هيمنت اليابان على الأسواق والاقتصاد العالمي منذ أن أسدلت الحرب العالمية آثارها المدمرة على هذا البلد الذي تلقى ضربتين نوويتين عام 45م ارتجت لها وخافت منها كل الشعوب بما فيها الدول المنافسة للولايات المتحدة في تلك الفترة وعلى رأسها الاتحاد السوفيتي. والجنس الأصفر الآن نرى فيه يأجوج ومأجوج، وقال المفسرون إن هؤلاء القوم سيشربون مياه البحار لكثرتهم ويأكلون بقية البشر، فإذا بالأيام تقول عكس ذلك بالمعنى الذي توارثته الأجيال، فهم الآن قد تفوّقوا على غيرهم في العلوم والصناعة والزراعة يتنافسون فيما بينهم ويسيطرون على معظم أسواق العالم بسلعهم التي لا تحصى وبأسعار زهيدة جداً بالمقارنة مع أسعار الدول الصناعية العريقة التي سبقت اليابان بعدة عقود. اليوم يقول الصينيون إن احتياطهم من النقد الأجنبي هو تريليونان وأربعمائة مليار، وإنهم حققوا معدل نمو فاق التوقعات في عام 2009م، وهو عام نكبة الاقتصاد العالمي في كل من أمريكا وأوروبا وأيضاً اليابان، ولو أنها أي اليابان استعادت عافيتها وتغلبت على الأزمات المالية والصناعية وتستعد لأن تعود إلى ما كانت عليه قبل عام 2008م منافسة بجدارة ومتفوقة أحياناً على الولاياتالمتحدة التي تربعت على المرتبة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية. الصينيون يحققون معجزات اقتصادية مبهرة بفضل السياسات التي انتهجتها قيادتهم التي بدأت بوضع خطط خاصة فور موت "ماوتسي تونج" الزعيم الذي وضع للصينيين برنامجاً مثالياً جعلهم نموذجاً في العمل والإخلاص والصدق والتواضع بعد أن كانت بريطانيا قد أغرقتهم بالمخدرات والدعارة واللصوصية أثناء احتلالها لأجزاء من الأراضي والجزر الصينية في بداية القرن العشرين ونهاية القرن التاسع عشر ومنها جزيرة هونج كونج التي استقلت عام 97م وعادت إلى حضن الصين الأم وسط فرحة الصينيين وبكاء البريطانيين وعملائها. إن ملياراً وثلاثمائة مليون صيني كما يبدو قادرون على تحقيق معجزات جديدة أخرى ويسيطرون على العالم بإبداعاتهم ومشاريعهم في أنحاء شتى من الكرة الأرضية كمستثمرين أذكياء وإعلاميين من الدرجة الأولى، وحكماء في سياساتهم التي تجعلهم أصدقاء للجميع بما فيهم الذين يخشونهم في القضايا العسكرية والفضائية والسلاح والنفط والصناعات البديلة لكل ما يعتمد على البترول والغاز في تحريك السيارات والمصانع والطاقة الكهربائية من باطن الأرض أو مخلفات الحيوانات والإنسان. أما نحن العرب بالذات، فلا نجيد إلا المناكفات والمكائد والدسائس والكراهية والحسد؛ الأمر الذي يجعلنا نراوح أماكننا؛ نأكل مما لا نزرع، ونلبس مما لا نصنع، ونستورد من الإبرة إلى الصاروخ، ونتفاخر بما نقتني، ونبني المدن وناطحات السحاب والشوارع الفسيحة الفخمة فقط!!.