قام الرئيس الجديد للحكومة اللبنانية في زيارة لسوريا استغرقت يومين. ولقد انقسم اللبنانيون فريقين إزاء هذه الزيارة: فريق لاحظ أن هذه الزيارة بمثابة اعتراف بدور سوريا، وأن هذا الاعتراف قد لا يقف عند هذا الحد وإنما سيكون ارتهاناً جديداً لسوريا التي تزعم أنها مفتاح المشكل وقفله معاً، ليس في لبنان وحسب، وإنما في المنطقة عموماً. أما الفريق الآخر فيرى أن هذه الزيارة ضرورية؛ لأنها ستجلو الغيش وسوف تزيل التوتر الذي لحق بالعلاقات بين النظامين السوري واللبناني. لقد توترت العلاقة بين الطرفين إلى درجة اشتعال الفتنة، وكادت تقع حرب بينهما، بل ربما قام اللبنانيون موالاة ومعارضة بالحرب نيابة!! لقد كان من أسباب توتر العلاقة بين سورياولبنان اغتيال رفيق الحريري رئيس وزراء لبنان والد رئيس الوزراء الحالي، واتهم الحريري الابن سوريا بأنها قامت بإنجاز هذا الفعل، بل إن بعض الأطراف العربية قد وصل بها التعاطف مع الحدث إلى درجة أن جمدت العلاقات أو على الأقل عرضتها للجمود مع سوريا، كالسعودية ومصر، ودعمت السعودية في اتجاه المحكمة الدولية للتعرف على المجرم الحقيقي، ولم تظهر بوادر حتى الآن إلا لتدل على أن صاحب المصلحة الحقيقية في اغتيال الحريري هو الكيان الإسرائيلي الذي يسرح موساده في كثير من أرض العروبة والإسلام. الواقع أن لإيران مصلحة في لبنان، كما لأمريكا، فلبنان قلب الشرق الأوسط، وهو ملاصق لفلسطين المحتلة، وهو ساحل المتوسط وملتقى الديمقراطية في العالم.. وبناء على ذلك فلقد كان على اللبنانيين أن يضعوا هذا الأمر بعين الاعتبار. لقد كنا مشغولين شعوباً بوجه خاص وقلقين على لبنان الوطن النازح البعيد، غير أننا كنا نراهن على وعي لبنان الذي سبق أي وعي عربي. إن مسألة المصالحة بين النظامين السوري واللبناني أمر يسعد كل العرب والحريري والأسد يعلمان قبل غيرهما. لقد أثبت التاريخ أن لا استقرار لأي قطر عربي إلا بالاستقرار، وواجب الزعماء العرب ردم الهوات وإصلاح ذات البين.