تعزيزات امنية حوثية في البنوك بصنعاء بعد تزايد مطالبة المودعين بصرف أموالهم    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    ثنائية هالاند تُسحق ليفربول وتضع سيتي على عرش الدوري الإنجليزي!    صراع على الحياة: النائب احمد حاشد يواجه الحوثيين في معركة من أجل الحرية    عدن تنتفض ضد انقطاع الكهرباء... وموتى الحر يزدادون    "امتحانات تحت سيف الحرمان": أهالي المخا يطالبون بتوفير الكهرباء لطلابهم    "جريمة إلكترونية تهزّ صنعاء:"الحوثيون يسرقون هوية صحفي يمني بمساعدة شركة اتصالات!"    "الحوثيون يزرعون الجوع في اليمن: اتهامات من الوية العمالقة "    شاهد:الحوثيون يرقصون على أنقاض دمت: جريمةٌ لا تُغتفر    ليست السعودية ولا الإمارات.. عيدروس الزبيدي يدعو هذه الدولة للتدخل وإنقاذ عدن    البريمييرليغ: السيتي يستعيد الصدارة من ارسنال    زلزال كروي: مبابي يعتزم الانتقال للدوري السعودي!    الوكيل مفتاح يتفقد نقطة الفلج ويؤكد أن كل الطرق من جانب مارب مفتوحة    الارياني: استنساخ مليشيا الحوثي "الصرخة الخمينية" يؤكد تبعيتها الكاملة لإيران    الرئيس الزُبيدي يثمن الموقف البريطاني الأمريكي من القرصنة الحوثية    ارتفاع طفيف لمعدل البطالة في بريطانيا خلال الربع الأول من العام الجاري    رئيس انتقالي لحج "الحالمي" يعزي في وفاة الشخصية الوطنية والقيادية محسن هائل السلامي    مانشستر يونايتد الإنجليزي يعلن رحيل لاعبه الفرنسي رافاييل فاران    كريستيانو رونالدو يسعى لتمديد عقده مع النصر السعودي    في الذكرى ال 76 للنكبة.. اتحاد نضال العمال الفلسطيني يجدد دعوته للوحدة الوطنية وانهاء الانقسام مميز    المنامة تحتضن قمة عربية    وفاة امرأة وطفلها غرقًا في أحد البرك المائية في تعز    الذهب يرتفع قبل بيانات التضخم الأمريكية    أمين عام الإصلاح يبحث مع سفير الصين جهود إحلال السلام ودعم الحكومة    بريطانيا تؤكد دخول مئات السفن إلى موانئ الحوثيين دون تفتيش أممي خلال الأشهر الماضية مميز    سنتكوم تعلن تدمير طائرتين مسيرتين وصاروخ مضاد للسفن فوق البحر الأحمر مميز    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    مجازر دموية لا تتوقف وحصيلة شهداء قطاع غزة تتجاوز ال35 ألفا    الولايات المتحدة: هناك أدلة كثيرة على أن إيران توفر أسلحة متقدمة للمليشيات الحوثية    اليمن تسعى للاكتفاء الذاتي من الألبان    طعن مواطن حتى الموت على أيدي مدمن مخدرات جنوب غربي اليمن.. وأسرة الجاني تتخذ إجراء عاجل بشأنه    وصمة عار في جبين كل مسئول.. اخراج المرضى من أسرتهم إلى ساحات مستشفى الصداقة    بن عيدان يمنع تدمير أنبوب نفط شبوة وخصخصة قطاع s4 النفطي    برشلونة يرقص على أنغام سوسيداد ويستعيد وصافة الليغا!    أسرارٌ خفية وراء آية الكرسي قبل النوم تُذهلك!    ليفربول يسقط في فخ التعادل امام استون فيلا    إنجاز يمني تاريخي لطفلة يمنية    استعدادات حوثية للاستيلاء على 4 مليار دولار من ودائع المواطنين في البنوك بصنعاء    لاعب منتخب الشباب السابق الدبعي يؤكد تكريم نجوم الرياضة وأجب وأستحقاق وليس هبه !    جريمة قتل تهز عدن: قوات الأمن تحاصر منزل المتهم    سيف العدالة يرتفع: قصاص القاتل يزلزل حضرموت    ما معنى الانفصال:    مقتل عنصر حوثي بمواجهات مع مواطنين في إب    البوم    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    دموع ''صنعاء القديمة''    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    فريق مركز الملك سلمان للإغاثة يتفقد سير العمل في بناء 50 وحدة سكنية بمديرية المسيلة    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    هل تعاني من الهم والكرب؟ إليك مفتاح الفرج في صلاةٍ مُهملة بالليل!    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    وزير المياه والبيئة يزور محمية خور عميرة بمحافظة لحج مميز    بالفيديو...باحث : حليب الإبل يوجد به إنسولين ولا يرفع السكر ويغني عن الأطعمة الأخرى لمدة شهرين!    هل استخدام الجوال يُضعف النظر؟.. استشاري سعودي يجيب    قل المهرة والفراغ يدفع السفراء الغربيون للقاءات مع اليمنيين    مثقفون يطالبون سلطتي صنعاء وعدن بتحمل مسؤوليتها تجاه الشاعر الجند    هناك في العرب هشام بن عمرو !    قارورة البيرة اولاً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الديمقراطية في عهد الرئيس علي عبدالله صالح
نشر في المؤتمر نت يوم 17 - 07 - 2003


المقدمة:
"إن الديمقراطية سبيل حفاظنا على سلامة البلاد وسيادتها واستقلالها وإن الديمقراطية هي المدرسة التي تتعلم منها الأجيال".
عبارة مقتطفة من إحدى خطابات الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية ولأن اليمن يعيش اليوم في عصر الديمقراطية التي كان لفخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية الذي يحتفل الشعب اليمني اليوم باليوبيل الفضي لتولي فخامته مقاليد السلطة في السابع عشر من يوليو 1987م فإن التجسيد الديمقراطي في اليمن بات مشهدا يثير إعجاب الآخرين في العالم ولذلك نجد أن يومية "لوموند" إحدى كبريات الصحف الفرنسية كتبت في عددها الصادر في الثامن من نوفمبر 2002م تقول: إن الجمهورية اليمنية تمثل استثناء في منطقة شبه الجزيرة العربية، وهي فضاء ديمقراطي فالتعددية السياسية وحرية الصحافة وحقوق التجمع مضمونة كلها بالدستور الذي يعمل به منذ 1991م والذي تم تبنيه بعد وحدة البلاد، وتضيف الصحيفة مستشهدة بحديث للأخ عبدالقادر باجمال رئيس مجلس الوزراء يقول فيه: إن الخطاب الديمقراطي في اليمن هو خطاب واحد سواء كان مصدره المعارضة او السلطة لأن حقوق الإنسان والتعددية السياسية والتبادل السلمي للسلطة والفصل بين السلطات هي مواضيع يطالب بها ويحميها الجانبان".
هكذا بات العالم ينظر الى الديمقراطية في اليمن وهكذا يجب علينا ونحن نحتفل بالذكرى الخامسة والعشرين لتولي الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية مقاليد السلطة في البلاد أن نفخر بأنه كان أول من جسد المبادئ الديمقراطية في البلاد وهاهي اليمن اليوم تعيش الديمقراطية بكل ما تحمله الكلمة من معنى في مختلف أشكال ومظاهر النظام السياسي في البلاد وعلى مدى عتيد ونيف منذ إعادة قد تحقيق الوحدة شهدت اليمن تجسيداً رائعا لصور وأشكال متنوعة ومختلفة للنظام الديمقراطي وهذا ما يجعلنا نلقي جزءا ولو بسيطا من الضوء على مسار التطور الديمقراطي الذي شهدته اليمن منذ تولي فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية مقاليد السلطة في السابع عشر من يوليو 1978م.
البداية الأولى:
لا شك أن الفترة التاريخية المتحدة بين تولي فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية مقاليد الحكم في اليمن في السابع عشر من يوليو 1987م وبين إعادة تحقق الوحدة اليمنية في الثاني والعشرين من مايو 1990م لم تشهد تعددية سياسية بالمعنى الذي أصبح عليه الأمر اليوم لكن المتابع لمسيرة تطور النظام السياسي في اليمن خصوصا منذ تولي الأخ علي عبدالله صالح مقاليد السلطة يجد أنه حاول أن يرسي مبادئ وأسس النظام الديمقراطي من خلال تشكيل المجلس الاستشاري في عام 79م ثم تشكيل لجنة الحوار الوطني عام 1980م والتي أنيط بها صياغة مشروع الميثاق الوطني تلا ذلك تأسيس المؤتمر الشعبي العام الذي أصبح الإطار السياسي الذي تنضوي فيه مختلف القوى السياسية والذي تم تشكيله بطريقة الانتخاب الديمقراطي.
وفي 17 يوليو 1985م خاض أبناء الشعب اليمني في شمال الوطن سابقاً أوسع انتخابات حيث تم انتخاب ممثل لكل 500 مواطن لعضوية المؤتمر الشعبي العام وعضوية الجمعيات العمومية للمجالس المحلية للتطوير التعاوني ثم جاءت انتخابات مجلس الشورى عام 1988م لتجسد المبادئ الديمقراطية التي أكد عليها فخامة الأخ رئيس الجمهورية منذ توليه السلطة حيث نجده يقول في بيانه السياسي في العيد السابع عشر لثورة 26 من سبتمبر: إن قناعتنا المستمرة هي أن الديمقراطية حتى تحقق غايتها النبيلة في إطلاق حرية الرأي والفكر والعمل والنقد البناء لا بد أن تكون ديمقراطية حقيقية من خلال الممارسة اليومية لا من خلال الشعارات الجوفاء الخالية من المحتوى التي لا نقد بها إلا الاستهلاك والمزايدة ولهذا كانت خطواتنا لهذا العام مؤكدة نهجنا الديمقراطي الصحيح ودليلا ملموسا على حرصنا على احترام إرادة الشعب.
ولقد أكد فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية في أكثر من مناسبة على أن الديمقراطية هي الخيار الحتمي الذي لا تراجع عنه وأنها تشكل بحد ذاتها الأساس المتين والحصن المنيع للحفاظ على الوحدة الوطنية.
وقد مثلت هذه الرؤية مبدأ رئيسيا لطبيعة النظام السياسي الذي ولد مع إعادة تحقيق الوحدة اليمنية في الثاني والعشرين من مايو 1990م.
ومثلت تلك اللحظات التاريخية التي رفع فيها فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية علم الجمهورية اليمنية في سماء مدينة عدن النقطة الفاصلة في ولادة عهد سياسي جديد بالنسبة لليمن ولليمنيين بعد أن عانى اليمنيون من غياب الحرية السياسية العلنية التي ظلت محظورة بموجب نص دستوري حيث نصت المادة (37) من الدستور الدائم الصادر فيما كان يعرف بشمال اليمن عام 1970م على أن "الحزبية بجميع أشكالها محظورة" بينما شكل الحكم الشمولي والانفراد الأحادي بالسلطة فيما كان يعرف بجنوب اليمن سداً منيعاً أمام وجود تعددية سياسية، ومع ذلك يمكن القول أن النشاط السياسي كان موجوداً ويمارس على أرض الواقع بطرق سرية خصوصاً في المحافظات الشمالية حيث كان المواطنون ينظمون في أطر وتكوينات سياسية سواء تلك التي انتهجت الأيدلوجية الفكرية الماركسية وارتبطت مع الحزب الاشتراكي اليمني الذي كان يحكم جنوب اليمن قبل الوحدة أو التي اتخذت من الفكر البعثي الذي كان يحكم العراق وسوريا أو الانضواء في إطار تيار القومية العربية أو ما يعرف تاريخياً بالتيار الناصري إضافة إلى تيار ما يعرف في الوطن العربي بحركة الأخوان المسلمين، ومع أن هذه التيارات السياسية كانت متواجدة وتمارس عملها السياسي بشكل سري في شمال اليمن سابقا إلا أن وجودها في الجنوب كان يكون شبه منعدم تماماً.. ومع ذلك فقد انضوت معظم العناصر القيادية إن لم نقل معظم تلك التيارات السياسية في شمال الوطن في إطار "المؤتمر الشعبي العام" الذي ولد عام 82 على يد فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية كإطار سياسي استند في الأيديولوجية التي انتهجها إلى ما عرف بالميثاق الوطني الذي كان أشبه بدستور للبلاد..
ومن تلك المنطلقات تتأكد حقيقة أن إعادة تحقيق الوحدة اليمنية في الثاني والعشرين من مايو 1990م بقدر ما كانت تجسيداً عمليا وترجمة حقيقية لمضامين الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر وتلبية لطموح وحلم ظل كنوراً في قلوب اليمنيين بمختلف مشاربهم وتوجهاتهم السياسية والفكرية والتنافسية إلا أنها بمقدار تجسيدها لذلك الحلم الذي أصبح حقيقة كانت هي اللحظة التاريخية التي انتقل اليمنيون بها ومعها من أطر سياسية شمولية إلى نظام قائم على التعددية السياسية وحرية ممارسة العمل الحزبي الأمر الذي جعل من الوحدة والديمقراطية توأمان لا ينفصلان بل كأن الديمقراطية والتعددية السياسية بمثابة الابن الشرعي للوحدة اليمنية وهو الأمر الذي يؤدي إلى فهم عميق لرؤية القيادة السياسية ممثلة بفخامة رئيس الجمهورية علي عبدالله صالح الذي كان وما يزال يكرر أن الديمقراطية هي دين الوحدة وحتمية لا تراجع عنها.
وإذا كان الحديث عن الديمقراطية في اليمن يستلزم الحديث عن المظاهر التي تجسدت من خلالها الممارسة الديمقراطية خلال الأعوام الثلاثة عشر منذ قيام الجمهورية اليمنية فإن ذلك الحديث في الوقت نفسه لا يمكن إلا أن يرتبط بالحديث عن دور الرئيس علي عبدالله صالح الذي يصادف ال17 من يوليو ذكرى اليوبيل الفضي لتوليه مقاليد الحكم في اليمن ذلك أن العمل الديمقراطي وإن كان قد جاء انعكاساً لقيام الوحدة اليمنية إلا أن علي عبدالله صالح كان هو الرجل الأول في اليمن الذي لعب وما يزال دوراً سواء في إعادة تحقيق الوحدة أو في حمايتها والدفاع عنها ضد المحاولات التي كانت ترمي إلى إجهاضها وهي ما تزال في المهد، فضلا عن كونه وعلى مدى عقد ونيف منذ قيام الوحدة يبذل جهوداً حثيثة في تطوير مسار العمل الديمقراطي في مختلف أشكاله وجوانبه وأبعاده الدستورية والقانونية، أو الممارسات السلوكية أو في محاولات تبني ملامح التطوير المستمر لمختلف الجوانب التي تلعب دورا في ترسيخ وتجذير النهج الديمقراطي في الواقع السياسي ايمني مع الأخذ في الاعتبار أن الديمقراطية في اليمن ما تزال محكومة بعوامل ثقافية وفكرية واجتماعية واقتصادية ومتغيرات داخلية وخارجية تقف عائقاً حتى أمام إمكانية الانتقال بها من طور التجربة المشوبة بالسلبيات إلى طور النضوج في مجتمع ما زالت الأمية تنتشر فيه، وما زال محكوماً بالأعراف والتقاليد القبلية التي تطغى على القانون في معظم الأحيان حتى من قبل أولئك الذين يصلون إلى قطار السلطة والحكم عن طريق الديمقراطية نفسها.
ومن هنا فإن النظام السياسي اليمني الذي انتهج مبدأ الديمقراطية وحرية التعددية السياسية قد استند في شرعية وجوده إلى نصوص دستور الجمهورية اليمنية الذي ينص على التعددية السياسية والحزبية حيث تنص المادة الخامسة من دستور الجمهورية اليمنية على أن "يقوم النظام السياسي للجمهورية على التعددية السياسية والحزبية وذلك بهدف تداول السلطة سلمياً، وينظم القانون الأحكام والإجراءات الخاصة بتكوين التنظيمات والأحزاب السياسية وممارسة النشاط السياسي ولا يجوز تسخير الوظيفة العامة أو المال العام لمصلحة خاصة بحزب أو تنظيم سياسي معين.
وجاء قانون الأحزاب والتنظيمات السياسية رقم 66 لسنة 1991م الصادر في 16 أكتوبر 1991م ليؤكد صراحة على ذلك الحق حيث نصت مادته الثالثة: أن الحريات العامة بما فيها التعددية السياسية والحزبية حق وركن أساسي من أركان النظام السياسي والاجتماعي للجمهورية اليمنية ولا يجوز إلغاؤه أو الحد منه أو استخدام أية وسيلة تعرقل حرية المواطنين في ممارسته وقد جسد الدستور اليمني النهج الديمقراطي تحدثت حيث المادة رقم (4) من الدستور على أن "الشعب مالك السلطة ومصدرها ويمارسها بشكل مباشر عن طريق الاستفتاء والانتخابات العامة كما يزاولها بطريقة غير مباشرة عن طريق الهيئات التشريعية والتنفيذية والقضائية وعن طريق المجالس المحلية المنتخبة.
إضافة إلى ذلك فقد جسدت نصوص الدستور والقوانين المنبثقة عنه العديد من المبادئ التي تعد تأكيداً جوهرياً وشكليا لمبدأ الديمقراطية ومنها:
- التداول السلمي للسلطة
- إن الحريات الشخصية مصونة
- حرية الرأي والتعبير
- حرية المشاركة السياسية
- حق التنظيم سواء أكان سياسي أو ثقافي أو مهني
- حق الترشيح والانتخاب
- الفصل بين السلطات مع وجود تعارف فيها
ويمكن القول أن الممارسة الفعلية والتجسيد الواقعي لمبدأ النهج الديمقراطي والتعددية السياسية في الجمهورية اليمنية قد تمنطقت في العديد من الصور التي تعبر عن جوهر وروح العمل الديمقراطي وتتمثل في:
1- الأحزاب السياسية: حيث شهدت الجمهورية اليمنية ولادة حوالي 46 حزبا سياسياً عند قيامها ومع أن ذلك الكم الكبير قد تقلص مع مرور السنوات إلا أن الحياة السياسية في اليمن ما تزال تصبح بوجود أكثر من 22 حزباً سياسياً تتواجد على أرض الواقع من النواحي الشكلية والقانونية مع الأخذ في الاعتبار أن فاعلية الأحزاب تكاد تنحصر في خمسة أحزاب رئيسية على أرض الواقع وهي تلك الأحزاب التي استطاعت أن تجد لنفسها مكاناً تحث فيه البرلمان خلال الانتخابات العديدة التي شهدتها اليمن منذ عام 90 وحتى آخر انتخابات برلمانية جرت في السابع والعشرين من أبريل الماضي.
ثانياً: الاستفتاء على دستور عام 1991م
مثل الاستفتاء على دستور الجمهورية اليمنية يومي 15-16 مايو 1991م أول تجسيد واقعي لممارسة العمل السياسي القائم على التعبير عن الرأي والموقف السياسي بشكل صريح وعلني حيث شهدت الساحة السياسية اليمنية انقساما بين اتجاهين الاتجاه الأول موقف التأييد للدستور بزعامة المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني وغالبة القوى السياسية ذات الاتجاه القومي واليساري حينما تبنى الاتجاه الثاني موقف المعارضة للدستور وتزعم هذا الاتجاه الذي يقوم على طابع ديني حزب التجمع اليمني للإصلاح الذي تبنى آنذاك شعار لا للدستور ومع أن عملية الاستفتاء على الدستور نجحت حيث أيد الشعب دستور دولة الوحدة إلا أن الهم هو أن تلك العملية مثلت أول اختيار حقيقي لمدى قابلية السلطة لوجود معارضة وطرف آخر يقول لها لا، حيث عبر الاتجاه المعارض عن رأيه تجاه الموقف من الدستور من خلال وسائل الإعلام المطبوعة والمساجد والندوات والزيارات والحوارات في وسائل الإعلام، وتوزيع الأشرطة وسير المظاهرات فضلاً عن مقاطعة الاستفتاء ويرى الكثير من المهتمين بالعملية السياسية والديمقراطية في اليمن بأن عملية الاستفتاء والموقف السياسي للقوى الحزبية منه مثل تجربة ناجحة من خلال بروز التفاعل بين الاتجاه المؤيد والآني من المعارض للدستور أضافة إلى إبداء السلطة قدرا من المرونة في تفاعلها مع أحزاب المعارضة وإتاحة الفرصة أمامها لممارسة حريتها في التعبير وشكلت مقاطعة التجمع اليمني للإصلاح العملية الاستفتاء على الدستور آنذاك صورة واضحة من صور التسليم بالنهج الديمقراطي خصوصا وأن الوحدة اليمنية كانت في مرحلة الولادة وتحديد بها ظروف ومتغيرات إقليمية ودولية معقدة ومع ذلك فقد أعلنت اللجنة العليا للاستفتاء على دستور الوحدة يوم الاثنين السابع من ذي القعدة 1411 ه الموافق 20/5/1991م النتائج النهائية للاستفتاء على الدستور والتي بنيت أن عدد المشاركين في الاستفتاء بلغ (1.314.788) مواطن من إجمالي المسجلين في جداول الاستفتاء البالغ (1.890.646) مواطن أي أن نسبة المشاركة بلغت (72.2%) وبلغ عدد الذين قالوا (نعم للدستور) (1.371.247) بنسبة 98.3% في حين بلغ عدد الذين قالوا لا للدستور (20.409) أي بنسبة 5% فقط ومع أن نسبة الذين صوتوا لصالح دستور الوحدة كان كبيراً والعكس صحيح فإن قبول السلطة آنذاك بوجود رأي معارض بل ومقاطع لعملية الاستفتاء كان دليلاً على أن القيادة السياسية كانت على قناعة تامة بأن الديمقراطية هي النهج الذي أصبح قدراً حتمياً خصوصاً وأن السلطة كانت ما تزال خارجة من إطار حكم شمولي منفرد يرفض مبدأ المعارضة.
ومثل قول الشعب اليمني "نعم" للدستور اللبنة الأولى في مدماك البناء الوحدوي لتبدأ بعد ذلك ممارسة وتجسيد العمل الديمقراطي على أرض مستندة في سلوكياتها وتصرفاتها إلى نصوص دستورية أجمع عليها الشعب اليمني.
تمثل الانتخابات بمختلف أنواعها وأشكالها الصورة الأرقى للممارسة والتجسيد الواقعي للنهج الديمقراطي دولة من دول العالم تنتهج النظام الديمقراطي.
وقد أكد دستور الجمهورية اليمنية هذا الحق حيث نصت المادة (43) على أن "للمواطن حق الانتخاب والترشيح وإبداء الرأي في الاستفتاء وينظم القانون الأحكام المتعلقة بممارسة هذا الحق.
وقد شهدت اليمن في الفترة الممتدة بين ال27 من أبريل 93 و ال27 من أبريل 2003م صوراً من التجسيد الفعلي للممارسة الديمقراطية من خلال انتخاب المواطنين اليمنيين لمن يمثلهم سواء في المجالس البرلمانية أو في السلطة المحلية وصولاً إلى انتخاب رئيس للجمهورية.
- انتخابات 1993م البرلمانية:
سيظل يوم السابع والعشرين من أبريل 1993م يوماً مشهوداً في التاريخ اليمني المعاصر ذلك أنه شكل الانطلاقة الأولى التي تجسدت من خلالها أبهى صورة يمارس فيها الإنسان اليمني حقوقه السياسة من خلال التعبير عن فكره وأيدلوجيته وانتمائه السياسي عبر صناديق الاقتراع لاختيار من يمثله في البرلمان بعد أن عاش فترات طويلة من الزمان يخفى تلك التوجهات في حنايا صدره خوفاً من شمولية النظام القائم قبل الوحدة.
وقد شهد السابع والعشرين من أبريل 1993م إجراء أول انتخابات عامة برلمانية في تاريخ الجمهورية وفي ظل التعددية السياسية.
وقد تنافس اثنان وعشرون حزباً سياسياً من أصل أكثر من 40 حزباً سياسياً للحصول على مقاعد البرلمان البالغة 301 مقعداً وبلغ عدد المرشحين الذين خاضوا تلك الانتخابات (3166) مرشحا منهم (1226) مرشحاً حزبياً (1940) مرشحا مستقلا فيما بلغ عدد المرشحات (42) مرشحة من إجمالي المرشحين منهم 18 مرشحة و 24 مرشحة مستقلة.
وشارك في تلك الانتخابات التي بلغ عدد المسجلين فيها (2.682.457) ناخباً وناخبة حوالي (2.271.126) مشاركا ومشاركة بنسبة (84.7) من إجمالي عدد المسجلين وجاءت النتائج الانتخابية وفقاً للآتي:
- المؤتمر الشعبي العام 122 مقعداً
- التجمع اليمني للإصلاح 63 مقعداً
- الحزب الاشتراكي اليمني 6 مقعد
- حزب البعث العربي الاشتراكي 7 مقعداً
- حزب الحق 2 مقعداً
- التنظيم الوحدوي الناصري 1 مقعد
- الحزب الديمقراطي الناصري 1 معقد
- المستقلون 48 مقعد
بينما لم تحصل بقية الأحزاب على أي مقاعد في البرلمان ومثلت تلك الانتخابات أول حجر في مسار التعددية السياسية على مستوى التجسيد الواقعي وشكلت نواة لبناء وعي سياسي لدى المواطن اليمني
وتتمثل أهمية تلك الانتخابات البرلمانية التي جرت في أبريل 93 في كونها:
- كانت أول تجربة سياسية ديمقراطية يجسد فيها الناخب اليمني حقوقه الدستورية بشكل عملي.
- مثلت التجسيد السلوكي الأول لنصوص دستور دولة الوحدة الذي أبداه الشعب في الاستفتاء العام الذي جري في عام 91.
- نلقت سلطات الدولة من شرعية الاتفاقات الانتقالية أو الشرعية التاريخية إلى الشرعية الدستورية الدائمة.
- مثلت بداية تحول هام في مسار تعزيز قوة الشعب كمصدر للسلطات حسبما ينص عليه الدستور.
- مثلت نقطة لإثارة اهتمام الرأي العام العالمي باليمن بالنهج الديمقراطي الذي بدأ يتجسد في هذا البلد حيث نشرت إحدى وكالات الإعلام الغربية آنذاك تحليلا جاء فيه: في حين كانت نتائج أول انتخابات تخوضها عدة أحزاب في اليمن وأول انتخابات في شبة الجزيرة العربية لا تزال تردد من المناطق النائية أشاد المراقبون العائدون من اليمن بعملية الاستفتاء الشعبي هذه التي شملت شطري اليمن السابقين واللذين كانا على خلاف أيديولوجي ووصفوها بأنها نجاح للديمقراطية ونقطة تحول في البلاد.
- إضافة إلى كل ذلك فقد أفرزت هذه الانتخابات حجم كل حزب سياسي في أوساط الجماهير الشعبية.
- ومع أن الفترة الممتدة بين أول انتخابات برلمانية في إبريل 93 وثاني انتخابات تشهدها اليمن في ابريل 67 كانت أربع سنوات إلا أنها كانت حافلة بالإحداث الصعبة وفي هذا الإطار يمكن القول أن تجسيد النهج الديمقراطي خلال هذه الفترة يعود في أساسة إلى الحنكة السياسية التي تعامل بها الرئيس علي عبدالله صالح مع مختلف الظروف والأزمات التي شهدتها تلك الفترة واستطاع أن يجسد مدى حتمية النهج الديمقراطي, وتلازمه في مسار بناء الوحدة اليمنية على أسس أكثر متانة وتبين ذلك من خلال أسلوب إدارة الأزمات الذي انتهجه الرئيس إبان ألازمة التي أودت إلى إعلان الانفصال حيث أن نتائج انتخابات 93 كانت تمثل اختبار للقوى السياسية لمدى حقيقة ومصداقية اقتناعها ومدى التزامها بالخيار الديمقراطي فكرا وممارسة عن طريق الاحتكام إلى القواعد الدستورية المنظمة للحياة السياسية من خلال الالتزام بالنتائج التي أسفرت عنها أول انتخابات برلمانية جرت في اليمن إلا أن عدم اقتناع بعض قيادات الحزب الاشتراكي بالوضعية الجديدة في السلطة بناء على النتائج التي حصلت بالوضعية الجديدة في السلطة بناء على النتائج التي حصل عليها الحزب في الانتخابات حسبما تشير إليه بعض الدراسات كان هو السبب الرئيسي الذي أدى إلى نشوب أزمة سياسية قادت تداعياتها إلى إعلان الانفصال من قبل قادة الحرب الاشتراكي إلى إعلان الانفصال من قبل قادة الحزب الاشتراكي الأمر الذي أدى إلى أن يصبح الخيار العسكري والحرب هو الخيار الأوحد لتثبيت الوحدة وحماية الديمقراطية وهو الأمر الذي نجح بالقضاء بشكل نهائي على عناصر الانفصال في السابع من يوليو 1994م.
- ويرى الكثير من المراقبين بأن الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية قدم الكثير من التنازلات التي لم تكن متوقعة ولاقت معارضة حتى من الزعامات السياسية المقربة منه إبان تلك الأزمة في محاولة لدرء المخاطر عن الوحدة والديمقراطية إلا أن تلك التنازلات لم تجد في ظل التعنت الذي أبداه بعض قاداة الاشتراكي وإصرارهم على قلب قواعد اللعبة السياسية بعيدا عن إطارها الدستوري الشرعي الذي تجسد من خلال الانتخابات البرلمانية الأولى أبريل 93م والتي لو كانت قد نجحت لربما لعبت دوراً في تقليص حجم الخيار العسكري والحرب إلا أنها كانت ستمثل سابقة خطيرة في الالتفاف على النهج الديمقراطي والاحتكام إلى الدستور كمرجعية وحيدة في إطار اللعبة السياسية.
وقد تجسد الموقف الشجاع للرئيس علي عبدالله صالح في رفعه شعار "الوحدة او الموت" وقدرته على الوقوف بحزم في القضاء على محاولة التمرد والانفصال وعبر الشعب بالتفافه خلف قيادة الرئيس علي عبدالله صالح ودفاعه عن الوحدة عن القناعة التي ترسخت وتجذرت في وعيه ليس بأهمية الحفاظ على الوحدة التي كانت وما تزال تشكل جزءا من وعي الإنسان اليمني على التاريخ بل وعن قناعة الشعب اليمني بالنهج الديمقراطي الذي مارسه في الاستفتاء على الدستور وفي انتخابات أبريل 93م.
ومع انتصار الشعب وقائده للوحدة في 94 لم يكن صعباً أن يحاول الرئيس علي عبدالله صالح استغلال تلك الظروف للعودة بمسار التجربة الديمقراطية إلى الوراء وتقليص مساحة الحريات تحت أي مبرر يرتبط بهاسلبيات العمل الديمقراطي خصوصاً وأن الانتخابات البرلمانية بنتائجها كانت سبباً رئيسا في اندلاع الأزمة ومن ثم الانفصال والحرب إلا أن القناعة الفكرية والسياسية والحنكة التي يتمتع بها الرئيس علي عبدالله صالح أثبتت أن الديمقراطية وترسيخها باعتبارها حصناً منيعاً يحمي الوحدة كانت أكثر رسوخا في رؤية الرئيس والبعد الأول والاستراتيجي الذي يعتمد عليه في صناعة واتخاذ قراره السياسي حيث أكدت التعديلات الدستورية في سبتمبر 1994م أن القيادة السياسية حاولت من خلالها إحداث تطور ملموس في مؤسسات النظام السياسي بصورة عامة ورئاسة الدولة بصورة خاصة.
ويرى الكثير من المحللين أن التعديلات الدستورية التي حدثت آنذاك كانت أكثر وضوحاً في التزامها بالنهج الديمقراطي وفي موقفها من التعددية الحزبية حيث يتبنى من خلال نص المادة الخامسة من الدستور التي أشرنا إليها سابقا أن ذلك الالتزام والوضوح تجسد في:
- أن مسألة التعددية السياسية والحزبية لم تعد تمثل إحدى الحقوق الأساسية والحريات التي يكفلها الدستور للمواطنين فحسب بل أضحت تشكل ركيزة أساسية للنظام السياسي الذي اختارته الدولة لنفسها.
- إنهاء مبدأ الخلط بين مفهومي التعددية السياسية والتعددية الحزبية.
- إضفاء طابع التداول السلمي للسلطة كأسس دستوري في هدف منظومة التعدد الحزبي.
- معالجة المظاهر السلبية المتزايدة للعمل الحزبي المتمثل باستغلال المال العام في الوظائف الحكومية لأغراض حزبية.
إضافة إلى حظر إنشاء جيش أو قوة عسكرية من قبل أي حزب ومنع ممارسة أو تسخير القوات المسلحة أو الأمن والشرطة لحزب سياسي وحظر الانتماء والنشاط الحزبي فيها بما يعني أن هذه التعديلات لم تقف عند حدود توفير الأسس الدستورية لضمان حرية تكوين الأحزاب السياسية في ظل تعدد حزبي فحسب بل هيأت السبل أمام متطلبات نظام التعدد الحزبي في إطار منظومة سياسية واقتصادية متكاملة.
ومن خلال ذلك يتبنى بجلاء مدى ترسخ القناعة في فكر الرئيس علي عبدالله صالح بالديمقراطية كخيار لا رجعة عنه من خلال حرص تلك التعديلات الدستوري على إحداث تطوير في مسار الحركة الديمقراطية وحركة العمل السياسي والحزبي كما يساهم في تفعيل الدور السياسي لمختلف القوى السياسية في إطار الحفاظ على الوحدة والديمقراطية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.