من بدهيات الأمور القول: إن تزايد الاهتمام بالتعليم ينبع لاعتبارات عديدة وراسخة، وذلك بوصف التعليم مفتاح التقدم والتنمية وأساسها المتين. ليس هذا فحسب؛ بل إن الاهتمام بالتعليم ثابت أصيل من الثوابت الراسخة في بلادنا الذي توليه الدولة والحكومة رعاية واهتماماً متواصلاً. ويأتي هذا الاهتمام من حيث الإنفاق على التعليم بسخاء، وتجنيد له الطاقات والجهود الكبيرة والتي أثمرت تحقيق إنجازات ملموسة على الواقع تدعو إلى الارتياح سواء في التوسع في المباني المدرسية أم العناية بجودة التعليم وتطوير مناهجه وتحسين مستواه ومواكبته للتطورات والتحديثات العلمية والاهتمام بالتدريب وتطوير بنيته الأساسية التي تحقق للإنسان القدر الكافي من المعرفة والمهارات اللازمة للتعلم بما تجعله فرداً نافعاً لمجتمعه ووطنه. وهذه الإشارات خطوط ومؤشرات تحملها الخطط والاستراتيجيات الطموحة المدرجة ضمن أجندة الجهات المختصة والمعنية على قطاع التربية والتعليم في بلادنا. هذا على المستوى العموم، ولكن على المستوى المحلي في المحافظات؛ فإننا نجد في محافظة حضرموت انموذجاً طيباً ومؤشرات إيجابية ليست خافية على أحد وخاصة في جانب التوسع في البنى التحتية الذي شهده قطاع التعليم وعلى مختلف مستوياته. ويبرز في هذا الاتجاه اهتمام المجالس المحلية في المديريات وإسهامات المجتمع المحلي ومشاركته الحقيقية في تغطية الكثير من الاحتياجات والمتطلبات الأساسية التي تتطلبها عملية التعليم وخاصة في توفير المبنى المدرسي، وهناك شواهد كثيرة حية في الميدان تشهد على حجم الإسهامات والتطورات في هذا الميدان. وتأكيداً لهذا الاهتمام المتواصل لمسألة توفير المباني المدرسية والذي يوليه المجلس المحلي وخصوصاً في مديرية مدينة المكلا قدراً من الاهمية تم قبل أيام افتتاح مشاريع تربوية تقدر كلفتها الإجمالية بأكثر من (400 مليون) ريال وتشمل على بناء 75 صفاً دراسياً مع ملحقاتها في كل من مدارس مجمع فوه التعليمي وثانويتي باعبود وروكب للبنات ومدرستي الغليلة والبقرين للتعليم الأساسي وبتمويل من المجلس المحلي في المكلا والدعم الحكومي المركزي. إذ استحق المجلس المحلي في مديرية مدينة المكلا بإسهاماته البارزة في تنفيذ المشاريع الخدمية في مجالي التربية والصحة إشادة السلطة المحلية في المحافظة. وفي الواقع إن إسهامات المجتمع المحلي بحضرموت في خدمة التعليم ليست بخافية على أحد، وشواهده بارزة للعيان في أكثر من منطقة من مديريات حضرموت، ولا يتقتصر هذا على تشييد المبانى المدرسية فحسب، بل تقديم خدمة التعليم نفسها والمشاركة في عملية النهوض بعناصره ومكوناته وآلياته وتوفير بيئة تعليمية متميزة مجتمعة في المباني والتجهيزات والمعدات التربوية والتعليمية. وهذا الجهد يتطلب مواصلته وتكثيف حضوره، وأن تتكاتف كافة المساعي لتحقيق أهدافه ومشاريعه التنموية الطموحة وبخاصة في مواكبة عمليات التطوير والتوسعات في الأنشطة السكانية والعمرانية الذي يتوجب توفير المبنى المدرسي ليغطي تلك الاحتياجات والأعداد المتزايدة من الطلاب. أما الحال داخل مدينة المكلا وفي أحيائها القديمة المكتظة بالسكان فالصورة مغايرة للتفاؤل الذي بدأنا به هذه السطور، فالحاجة تستدعي جهوداً أكبر ومساندة أشمل للخطوات والمساعي الجبارة التي تبذل من قبل المجلس المحلي في مديرية مدينة المكلا للبحث عن مواقع وساحات مناسبة ولو بالشراء داخل تلك المدينة لتشييد فيها مدارس ومشاريع تربوية. والجهود مازالت مثابرة ومستمرة وبحاجة إلى تعزيز ودعم من كل الخيرين، فالمكلا القديمة أصبحت اليوم في حاجة ماسة للمباني المدرسية لتغطية تزايد الطلب على التعليم في مرحلتيه الأساسية والثانوية نظراً للكثافة السكانية، إلى جانب حماية الأراضي والمساحات المخصصة للمنشآت التعليمية في المخططات السكنية الجديدة، والعمل بصورة سريعة وغير متأخرة على تحديد معالمها وتسويرها لكبح مطامع المتربصين بأراضي المصالح العامة والمتنفسات، وإغلاق أمامهم أية فجوة للانقضاض والسطو، وبالتالي حرمان المجتمع من الانتفاع والاستفادة منها للصالح العام وللأجيال القادمة.