بالصور .. العثور على جثة شاب مقتول وعليه علامات تعذيب في محافظة إب    الجيش الوطني يدك مواقع المليشيات الحوثية بالسلاح الثقيل    صاعقة رعدية تنهي حياة شاب يمني    محمد المساح..وداعا يا صاحبنا الجميل!    صورة ..الحوثيون يهدّون الناشط السعودي حصان الرئيس الراحل "صالح" في الحديدة    آية في القرآن تجلب الرزق وفضل سورة فيه تبعد الفقر    العليمي يكرّر كذبات سيّده عفاش بالحديث عن مشاريع غير موجودة على الأرض    رفع جاهزية اللواء الخامس دفاع شبوة لإغاثة المواطنين من السيول    نصيب تهامة من المناصب العليا للشرعية مستشار لا يستشار    على الجنوب طرق كل أبواب التعاون بما فيها روسيا وايران    مقتل مغترب يمني من تعز طعناً على أيدي رفاقه في السكن    انهيار منزل بمدينة شبام التأريخية بوادي حضرموت    ما هي قصة شحنة الأدوية التي أحدثت ضجةً في ميناء عدن؟(وثيقة)    وفاة الكاتب والصحفي اليمني محمد المساح عن عمر ناهز 75 عامًا    العليمي يتحدث صادقآ عن آلآف المشاريع في المناطق المحررة    صور الاقمار الصناعية تكشف حجم الاضرار بعد ضربة إسرائيل على إيران "شاهد"    عاجل: انفجارات عنيفة تهز مدينة عربية وحرائق كبيرة تتصاعد من قاعدة عسكرية قصفتها اسرائيل "فيديو"    صورة تُثير الجدل: هل ترك اللواء هيثم قاسم طاهر العسكرية واتجه للزراعة؟...اليك الحقيقة(صورة)    وزير سابق يكشف عن الشخص الذي يمتلك رؤية متكاملة لحل مشاكل اليمن...من هو؟    الدوري الايطالي: يوفنتوس يتعثر خارج أرضه ضد كالياري    نادي المعلمين اليمنيين يطالب بإطلاق سراح أربعة معلمين معتقلين لدى الحوثيين    مبنى تاريخي يودع شبام حضرموت بصمت تحت تأثير الامطار!    رئيس الاتحاد العربي للهجن يصل باريس للمشاركة في عرض الإبل    تظاهرات يمنية حاشدة تضامنا مع غزة وتنديدا بالفيتو الأمريكي في مجلس الأمن    شروط استفزازية تعرقل عودة بث إذاعة وتلفزيون عدن من العاصمة    شبوة.. جنود محتجون يمنعون مرور ناقلات المشتقات النفطية إلى محافظة مأرب    لماذا يموتون والغيث يهمي؟    اليمن تأسف لفشل مجلس الأمن في منح العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة مميز    تعز.. قوات الجيش تحبط محاولة تسلل حوثية في جبهة عصيفرة شمالي المدينة    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    - بنك اليمن الدولي يقيم دورتين حول الجودة والتهديد الأمني السيبراني وعمر راشد يؤكد علي تطوير الموظفين بما يساهم في حماية حسابات العملاء    بن بريك يدعو الحكومة لتحمل مسؤوليتها في تجاوز آثار الكوارث والسيول    المانيا تقرب من حجز مقعد خامس في دوري الابطال    الحوثيون يفتحون مركز العزل للكوليرا في ذمار ويلزمون المرضى بدفع تكاليف باهظة للعلاج    لحظة بلحظة.. إسرائيل «تضرب» بقلب إيران وطهران: النووي آمن    تشافي وأنشيلوتي.. مؤتمر صحفي يفسد علاقة الاحترام    الأهلي يصارع مازيمبي.. والترجي يحاصر صن دوانز    اقتحام موانئ الحديدة بالقوة .. كارثة وشيكة تضرب قطاع النقل    بعد إفراج الحوثيين عن شحنة مبيدات.. شاهد ما حدث لمئات الطيور عقب شربها من المياه المخصصة لري شجرة القات    سورة الكهف ليلة الجمعة.. 3 آيات مجربة تجلب راحة البال يغفل عنها الكثير    عملة مزورة للابتزاز وليس التبادل النقدي!    مولر: نحن نتطلع لمواجهة ريال مدريد في دوري الابطال    الفلكي الجوبي: حدث في الأيام القادمة سيجعل اليمن تشهد أعلى درجات الحرارة    رغم وجود صلاح...ليفربول يودّع يوروبا ليغ وتأهل ليفركوزن وروما لنصف النهائي    ريال مدريد وبايرن ميونخ يتأهلان لنصف نهائي دوري ابطال اوروبا    تنفيذي الإصلاح بالمحويت ينعى القيادي الداعري أحد رواد التربية والعمل الاجتماعي    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    قبل قيام بن مبارك بزيارة مفاجئة لمؤسسة الكهرباء عليه القيام بزيارة لنفسه أولآ    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    "استيراد القات من اليمن والحبشة".. مرحبآ بالقات الحبشي    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    أبناء المهرة أصبحوا غرباء في أرضهم التي احتلها المستوطنين اليمنيين    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القات المبيد القاتل للأرض الزراعية
نشر في الجمهورية يوم 19 - 04 - 2011

بعد أن كانت شجرة البن وعلى مدى قرون من الزمن مقترنة باسم اليمن..و بها عرف بأنه موطن البن الأصلي، وكان البلد الوحيد في العالم إنتاجاً وتصديراً للقهوة، حيث تشير المصادر التاريخية أن البن في اليمن اكتشف عام 500 قبل الميلاد، وانتشرت زراعته في القرنين الخامس والسادس عشر الميلاديين، ويزرع في المنحدرات والمرتفعات وفي مناطق عدة من اليمن أشهرها(بني مطر، الحيمتين، بني حماد و....الخ).. ولكن اليوم أصبحت شجرة القات هي من قضت على أشجار البن وسيطرت على الأرض الزراعية ولم تفلح الدعوات والدراسات التي تحذر من مغبة تمدد زراعة القات على المحاصيل الزراعية الأخرى...
بين الآونة والأخرى نسمع تصريحات وأبحاث ودراسات تنبه بخطورة اتساع زراعة شجرة القات ومع ذلك لم نر أنه تم اتخاذ إجراءات للحد من زراعة القات، الأمر الذي أصبح أشبه بالمستحيل حسب قول الكثير من الناس الذين يرون أنه من الصعب اقتلاع أو منع متعاطي القات.
هذا وتشير نتائج إحدى الدراسات حول القات أن سبعة ملايين من اليمنيين(متناولي) القات يستهلكون من وقتهم معدل أربع ساعات يوميا، مجموعها28 مليون ساعة يوميا و840 مليون ساعة في الشهر و10 بلايين و80 مليون ساعة في العام، وهذا الزمن لا يمكن استرجاعه.
كما أن متوسط قيمة ما يشتري به اليمني من القات على الأقل هو 300 ريال فإن ذلك العدد من متناوليه يشترون بمليارين و100 مليون ريال في اليوم وب63 مليار ريال في الشهر وما يعادل 756 مليار ريال في السنة، خلافا لما كانت بعض الدراسات قدرته في وقت سابق ب 500 بليون ريال في العام.. وقدرت الدراسات مساحة زراعة القات ب250 ألف هكتار تستهلك حوالي 128 مليون متر مكعب من إجمالي الموارد المائية المتاحة في البلاد والمقدرة ب 3.4 بليون متر مكعب سنويا من المياه الجوفية تصل عائداتها السنوية إلى ترليون و250 مليون ريال بمعدل 5 ملايين ريال للهكتار الواحد, ويقدر استهلاك القات من المياه بحوالي 800 مليون متر مكعب في السنة، وبالتالي تمثل زراعته خطراً كبيراً على استمرار الحياة في كثير من المناطق وعلى رأسها العاصمة صنعاء حيث تقوم حوالي 4 آلاف بئر بطريقة غير منظمة بري القات، ما يؤدي إلى انخفاض جداول المياه بمعدل 3-6 أمتار سنوياً.
تأثيرات ومخاطر القات
وأشارت الدراسات إلى أن من أبرز تأثيرات القات على الصحة ارتخاء اللثة واصفرار الأسنان، وقرحة المعدة و الإثنى عشر والتهابات القناة الهضمية ، عسر الهضم والإمساك ، البواسير نتيجة الإمساك الدائم والمستمر.تليّف الكبد، فقدان الشهية الذي يؤدي إلي سوء التغذية ثم إلى الهزال.
ومن أهم مخاطر القات منها ما يتسبب في أعراض الذبحة الصدرية، وأيضا حالات عقم في الجنسين، صعوبة التبول.الإصابة بأمراض سرطانية ومنها سرطان اللثة، ارتفاع ضغط الدم ، اتساع حدقة العين ، زيادة التنفس ، ارتفاع حرارة الجسم ، تسارع النبض .
يحتل المرتبة الثانية بعد الغذاء
يقول الدكتور محمد عُمر باناجة نائب عميد كلية الاقتصاد جامعة عدن أنّ الإحصائيات الزراعية تشير إلى أنّ المساحة المزروعة بالقات ارتفعت في اقل من أربعة عقود، بما يقارب (18 ضعفًا، حيث جاء هذا التوسع على حساب المساحة المزروعة بالمحاصيل الغذائية والنقدية الأخرى, وأكد أنَّ زراعة القات تأخذ نصيبًا متزايدًا من حصة المساحة المزروعة ومن الموارد المائية.. منوهًا بأنّه في ظل شحة الأراضي الصالحة للزراعة والأراضي المزروعة ومحدودية الموارد المائية المتجددة والعجز المائي المتصاعد أخذت زراعة القات تتزايد سنة بعد أخرى.
وقال باناجه: لقد ارتفعت المساحة المزروعة بالقات من (122,843) هكتارًا في عام 2004م إلى 146,810 هكتارات في عام 2008م.. مضيفًا:لقد أشارت إحصائيات عام 2005م إلى أنّ متوسط عائد الهكتار الواحد المزروع بالقات أكثر من (3 ملايين ريال)، بينما عائد الهكتار الواحد المزروع بالفواكه (500 ألف ريال) وأضاف: إذا نظرنا إلى مزاحمة المحاصيل الزراعية الغذائية والنقدية على المساحة المزروعة ؛ فإنَّ القات يزاحمها أيضًا على الموارد المائية المتاحة بعد أن وصلت حصته من المياه إلى (30 في المائة) من إجمالي المياه المستغلة في قطاع الزراعة التي قدرت بما يقارب (3094) مليون متر مكعب الأمر الذي يؤدي إلى زيادة معدلات العجز المائي، لاسيما وأنّ المساحات المزروعة بالقات ظلت تتزايد عامًا بعد عام.
أما من حيث قوة العمل فيمكن القول إنَّه إذا كانت الزراعة في اليمن تستوعب نسبة (60 %) من قوة العمل اليمنية , فإنَّ القات وحده (زراعة وحصاد) يستوعب ما يقارب (¼) قوة العمل الزراعية, وعند تناول الدكتور باناجة للآثار الاقتصادية والتنموية الناجمة عن التوسع في زراعة القات قال أبرزها الآثار الاقتصادية الناجمة عن زراعة القات واستهلاكه هي تلك التي تقع على عاتق الأسر اليمنية والأفراد.. وفي هذا السياق أوضح الدكتور باناجه أن تقريرا رسميا صدر مؤخرًا يؤكد أن القات يحتل المرتبة الثانية بعد الغذاء في إنفاق الأسرة اليمنية بعد أن احتل ما بين (26 – 30 %) من دخلها.. وقد قدرت الخطة الخمسية الثالثة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية (2006 –2010م) حجم الإنفاق الشعبي على تعاطي القات بمقدار (250) مليار ريال سنويًا.. وودعا الدكتور باناجة إلى ضرورة وضع برامج توعوية للإقلال من تعاطي القات على طريق الحد من زراعته وإلغائه.
معضلة حقيقة تواجه اليمن
احد التقارير الرسمية أظهرت أن ما ينفقه اليمنيون على (القات) يصل إلى ما يقارب 1.2 مليار دولار سنوياً، وأن انتشار زراعة هذه الشجرة باتت معضلة حقيقة تواجه اليمن وتهدد الأمن الغذائي في بلد يصنف من أفقر بلدان العالم.
وقال التقرير: في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة إلى إيجاد آلية وبدائل لزراعة واستهلاك القات كظاهرة اجتماعية يومية مكلفة اقتصادياً، ومضرة صحياً وبيئياً قدر حجم الإنفاق الشعبي على تناول القات بنحو 1.2 مليار دولار سنوياً.. وأشار التقرير إلى أن وزارة الزراعة بدأت تتجه نحو تشجيع زراعة محاصيل نقدية كاللوز والبن، ومحاصيل أخرى كالعنب لتكون بديلا عن زراعة القات في المستقبل باعتبار زراعتها غير مكلفة مقارنة بزراعة القات التي تستنزف كميات هائلة من المياه اللازمة لري المحاصيل الزراعة خاصة الحبوب الغذائية والفواكه اللازمة للأمن الغذائي, ولكن التقرير أشار إلى انه رغم جهود وزارة الزراعة في إيجاد بدائل عن زراعة القات، إلا أن زراعته تشهد توسعا ملحوظا بمعدل 4- 6 آلاف هكتاراً سنوياً، ويستحوذ على أكثر من 30 % من المياه المخصصة للزراعة، فضلا عن ارتفاع إنتاجيته واستهلاكه خلال السنوات الأخيرة.
أكبر تحدي يواجه قطاع الزراعة
وبحسب المسئولين في وزارة الزراعة والري فإن زراعة القات أصبحت التحدي الأكبر الذي يواجه قطاع الزراعة في اليمن، وعائقاً كبيراً أمام التنمية الزراعية.
وتعتبر العاصمة صنعاء من أكثر المناطق المهددة بانخفاض مخزون المياه الجوفية بسبب إهدار كميات كبيرة منها في ري أشجار (القات) بشكل مستمر طوال العام، ناهيك عن كميات المبيدات المستخدمة في عملية رش أغصانها التي تسبب تلوثاً ومخاطر صحية وبيئية وخيمة.
ووفقاً لخبراء في مجال الري فإن أكثر من أربعة آلاف بئر في صنعاء فقط تستخدم لري القات، الأمر الذي أدى إلى انخفاض منسوب المياه الجوفية ثلاثة إلى ستة أمتار سنويا، ويحذر هؤلاء الخبراء من كارثة جفاف تهدد منطقة صنعاء بحلول عام 2015م.
زيادة مضطردة
وزير الزراعة والري في حكومة تصريف الأعمال الدكتور منصور الحوشبي أن تعاطي القات في زيادة مضطردة خاصة في فئات الشباب وصغار السن , وقال إن نسبة تعاطي القات في صفوف الرجال تصل إلى 70% ، وتصل إلى أكثر من 30% في صفوف النساء.
معتبرا زراعة القات عائقا كبيرا أمام رفع إنتاجية المحاصيل الزراعية المختلفة, حيث تشهد زراعته توسعا ملحوظا بمعدل 4-6 ألاف هكتار سنويا, ويستحوذ على أكثر من 30 % من المياه المخصصة للزراعة ، وتحتل زراعة القات مساحات واسعة من الأراضي على حساب العديد من المحاصيل خاصة الحبوب الغذائية الهامة لتوفير الغذاء .
وتطرق وزير الزراعة والري إلى أن المسوحات والدراسات المختلفة تبين أن 85 %من زراعة القات تتركز في خمس محافظات هي عمران ،ذمار ،صنعاء ، حجة وإب.
سبب رئيسي في ارتفاع الأسعار
وارجع الوزير الحوشبي أسباب ارتفاع أسعار المحاصيل الزراعية والخضروات الأخرى إلى انتشار زراعة القات في اليمن.. وقال الوزير أن خطورة القات تكمن في زحفه على مناطق زراعة المحاصيل الغذائية الأخرى واستنزافه لكميات هائلة من المياه, فضلا عن أضراره على الصحة نتيجة للمبيدات المستخدمة في زراعته, وبين الحوشبي أن وزارته تعمل على تشجيع استيراد أصناف جديدة من المحاصيل الزراعية وإدخال الميكنة الزراعية الحديثة لما من شأنه الإسهام في الحد من ظاهرة أتساع زراعة القات .. لافتا إلى ان هناك إجراءات اتخذتها الوزارة للحد من اتساع زراعة القات منها قرار الوزارة الصادر في نهاية العام 2006م والقاضي بمنع استيراد المبيدات التي تستخدم في زراعة القات.
تحدي رئيسي للزراعة والأمن الغذائي
الجميع يؤكد أن القات أصبح التحدي الرئيسي للزراعة والأمن الغذائي في اليمن خاصة في ظل التزايد المضطرد في استهلاكه والذي أدى إلى تنام موازي في الكميات المنتجة والمسوقة .
لذا يتطلب الأمر ضرورة أهمية إيجاد بدائل وحلول تساعد جهود الدولة في تقليص مساحة زراعة القات والتي شهدت ارتفاعا ملحوظا خلال السنوات الأخير.
بدائل للقات
المهندس عبدالحكيم الناشري أيد كل ماسبق ذكره وأكد من جانبه أن 80 بالمائة من المبيدات المستوردة والمهربة تستخدم في زراعة القات , فضلا عن استنزاف 30 بالمائة من المياه الجوفية على حساب زراعة المحاصيل الغذائية الهامة للأمن الغذائي .
وقال “ يجب توجيه تلك الأرقام والإحصائيات نحو زراعة المحاصيل الأخرى خاصة النقدية لتكون بديلة للقات وبما يسهم في تقليص الفجوة الغذائية التي نعانيها خاصة ونحن نستهلك ما يقارب ال 70 بالمائة من القمح المستورد ومحاصيل أخرى كالزيوت والدهون وكمية كبيرة من اللحوم والألبان ومشتقاتها تصل إلى نحو 50 بالمائة “.
منوها أنه في حالة استغلال هذه الأرقام والمبالغ والجهود إلى الزراعة البديلة فإنه سيتم تقليص الفجوة الغذائية الكبيرة بين الاستيراد والاستهلاك, وفي نفس الوقت سيرفع مساهمة القطاع الزراعي في الناتج القومي الذي يقدر حالياً ما بين 18 - 20 بالمائة.
118 نوعا من المبيدات
ويؤكد كلام المهندس الناشري دراسة علمية حديثة أجرتها جامعة عدن والتي أكدت أن هناك ما لا يقل عن 118 نوعاً من المبيدات منها نسبة كبيرة تسبب مرض السرطان والتي يتم استخدامها في اليمن خصوصاً من قبل مزارعي شجرة القات التي تعمل الحكومة بالتعاون مع عدد من الجهات المحلية والأجنبية للقضاء عليها عبر برنامج طويل المدى من خلال عملية إحلال للمزروعات الإنتاجية الأخرى كالقمح والبن والمانجو وبعض الفواكه الأخرى والتي بدورها ستعمل على إيجاد بدائل دخل مادي لمزارعي القات ، وأشارت إلى انه يتم استيراد تلك المبيدات التي وصفتها الدراسة بالسامة بأسماء تجارية مختلفة تبلغ 555 اسماً تجارياً.
وقالت الدراسة إنه وطبقاً لإحصائيات طبية من وزارة الصحة ومراكز السرطان والجمعية الخيرية لمرضى السرطان فان 70% من أسباب هذا المرض تعود إلى المبيدات التي دخلت مختلف مأكولاتنا وان كانت بنسب متفاوتة إلا أنها الأشد والأخطر في القات ، منوهة إلى انتشار سرطان الفم بشكل كبير في اليمن خلافا للإحصائيات العالمية بسبب القات.. وقالت الدراسة أن 73.15% من مزارعي القات يستخدمون مبيد جيموثاث في زراعة القات ، و92.5% من إجمالي المزارعين الذين أجريت عليهم الدراسة يستخدمون إلى جانب هذا المبيد السام مبيد مونوكروتوف وأنواع عدة أخرى ، مشيرة إلى تسجيل أكثر من 470 حالة تسمم بين الجنسين في 3 محافظات فقط شملتها الدراسة التي خلصت إلى احتمال حدوث ضرر حاد لتعاطي مخلفات المبيدات خلال يوم أو عدة أيام, وكما أشارت الدراسة إلى خطورة التأثيرات الضارة على المدى الطويل والناتجة عن استمرار التعرض لكميات صغيرة من المبيدات يوميا لعدة سنوات حيث تؤدي إلى أمراض مزمنة منها الأمراض السرطانية والتغيرات السلوكية والوراثية وأمراض الكبد والكلى ،فضلا عن تلوث التربة الزراعية ببقايا مخلفات المبيدات ونواتج تفككها، والذي يؤدي إلى تلوث مصادر المياه الرئيسية بسبب عملية الغسيل للتربة بفعل الأمطار أو الري بالغمر.
جهود حكومية
جهود الحكومة في تقليص زراعة القات مع الأسف لم تفلح وتتمثل أهمها في توجيهات مجلس الوزراء ومخاطبته للمجالس المحلية بمنع زراعة القات في القيعان الزراعية على وجه الخصوص، إلى جانب اتخاذ جملة من الإجراءات منها فرض ضريبة على العين المزروعة بالقات وكذا إخراج أسواق بيع القات إلى خارج المدن الرئيسية, إضافة إلى رفع التعرفة الجمركية لمدخلات زراعة القات ومنع استيراد المبيدات المستخدمة في زراعته. مثل هذه التوجهات بلاشك تؤكد جدية الحكومة في الحد من زراعة القات خاصة في الوديان والقيعان الصالحة لزراعة وإنتاج الحبوب الغذائية.
مشروع قانون يقضي على القات
محاولة إصدار تشريع قانوني ينظر في المشاكل الناتجة عن القات مجرد أفكار وأقوال حيث تقدم عدد من أعضاء مجلس النواب بمشروع قانون لمعالجة أضرار القات بالتدرج والتعويض حيث تقدم بالمشروع نحو (68) نائباً حينها رأت لجنة الشئون الدستورية والقانونية جواز نظر البرلمان في مشروع القانون إلا أنه للأسف الشديد لم يصدر أي جديد بعد ذلك, ويهدف المشروع لتوحيد الجهود الرسمية والشعبية للتخفيف من تعاطي القات وتقديم التعويضات المالية والفنية لمزارعيه الذين يتخلصون من زراعته وتأمين البدائل الاقتصادية والمدخلات الزراعية للأصناف النباتية البديلة، وتقديم الرعاية والعون الاجتماعي للمصابين بالأمراض النفسية وغيرها، الناتجة عن تعاطي القات.
وأشار مشروع القانون إلى أن ذلك سيتم من خلال وسائل توعوية وإجراءات تتخذها وزارة الزراعة والري، تساعد المزارعين في التخلص منه طواعية، مع توفير شتلات بديلة وتأمين الأسواق الداخلية والخارجية لتسويق المخرجات الزراعية البديلة، ومنع استيراد أو غرس شتلات جديدة للقات، وكذا منع مزارعيه من استخدام المبيدات الحشرية الممنوعة دولياً، وإلزام المزارعين بالتخلص التدريجي من أشجار القات بواقع 10% من إجمالي أعداد أشجار القات المثمرة لكل مزارع كل سنة، مع التعويض الفوري، إضافة لمنع تعاطيه في وسائل النقل الجماعية وفي المصالح العامة والمختلطة, ولأغراض تعويض مزارعي القات اقترح مشروع القانون إنشاء صندوق له ذمة مالية مستقلة تحت مسمى (صندوق معالجة القات بالتدرج والتعويض) تتأمن موارده من مساهمات الحكومة في ميزانيتها السنوية، و20% من الضريبة الإجمالية السنوية المفروضة على القات إلى جوار ما يتحصل من الغرامات المفروضة على المخالفين لأحكام هذا القانون ولائحته، وكذا تمويل الصندوق من قيمة تراخيص محلات القات والتبرعات غير المشروطة.
خطة خمسية
من ضمن الجهود الذي كانت الحكومة تعتزم تنفيذها الخطة الخمسية الاقتصادية الثالثة 2006م- 2010م للحكومة عندما تم الإعلان عنها قبل أربع سنوات قيل حينها إن من أهدافها إيجاد بدائل لزراعة واستهلاك القات بوصفه ظاهرة اجتماعية يومية مكلفة اقتصاديا وضارة صحيا.
الخطة وحسب مصادر حكومية حينها قالت إنها تستهدف الحد من زيادة المساحة المزروعة بالقات وتقليصها عبر تشجيع زراعة محاصيل إنتاجية بديلة ذات مردود اقتصادي عالي وتوفير التسهيلات المحفزة لها.. وقدر مشروع الخطة المعروض حاليا أمام البرلمان لمناقشته وإقراره قدر حجم الأنفاق الشعبي على تناول القات بنحو مائتين وخمسين مليار ريال سنويا, وأشار مشروع الخطة إلى أن الإنفاق على شراء القات يستحوذ على مابين ستة وعشرين وثلاثين في المائة من دخل الأسرة محتلا المرتبة الثانية بعد الغذاء، الأمر الذي يشكل عبئا على ميزانية الأسرة خصوصا ذات الدخل المحدود والفقراء. وتصل الساعات المهدرة جراء جلسات تعاطيه بحوالي عشرون مليون ساعة عمل في اليوم.
تحذيرات الخبراء
كثير من الخبراء والمختصين حذروا من مواصلة التوسع في زراعة القات وعدم تبني خطط حكومية عاجلة لمكافحة زراعته في اليمن كون زراعة القات تهدد الموارد المائية في اليمن وتشكل تهديداً حقيقياً لموارد البلاد المائية.
الهيئة العامة للموارد المائية قدرت إجمالي موارد المياه العذبة المتجددة (2،500) مليون متر مكعب في السنة منها 1،500 مليون متر مكعب المياه السطحية و(1،000 ) مليون متر مكعب المياه الجوفية.. وذكرت تقارير الهيئة إن (900 ) مليون متر مكعب من المياه الجوفية تستخدم سنوياً لري القات وان القات يستنزف المياه الجوفية بكميات كبيرة وان الطلب على المياه يزيد لان الناس بحاجة إلى المياه.
فعلى سبيل المثال تغطي زراعة القات في محافظة صنعاء وحدها حوالي 22,000 هكتار وتستهلك حوالي 160 متراً مكعباً من المياه سنوياً.
وراء الربح السريع
كثير من المزارعين والمواطنين ممن التقينا بهم قالوا إن السبب الرئيسي الذي أدى إلى انتشار زراعة القات هو الربح السريع, بالإضافة إلى أن القات سلعة مطلوبة بالإمكان بيعها وشراؤها دائما وفي أي وقت وزمن ومكان.
هذا بالإضافة إلى أنه يستطيع المزارع أن يقطف القات من مرتين إلى ثلاث مرات في السنة الواحدة وبعضهم كل شهرين, بعكس المحاصيل الأخرى الذي يكون محصولها مرة واحدة في السنة وفي موسم محدد ومعين.
ورغم اختلاف الآراء في المشاكل الناتجة عن القات إلا أن الجميع يتفقون على أن القات أصبح مشكلة حقيقية والإنفاق على شرائه يفوق بكثير ما يتم إنفاقه على شراء الغذاء ومستلزمات الحياة الضرورية.. وأن التوسع في زراعة القات بالشكل الحالي يتطلب اتخاذ إجراءات وقرارات أكثر حزما وصرامة باعتباره كارثة تستنزف كميات هائلة من المياه الجوفية يمكن الاستفادة منها في زراعة المحاصيل الأخرى, الجميع يؤيد اتخاذ إجراءات لمواجهة زراعة القات الذي من المفترض اتخاذها مثل فرض ضريبة على الأراضي المزروعة بالقات, وإخراج أسواقه إلى خارج المدن الرئيسية , وإصدار تشريع يقضي بمنع رش المبيدات والمخصبات على القات, إلى جانب رفع أسعار تراخيص استيراد المبيدات المستخدمة للقات والرسوم الجمركية عليها, والعمل على تشجيع زراعة المحاصيل الأخرى وإعطاء المزيد من الحوافز والمزايا العينية والمالية للمزارعين, وكذا العمل على اتخاذ وتشجيع الإجراءات الهادفة الحد من التوسع في زراعة القات واستنزاف المياه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.