إن ردود الفعل الجماهيرية الواسعة التي عبّرت عنها الفعاليات السياسية والاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني تجاه المبادرة الوطنية التي أقرّها مجلس الدفاع الوطني، وأكدتها رسائل رئيس الجمهورية إلى مجلس الشورى، قد عبرت بجلاء على التفاعل الجمعي مع تلك الدعوة التي قطعت الطريق على الذين يزايدون ويطلقون الدعوات والتباكي على ما يسمونه بالهامش الديمقراطي. وهاهم اليوم أمام محك لاختبار مصداقية ادعاءاتهم ونوياهم تجاه الوطن، فقد ندر قولهم وفعلهم في سبيل حماية الوطن ومصالحه العليا، وكثر قولهم وتشفيهم فيه. فهل لديهم الجرأة على اقتناص الفرصة التي تحفظ لهم ماء الوجه ومن ثم المبادرة إلى المشاركة في الحوار لطرح ما لديهم لخدمة البلاد والعباد، أم أنهم سيفرطون فيها أيضاً دون إدراك مسئولياتهم الوطنية؟!. ولئن كانت الدعوة الوطنية إلى الحوار شاملة جامعة ولم تستثن أحداً؛ فإن تلك الشمولية الجامعة قد أفصحت عن حقيقة حرص القيادة السياسية على أهمية توسيع قاعدة المشاركة الشعبية، وبالتالي وضعت أحزاب اللقاء المشترك تحت الرقابة الشعبية التي ستحكم على فعل هذه الأحزاب التي مارست خلال الفترة الماضية العديد من أساليب المماطلة والادعاءات الباطلة بهدف ممارسة الكيد السياسي والتغرير بالبسطاء من الناس. الأمر الذي جعل من هذه الدعوة الشاملة الجامعة للحوار الوطني تنفيذاً للبند الأول من اتفاق فبراير الماضي الذي نص على أهمية إعطاء فرصة كاملة للأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني لمناقشة التعديلات الدستورية اللازمة لإصلاح النظام السياسي وتحديث النظم الانتخابية. ولذلك كله فإن الرؤية الثاقبة التي ينبغي انتهاجها بمسئولية عالية هي عدم التخلف عن هذا الحوار الجامع؛ لأن عدم المشاركة في هذا الحوار الوطني الهام سيعطي مؤشراً واضحاً على عدم التفاعل مع قضايا الوطن وهموم وتطلعات الجماهير. وربما يترسخ في أذهان الناس أن الذين يتخلفون عن الحوار أو يضعون شروطاً أخرى إنما يمارسون حرباً على الوطن بالوكالة، ويسعون إلى أذية المواطن، ويضعون العراقيل أمام التنمية. فهل يدرك الجميع هذه الحقائق ومن ثم يبادرون إلى المشاركة في الحوار بفاعلية ومسئولية؟!. نأمل ذلك بإذن الله.