حظرت كوريا الجنوبية ألعاب الإنترنت لمن هم دون سن الثامنة عشرة,حيث وجهت السلطات أوامرها للشركات المشغلة لأكثر من ثلاثة ألعاب شعبية على الإنترنت لمنع وصول من هم دون سن الثامنة عشرة إلى تلك الألعاب، وذلك رداً على الحادثة التي وقعت الشهر الماضي لزوجين كوريين تركا ابنتهما تموت جوعاً فيما يقومان بتربية طفل افتراضي في لعبة شعبية على الإنترنت. حماية المجتمع مسئولية الدولة ممثلةً بالجهات المعنية، وهذه الحالة الفردية في كوريا دفعت بالسلطات لاتخاذ قرارات حاسمة ربما تلحق ضرراً كبيراً بمصالح شركات إنتاج البرمجيات والألعاب الإلكترونية لكنها وضعت مصلحة المجتمع في مقدمة أولوياتها وهي تتخذ مثل هذه القرارات. وعلى الطرف الآخر لكنه طرف غير متوازن ومختل جاء ولي أمر طالب إلى الفصل الدراسي يسأل عن ابنه الطالب في الصف الثالث الثانوي لم يجده مع زملائه على مقاعد الدراسة سأل عن حضوره وسأل عن مستواه العلمي، وكانت الإجابة صادمة.. لا حضور منتظم ولا مستوى علمي مرضٍ، جميع المدرسين أكدوا عدم حضوره.. أين يذهب الولد؟؟ قالها وملامح القلق والاندهاش تظهر بجلاء على تقاسيم وجهه، أخرج التلفون بارتباك وأجرى اتصالاً على الطرف الآخر الذي كان ابنه.. يسأله أين أنت؟؟ قالها بانفعال .. أحد الطلاب يرفع صوته من داخل الفصل ابنك يومياً في الإنترنت!! قررت أن أمر على مقاهي الإنترنت القريبة من المدرسة لأكتشف حجم الكارثة المحدقة بأبنائنا وأطفالنا وسط صمت رهيب من الجهات المسئولة في وزارتي التربية والتعليم والثقافة والجهات الأمنية، لا أبالغ إن قلت إن استمرار مثل هذه الأوضاع يمثل تهديداً للأمن القومي (بمفهومه الواسع والشامل) لما يمثله ذلك من إهدار متعمد لمستقبل أبنائنا الذين هم عماد المستقبل، وخطورة ذلك لا يقتصر على هروب الطالب من قاعة الدرس وزيادة نسبة الأمية والتخلف في المجتمع بل يتعداها إلى إفراز جيل مشوه الفكر يعاني انفصاماً اجتماعياً ويكتسب سلوكاً منحرفاً. ما يحدث لايعفي إدارات المدارس وأولياء الأمور من المسئولية المباشرة في المتابعة المستمرة لحضور وغياب الطالب والتواصل المستمر بين الطرفين لتقويم أي انحراف قد يظهر على سلوك الطالب. البيئة المدرسية أصبحت بيئة طاردة وغير جاذبة للتعليم.. الكل يشكي ويعاني، والأوضاع تزداد قتامة.. المدارس المنضبطة (مدارس البنات) جعلت من المادة العلمية هي كل شيء وأغفلت الأنشطة المدرسية واللاصفية المصاحبة وأسقطت حصص الرياضة والتربية الفنية حتى التدبير المنزلي، والمدرسة التي تم تمليكها أجهزة حاسوب وضعتها ديكوراً فقط ولم يسمح للطالبات بالدراسة عليها رغم أن وزارة التربية والتعليم أنفقت عشرات الملايين على طباعة كتب الحاسوب وشراء أجهزة لبعض المدارس. حماية أطفالنا مسئولية الجميع، والتعميمات الصادرة عن الجهات الأمنية والتي تشدد الرقابة على محلات الإنترنت وإلزامها بعدم فتح أبوابها بعد الحادية عشرة مساءً والحملات التي تنفذها وزارة الثقافة ممثلة بمكاتبها في المحافظات بإجراء تفتيش دوري لضبط أية مخالفات كالترويج للمواقع الإباحية والمخلة بالآداب، كل ذلك يعد عملاً ايجابياً، لكنه يحتاج إلى استكمال إطاره الأهم وهو حماية الأطفال وإنزال تعاميم يتبعها رقابة أشد على ألا تتحول إلى وسيلة للابتزاز تمنع دخول الطلاب إلى هذه المحلات وتمنع دخول الأطفال تحت سن محدد إليها وفرض عقوبات مشددة على كل من ينتهك مثل هذه القرارات. التعليم في اليمن يعاني بالأصل مشاكل كبيرة في كل مستوياته وأوضاعه ولسنا بحاجة لمزيد من الأعباء التي تفرضها علينا التكنولوجيا الحديثة وتتحول إلى عبء بدلاً عن الاستفادة منها في تطوير التعليم والنهوض بالمجتمع.