المشكلة الحقيقية التي نواجهها تكمن في تعظيم المشكلات الصغيرة وتعظيم المعاناة لتأخذ حجماً أكبر من حجمها الطبيعي وأسباباً يُنظر إليها بعين التعظيم والمبالغة.. والمسألة ليست عفوية لكنها تنطوي على أهداف ليست نبيلة اطلاقاً. هناك مشكلات تواجه الأفراد والمجتمع ، هذا صحيح لكن جرى ويجري تصويرها ووصفها على خلاف حجمها الطبيعي وكثيراً ما تعمّم على أنها مشكلة عامة في حين هي أقل من ذلك. هذا التعامل مع المشكلات حوّلها إلى أزمات وعظُمت الأزمات إلى معضلات يستفيد منها من يسعده هذا الوضع ،ومن المؤسف حقاً أن يكون هناك من يحلو له تعقيد الأمور بهذه الطريقة فتعظم المشكلات والأزمات وتعظم المعاناة فعلاً ويعجز الجميع عن حلها حتى أولئك الذين نفخوا فيها لتكبر وجدوا أنفسهم حيارى كيف وصلت إلى هذا الحد؟ وهكذا عاقبة الفوضى غير المدروسة وغير المحسوبة من كل الزوايا تتمرد على الجميع حتى أصحابها وحتى على منظِّريها والداعين لها أملاً في تحقيق مكاسب وأهداف ظنوا أنها ستأتي من باب تعظيم معاناة الناس للناس واقناعهم بأن معاناتهم ومشكلاتهم أكبر مما ينظرون إليها. وعلى هذا الأساس جرى التعاطي معها لتكبر فعلاً بسبب طريقة التعبير عنها ومن خلال الحلول المطروحة وهي حلول لن تخفف معاناة ولن تسكت مشكلة وإن بدا الأمر كذلك ولسوف يكتشف الجميع أن شياطين الأنس قد زيّنوا لهم سوء الفهم لمشكلاتهم أولاً وعظّموا لهم هذه المشكلات والمعاناة ثانياً ثم دفعوا بهم نحو تصرفات وأعمال تحت مسميات ومطالب مختلفة للتعبير عن رؤيتهم للمشكلة والحلول المطلوبة وإذا بالأوضاع تتعقد وتتأزم أكثر، لأنها أخذت أبعاداً غير واقعية، ومن الواضح أن الاقتناع بعظمة المعاناة أفرز تعقيداً لها وبمجرد أن بدأت مطالب الحلول الخاطئة تلوح وتنزل إلى الأرض حتى تكشّفت خيوط اللعبة والأهداف الكامنة خلف فكرة تعظيم مشاكل الناس ومعاناتهم والدفع بهم نحو التعبير عنها بشكل خاطئ. الحلول الخاطئة هي الآن تُطرح من باب التخويف والتهديد وقد جاءت امتداداً لمخطط اقناع الناس أن معاناتهم أكبر مما يحسون به وهو احساس طبيعي يحدث في كل المجتمعات إذ لايوجد بلد أو مجتمع مثالي لا وجود فيه للمعاناة بصورة أو بأخرى ، غير أن الاستغلال البشع لمعاناة الناس ومشكلاتهم قلّ أن يوجد وقلّ أن يوجد من يسعى من ابناء البلد لتعظيم المعاناة واقناع الناس بضرورة الفوضى من أجل الحلول.. قلّ أن نجد هذا في كثير من المجتمعات والبلدان لكن هذا الذي يحدث في بلادنا اليوم. لقد سعى البعض سعياً حثيثاً غير مدروس لاشعال نار المعاناة في قلوب الناس والزج بهم إلى الشوارع تحت وطأة الاحساس بمعاناة لا وجود لها إلا في أجندات منظّري الفوضى ودعاة الخراب .. قبل أن تنطق حلول الدمار اتضحت معالم المستقبل الذي سيصاحب تلك الحلول التي لن تتحقق بإذن الله تعالى وبفضل الأوفياء والعقلاء الذين لن يسمحوا لتلك الحلول بالعبور حتى لا تحل الطامة على الجميع ولأنها في الأساس حلول خاطئة من درجة الانتحار الذي يظن صاحبه بأنه من خلاله قد انتصر على المشكلة في حين انهزم ودفع حياته ثمناً، وأحسب أن المجتمع اليمني لن يقبل بالانتحار الجماعي من خلال قبوله بما يُطرح من حلول سوف تأتي على الجميع دون استثناء.