أثبتت الأيام ومستجداتها أن الوطن أغلى من أي شيء في الوجود من المحسوسات والملموسات، لأنه مصدر اعتزاز الفرد ومنبع شموخه وأصل انتمائه وبطاقة التعريف به أمام الآخرين. ولا يعرف هذه القيم والمبادئ إلا الذين فقدوا أوطانهم إما بالاحتلال أو الكوارث الطبيعية، أو الذين باعوا هويتهم للشيطان مقابل مال مدنس. ولا يشعر بقساوة الإذلال والامتهان بدرجة أكثر من غيرهم إلا أولئك الذين باعوا الهوية وفرطوا فيها مقابل مال مدنس. فبمجرد انتهاء ذلك الثمن من المال المدنس يخرج أولئك المدنسون على العالم يتسكعون؛ تلحظ في وجوههم المنحوسة الحسرة والندامة على تفريطهم في هويتهم الوطنية وتنكرهم لموطنهم، ويندمون في وقت لا ينفع فيه الندم. إن التفريط بالهوية الوطنية أمر في غاية الخطورة؛ يجعل المفرط مجهول الهوية، فاقداً للانتماء، وأول من ينبذه هم أولئك الذين دفعوا له ثمن تنازله عن هويته. بل إن المفرط في هويته الوطنية مقابل الثمن الرخيص والمال المدنس يظل مطارداً ولا يقبله أحد، وتظل اللعنة تلاحقه في كل مكان باعتباره خائناً لوطنه. وهذه الحالة تنطبق على الذين يتنكرون لموطنهم اليمن وينكرون انتماءهم إليه، وكأنهم بسلوكهم هذا المشين هم الذين يزينون الوطن بانتمائهم إليه. ولا يدركون بأنهم هم الذين سيخسرون، وهم وحدهم الذين سيظلون مطاردين في كل مكان لأنهم دون هوية، وأن المال الذي استلموه مقابل بيع الهوية لن ينفعهم ولن يمنحهم وطناً يمكن أن ينتموا إليه. وتراب اليمن لا يمكن أن يقبل بأحدٍ فوقه خانه وتنكر لانتمائه إليه؛ لأن الأرض اليمنية الواحدة من سقطرى إلى الصحراء طاهرة كماء البحر تلفظ الجيفة ولا تقبل إلا بمن يقدس ترابها ويعتز بالانتماء إليها. فهل يدرك الحراكيون العنصريون المخربون خطورة تنكرهم لليمن الأرض والإنسان، ويكفوا عن أذاهم للوطن، وأن المال المدنس الذي يصلهم لن يدوم؟!. ولا يبقى إلا الوطن اليمني الواحد ولو كره الحاقدون.