قبل أكثر من أسبوع تقريباً، دعت منظمة أمريكية إدارة البيت الأبيض إلى تقديم دعم كامل لليمن ليس في المجال الأمني فقط ولكن في المجالات التنموية ومكافحة الفقر والبطالة، بما يؤدي إلى إيجاد فرص عمل للشباب وانتشالهم من مستنقع الإرهاب والتطرف. واللافت أن منظمة السلام الدولي الأمريكية اقترحت إجراءات عديدة ينبغي على الحكومة اليمنية الشروع بها لتصحيح الأوضاع، ومن ذلك مواجهة أزمة المياه وخطر الجفاف الذي يتهدد العديد من المدن اليمنية ومن بينها صنعاء، فضلاً عن تعز وغيرها، واقترحت المنظمة حلولاً من بينها استيراد «القات» من دول شرق أفريقيا باعتبار أن شجرة القات تستنزف نسبة كبيرة من المياه الجوفية اليمنية. والحقيقة أن فكرة استيراد القات من دول شرق أفريقيا ليست جديدة، وأكد عليها مؤتمر وطني حول القات عُقد قبل عدة سنوات، وأشار إلى أن ذلك سيمثل جزءاً من الحلول لمواجهة التوسع في زراعة القات وحماية المياه الجوفية من الاستنزاف الكبير الذي يذهب لصالح شجرة القات على حساب احتياجات الإنسان واحتياجات المحاصيل الزراعية الأخرى. ومن المؤكد أن تناول موضوع القات ومواجهة تحدياته ليس بالأمر الهين؛ كون هذه الشجرة أطاحت بحكومة محسن العيني مطلع سبعينيات القرن الماضي ولاقت مقترحاته آنذاك بشأن القات حملة شرسة انتهت بإحباط ذلك التوجه. فخامة الأخ رئيس الجمهورية قاد قبل سنوات حملة رسمية لمواجهة مشكلة القات، وكان أن وجّهت الحكومة بمنع تعاطيه في المؤسسات الرسمية.. لكن فخامته كان واقعياً حين أكد لاحقاً في تصريحات وأحاديث صحافية بأن «من أراد ألاّ يطاع أمر بما لايُستطاع» مشيراً بذلك إلى أنه من الصعوبة بمكان التصدي لظاهرة القات بإجراءات جذرية وحاسمة؛ كون مثل هذا التوجه يتصادم مع رغبات ملايين من متعاطيه ويتصادم مع مئات الآلاف من تجاره ومزارعيه الذين يعيلون أسرهم من تجارة هذه السلعة. وإن المسألة ينبغي أن تبدأ بالتوعية لجيل الشباب من الآثار السلبية لهذه النبتة التي تأخذ من مال وصحة ووقت الإنسان، فضلاً عن العمل الإجرامي الذي بات يمارسه «مزارعو القات» برش النبتة بأقوى السموم والمبيدات الحشرية المحرمة دولياً. وأعتقد أن استيراد القات من شرق أفريقيا خطوة هامة ستساهم في الحفاظ على المياه الجوفية أولاً وستحد من التوسع في زراعة القات وستعيد النظر بالنسبة لكثيرين من مسألة تعاطي هذه النبتة وأنها ماتت مثل أية سلعة مستوردة يمكن الاستغناء عنها.