في مؤتمر مدريد المنعقد في خريف 1991م، والذي أطلق مبادرة (الأرض مقابل السلام) ضمنت الإدارة الأمريكية للعرب والشعب الفلسطيني الذي مثّله الزعيم الراحل ياسر عرفات بتأكيدها على« عدم اعترافها بضم اسرائيل للقدس الشرقية، وتوسيع حدودها، أو اتخاذ إجراءات أحادية الجانب في قضايا الوضع النهائي، ومنها قضية القدس.. إلخ»إلا ان ذلك لم تلتزم به اسرائيل ولم تعره أي أهمية. فمنذ ذلك التاريخ وإلى يومنا هذا، نشطت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة في تحدي الضمانات الأمريكية والمواقف العربية ومبادرات السلام العربية وأقدمت خلال تلك الفترة على اتخاذ أكثر من إجراء أحادي الجانب استهدف توسيع الحدود الاستيطانية وإقامة ما يربو عن (13000) وحدة سكنية كان للقدس الشرقية نصيب وافر منها، كما كان لنتنياهو حصة الأسد في إقامة هذه الوحدات الاستيطانية في القدس بالذات، ناهيكم عن الحفريات المتواصلة تحت المسجد الأقصى. وبلغت هذه التحديات مبلغاً دفع بمنظمات صهيونية متشددة ومغالية إلى المطالبة بهدم المسجد الأقصى بمباركة الإدارة الإسرائيلية التي ترى ان الإجهاز على عروبة ومقدسات القدس وتهويدها كلياً سيكسر شوكة الأمة العربية ويأتي على آخر الخيارات المتاحة لتحرير الأرض العربية الفلسطينية ومقدساتها.. وبثاقب نظره وبعد رؤاه، خلص فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح - رئيس الجمهورية – حفظه الله – إلى أن تعنت اسرائيل وتحدياتها السافرة للعرب وللمجتمع الدولي وعلى رأسه الإدارة الأمريكية، يعود في مجمله إلى ضعف وحدة الصف العربي، وتصدّع قوة الإرادة العربية، ليس في مواجهة الصلف الصهيوني فحسب، بل وفي مواجهة التحديات والمخاطر المحدقة بالأمن القومي العربي ومكانة الأمة العربية في المحافل الدولية، وأن من أسباب وعوامل هذا الضعف عدم فاعلية آلية ونظام العمل العربي المشترك. ومن هذا المنطلق جاءت المبادرة اليمنية التي طرحها فخامته على قمة (سرت) الليبية 29-28 مارس الماضي، والداعية إلى إقامة (اتحاد الدول العربية) من أجل تفعيل العمل العربي المشترك عن طريق آلية اتحادية فاعلة على مدار العام وليست مقتصرة على موعد انعقاد القمة العربية السنوية.. وقد حظيت هذه المبادرة بإجماع الزعماء والقادة العرب والتأييد العربي الواسع لها لكونها أرقى آلية عربية قدمت واعتبرت ضرورة قومية ملحة، الأمر الذي أقرت معه قمة (سرت) تشكيل لجنة رئاسية خماسية وعقد قمة عربية استثنائية في سبتمبر القادم تكرس لتطوير الجامعة العربية على ضوء هذه المبادرة اليمنية. وبوجيز الكلام وبليغ العبارة أوضح فخامة الأخ الرئيس للأمة العربية وقادتها وزعمائها هدف هذه المبادرة بقوله : ( وحدتنا في قوتنا، وقوتنا في وحدتنا، ووحدتنا تكفل لنا مواجهة كافة التحديات ). قال الشاعر : تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسُّراً وإذا افترقن تكسَّرت أحادا