أعمال الفوضى غير المبررة على الإطلاق رقمٌ عالٍ جداً ويؤكد أن هؤلاء المخربين يعون ما يفعلون وأن كل الأعمال التي يقومون بها ليست أعمالاً عفوية أو عابرة بل تؤكد تأكيداً قاطعاً بأنهم يحترفون الإجرام احترافاً ويدخل إجرامهم هذا في نطاق الإجرام المنظم ، لأنهم شربوا من كأس العمالة وأخذوا مقابل إشعال الفوضى والفتنة ثمناً حتى صاروا عملاء وقيادات لا يُفتخر بها والتي يعلم الجميع مكان تواجدها في بعض العواصم يتسكعون في ضواحيها ، هؤلاء أصبح الوطن لا يعني لهم شيئاً ، فمثلما خانوه مراراً هم مستعدون لخيانته متى ما سنحت لهم الفرصة لأنهم يقبضون الثمن . وما يستغربه الجميع هو صمت الصامتين ممن يعتبرون أنفسهم وطنيين وأصبحوا كالمتفرجين لكل ما يحدث، وكأن الأمر لا يعني لهم شيئاً ، فهذا الصمت من وجهة نظري لا يعتبر إلا تأييداً لما يقوم به المجرمون ، لذلك أقول لهم : لله ثم للوطن اتركوا تمييع المواقف وقفوا مع الوطن وقفة الرجال الأبطال ، أقول لهم: لله ثم للوطن ادحروا كل داعٍ للفتنة ومشعلٍ لها ، أقول لهم : لله ثم للوطن حافظوا على وحدة اليمن وسيادته وأمنه واستقراره من كل دعاة التمزق والفرقة ، أقولُ لهم : لله ثم الوطن قفوا ضد كل من يطمح بالعودة بالوطن إلى عصر الإمامة البغيضة وعصر السلاطين والتخلف والفقر والمرض والجهل ، أقول لهم : لله ثم للوطن افضحوا كل المؤامرات الرخيصة والدنيئة التي تحاك ضد الوطن وافضحوا كل عميلٍ وخائن ومرتزقٍ يسعى لنيل مكاسب شخصية على حساب الوطن . أما الذين تجرأوا على الوطن وسيادته وقيادته عبر بعض الصحف والمنابر الإعلامية التي أصبحت منابر إشعالٍ للفتنة ولم تلتزم الحيادية في أداء الرسالة التي قامت من أجلها ، أتمنى على القائمين عليها أن يُراجعوا حساباتهم وأن يعلموا بأن الوطن كالسفينة إذا غرقت لن ينجو منها أحد ، وعليهم أن يحذروا لعنة التاريخ التي سوف تلحقهم أينما ذهبوا ، فالمشهد اليوم لا يَسُرُّ أحداً على الإطلاق ، فماذا تعني التصرفات والدعوات الهمجية أو تأييد كل ما سبق ...؟ من خلال النظر للواقع الذي نعيشه ونلحظه لا يمكن تفسير هذه الدعوات الهمجية إلا بالتخلف والرجعية وخفة العقول إن كانت لدى العناصر الداعية إليها عقول في الأصل ، فنحن في زمن تتسارع فيه عقارب الساعة من أجل السعي إلى الاندماج السياسي والاقتصادي على مستوى العالم، فهل من عاقلٍ يفقه هذا الأمر ؟ أخيراً لا بُدّ أن نتذكر قول الله تعالى : (( فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض )) صدق الله العظيم .. والله من وراء القصد .