تظل الصين العملاق المتأهب للتقدم والانطلاق وتحث الخطي لان تأخذ مكانها بين الأقطاب العمالقة المتحكمين بمصير العالم والتأثير في القرار العالمي حيث استطاعت ان تصل الى الفضاء والتصنيع النووي والعسكري والمدني وان تنافس الصناعات اليابانية والأمريكية حتى وصلت صناعاتها الى كل بيت وغزت أسواق العالم. ان الثورة الصينية التي قادها ماوتسي تونج عام 1948 ضد نظام الأباطرة وسيطرة الإقطاعيون على الأراضي والتحكم بمصير مئات الملايين من الصينيين واستعبادهم من قبل الاقطاعيين وكبار الملاك حيث كان أباطرة الصين يحكمون الشعب من داخل المدينة المحرمة التي يصل اعداد الغرف فيها إلى عشرة ألف غرفة كان آخر أباطرتها ضعيف الشخصية واستطاع ماوتسي تونج قيادة أعظم ثورة ثقافية عرفها العالم من خلال تثقيف الشعب الصيني وسقط اثناء الثورة الثقافية مليون صيني. لقد استطاع ماوتسي الانتقال بالصين من بلد اقطاعي متخلف الى دولة عظمى رغم النهج الماركسي على الطريقة الصينية المعتمد على الفلاحين وكانت على خلاف مستمر مع الاتحاد السوفيتي من الناحية الايدلوجية. ان انتهاج النظام الاشتراكي التقدمي جعل من الصين ملاذا لحركة التحرر في العالم الثالث من خلال تلك العلاقة الوثيقة مع مصر عبد الناصر حيث وقفت الصين الى جانب مصر ويوغسلافيا والهند واندنوسيا في تأسيس حركة الحياد الايجابي وعدم الانحياز، والتقى كل من عبدالناصر وتيتو ونهرو واحمد سيكاتوري وشوين لاي رئيس وزراء الصين الذي توسط لمصر في الحصول على السلاح الشرقي ووصول اول شحنة سلاح من تشيك سلوفاكيا وبذلك كانت مصر تكسر احتكار السلاح وتبني علاقات مع المعسكر الشرقي في الوقت ذاته تحافظ على حيادها من خلال لعبها دورا استراتيجيا في تأسيس حركة الحياد الايجابي وعدم الانحياز. لقد وظفت مصر يومها علاقاتها بالصين والمعسكر الشرقي لدعم حركات التحرر في دول العالم الثالث واعتبرتها الأممالمتحدة بعد الهندوالصين من حيث التنمية الشاملة وساهمت مصر عبدالناصر في حشد الدعم والتأييد العالمي لتنال الصين العضوية الدائمة بمجلس الأمن الدولي عن دول العالم الثالث.. لقد استطاعت الثورة الصينية القضاء على الإقطاع وإعادة تأهيل وبناء الشعب الصيني والانطلاق في التنمية الشاملة في مختلف المجالات ولعبت الصين الماوية ذلك الدور الريادي التقدمي في مناصرة القضايا العادلة والتحررية لشعوب العالم الثالث وعلى رأسها القضية العادلة للشعب العربي الفلسطيني ورفضها للمشاريع الاستعمارية القائمة على استغلال الإنسان لاخيه الإنسان. لقد تحملت الصين اعباءا وضغوطا من قبل الدول الاستعمارية بسبب مواقفها التحررية رغم ان الثروات العربية كلها كانت حكرا للشركات الأمريكية والأوربية إلا ان الصين كانت ومازلت سندا لكل القضايا المصيرية للأمة العربية. لقد استطاعت الصين ومن وقت مبكر ان تنفتح على المعسكر الرأسمالي فبعد رحيل ما وتسي تونج نهجت القيادة الصينية الجديدة نهجا قائما على المصالح المتبادلة حيث أسست المناطق الحرة ابتداء من عام 1979م وخصصتها للصناعات والانفتاح على الغرب مع احتفاظها بالنظام الاشتراكي وفقا للخصوصية الصينية. لقد كانت الصين الماوية معادية للقوى الاستعمارية حيث قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع العدو الصهيوني بعد نكسة حزيران عام 1967م وإعلان تضامنها مع مصر عبدالناصر وقدمت كل أشكال الدعم للثورة الفلسطينية بما في ذلك السلاح وتدريب الفدائيين وتكون بانفتاحها على المعسكر الرأسمالي وفتح العلاقات الدبلوماسية مع العدو الصهيوني الذي أقامت معه علاقات اقتصادية بمليارات الدولارات كسرت طوق الحصار بينما العرب لم يستفدوا من تلك العلاقات.
* نقلا عن اسبوعية حشد السبت الموافق 21 ديسمبر 2013م