لا يختلف هذا الزمن الذي نعيشه عن أزمات مضت وربما عن أزمات سوف تأتي في المحاسن أو المساوئ، في الخير أو الشر .. فحين نرى الشر مكشراً أنيابه ومخالبه في هذا الزمن فهذا ليس بجديد، ولطالما فعل ذلك من قبل ولطالما شهدت الساحات هنا أو هناك من الأشرار ومن الغادرين ومن القتلة وقُطّاع الطرق فسالت دماء وسالت دموع وحضرت أحزان فلم تتزلزل الساحات ولم تفنَ الأمم ، ولم تنحنِ هامات الخير وقامات الأوفياء رغم التضحيات والأحزان .. جولات عديدة ومتعاقبة من الصراع بين الخير والشر، وبين الأوفياء والغادرين كانت نهاياتها دائماً لصالح الخير والوفاء رغم كل المتاعب .. اليوم في هذا الزمن جولة جديدة من الصراع جرّ فيها الشر علينا أحزاناً لكنه لن ينتصر ويفعل الغدر مثلما يفعل الشر ولن يفلح الغادرون حيث أتوا .. لا يمكن فهم ما يحدث سوى من ذلك المنطلق القادم أصحابه من سراديب الشر والغدر، وقد اتضح لنا جميعاً بالدليل القاطع انهم يستهدفون المحاسن بمساوئهم ويستهدفون الضياء بالظلام والظلم ويسعون إلى تحويل هذه الأرض التي نحيا عليها إلى موبوءة يقتل السيئ فيها الحسنا، ويصبح اليمن للمآسي وطنا. هذا ما يريده أهل الشر والغدر في هذا الزمن وفي جولة الصراع هذه التي تشهدها ساحاتنا.. لم يعد هذا الأمر خافياً على أحد إلا في قواميس الخداع وسياسات التضليل، هناك حيث الشعارات براقة زائفة والمسميات تنطوي غياً وضلالاً ومغالطات .. عندما يفتي الشيطان لنفسه بجواز الفوضى وتدمير البلد بعدما يرتدي أثواب الزهد والتقى والوطنية كلما اقتضى الحال ذلك.. الشياطين الذين يزينون الشر ويزخرفون المنكر في هذا البلد ويدفعون به إلى الهاوية ليسوا من الجن في شيء، وأحسب أن شياطين الجن أقل شراً من شياطين البشر لأن الجن رغم فسادهم وإفسادهم لم يصلوا بعد إلى مرحلة التفكير بتدمير أوطانهم وأماكن حياتهم ومعيشتهم واستقرارهم، لكن البشر يفعلون ذلك ويضل بعضهم بعضاً من أجل فكرة التدمير والخراب والفوضى .. شياطين البشر في هذا الزمن الذي أقول إنه لا يختلف عن غيره من الأزمان يتخلون عن القيم والمبادئ النبيلة لصالح السوء والمساوئ ويغيّرون قناعاتهم ربما عقيدتهم الدينية أو الفكرية أو السياسية مقابل حفنة من المال يدفعها هذا التاجر أو الشيخ أو غيرهما ممن يدفعون لتغيير المبادئ والقناعات لصالح الأهداف التي من أجلها يكون الدفع. شياطين البشر يغيرون ايديولوجياتهم من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار والعكس يحدث تماماً لأسباب متعلقة بالمصالح المادية وغيرها من المصالح التي لا تتعدى حدود الحزب الواحد. شياطين البشر يبيعون ما يدعون من زهد وورع وتقوى في أسواق السياسة وبورصات النخاسة .. ومن أجل الطموح الاهوج وبسببه يفعلون كل شيء ولو كانت النتيجة خراب وطن أو ضياع أمة في دهاليز الفوضى والصراع .. شياطين البشر يكفرون بالديمقراطية حين لا تأتي بما يشتهون، وهذا ليس غريباً فلقد كفروا قبل ذلك بآيات التوحد والاعتصام بحبل الله حين لم يجدوا مصالحهم الآنية المستعجلة .. سوف يذهب الشر والغدر في هذا الزمن أدراج شر الماضي وغدره وسوئه، فلا خوف ولا حزن.