الثلاثاء المنصرم صادف حلول الذكرى السابعة عشرة ليوم الديمقراطية اليمنية ال27 من ابريل، ففي هذا اليوم من العام 1993م تم إجراء أول انتخابات تشريعية في ظل دولة الوحدة (الجمهورية اليمنية) حيث تم انتخاب أول برلمان لليمن بعد إعادة وحدة الوطن اليمني أرضاً وإنساناً في ال22من مايو1990م، وقد مثلت تلك الانتخابات نقطة تحول تاريخية مهمة في حياة اليمنيين ومسار الحياة السياسية والتجربة الديمقراطية كونها تتم لأول مرة في تاريخ اليمن الحديث والمعاصر بطريقة ديمقراطية تنافسية وعبر الاقتراع السري الحر والمباشر. لعل الجميع ممن شهدوا الانتخابات البرلمانية الأولى التي جرت في ال27من ابريل 1993م يتذكرون تلك اللحظات الجميلة للعرس الديمقراطي حينما كان المواطنون رجالاً ونساءً والمقيدة أسماؤهم في سجلات قيد الناخبين يتوجهون صوب مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم وبكل حرية لمن يرون من المرشحين أنهم يستحقون ثقتهم لتمثيلهم في البرلمان وكان هناك من يراهن على أن يوم ال27من ابريل 93م سيكون يوم الاقتتال والتناحر بين اليمنيين، كون التجربة الديمقراطية جديدة عليهم ولن يتم تقبل نتائج الصندوق، ولكن الشعب اليمني أثبت أنه جدير بالديمقراطية، حيث جرت الانتخابات بصورة هادئة وقبل الجميع بنتائج صناديق الاقتراع التي عبر من خلالها المواطن عن إرادته الحرة، ولكن بعض قيادات الحزب الاشتراكي آنذاك أخفت حقيقة رفضها لتلك النتائج وأرادت أن تظهر أمام الرأي العام المحلي والعالمي أنها مؤمنة بنتائج صناديق الاقتراع وتحترم إرادة الجماهير بينما ممارساتها وتصرفاتها أبدت ما تخفيه وما تضمره في قرارة نفوسها الأمّارة بالسوء، حيث عمدت إلى افتعال الأزمات واختلاق المشكلات وبدأت تعد العدة لتنفيذ مؤامراتها الدنيئة والتي اتضحت معالمها بوضوح في الذكرى الأولى للانتخابات البرلمانية عندما فجرت الحرب المجنونة في إبريل 1994م بين رفقاء السلاح في عمران وذمار وفي مختلف المحاور وصولاً إلى إعلان الانفصال المشئوم الذي تصدى له شعبنا اليمني وقواته المسلحة والأمن بكل قوة وتمكن من القضاء على المؤامرة وتحقيق الانتصار العظيم للوحدة والديمقراطية. عشرون عاماً مضت على إعادة تحقيق وحدة الوطن اليمني أرضاً وإنساناً وسبعة عشر عاماً انقضت على إجراء أول انتخابات برلمانية تحققت خلالها إنجازات عظيمة وتحولات تاريخية كبيرة على مختلف الصعد السياسية والديمقراطية والتنموية والاجتماعية وفي مجال بناء الإنسان.. فعلى الصعيد السياسي والديمقراطي تم ترسيخ النهج الديمقراطي والتعددية السياسية وحرية الرأي والتعبير ومبدأ المشاركة الشعبية الواسعة في اتخاذ القرار والتداول السلمي للسلطة من خلال إتاحة المزيد من الحريات للأحزاب في ممارسة أنشطتها وفقاً للدستور والقانون وإجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها المحدد (27ابريل 1997م 27أبريل 2003م) وكان يفترض إجراء الانتخابات الرابعة في موعدها المحدد(27ابريل 2009م)ولكن نزولاً عند رغبة أحزاب اللقاء المشترك تم تأجيلها لمدة عامين.. كما تم إجراء دورتين انتخابيتين للمجالس المحلية ورئاسة الجمهورية.. كما تم إنشاء عشرات المنظمات الجماهيرية المختلفة وتعزيز حرية الصحافة والرأي والرأي الآخر، ومع كل ذلك نجد اليوم أن هناك ممن لايزالون يعيشون بعقلية ما قبل العام 1990م ويريدون الوصول إلى السلطة عبر الأساليب والطرق غير الديمقراطية، ضاربين عرض الحائط بإرادة الجماهير، فهم لا يرون مصلحة الوطن والشعب إلا من خلال مصالحهم الشخصية والحزبية ولذلك نجدهم يختلقون الأزمات ويختلقون المشكلات ويدعمون كل عملٍ تقوم به العناصر الخارجة عن الدستور والقانون، ليس ذلك فحسب بل يعقدون تحالفات مشبوهة مع عناصر التخريب والإرهاب سواء تلك العناصر التي مازالت تعتقد أنها قادرة على إعادة شعبنا إلى ما كان عليه قبل ثورة 26سبتمبر 1962م و1963م و30نوفمبر67م من بقايا الإمامة والسلاطين وعملاء الاستعمار أو عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي أو مليشيات القتل والتقطع والنهب والسلب ممن يسمون أنفسهم بعناصر الحراك. هل يعي إخواننا في أحزاب اللقاء المشترك حقيقة أننا جميعاً على ظهر سفينة واحدة فإن خرقوها فسنغرق معاً لا سمح الله.. وهل آن الأوان للعودة إلى جادة الصواب والاستجابة لمنطق العقل والحكمة فيبادرون بالجلوس على طاولة الحوار دون شروط مسبقة ووضع كافة القضايا والمواضيع المختلف بشأنها على الطاولة ومناقشتها بشفافية كاملة وحرية مفتوحة؟..هل ممكن ذلك..لماذا لا.. أليس في أحزاب اللقاء مشترك حكماء يعون حقيقة أين تكمن مصلحة الوطن والشعب؟!.