عالية ومتراصة وهادئة.. تتماهى بيوتها مع بعضها تاركة للعابرين أزقة ضيقة وقليلة، ويتماهى لون طينها بلون صخور مرتفعاتها، فلا تدرك نظرات زائرها البعيدة أيهما الآخر. تلك هي الهجرين التي تعني الواديين وتطل على كل الجهات، من مرتفع صخري يشرف على مدخلي الوادي الأيمن والأيسر في حضرموت. قديمة تعود إلى العصر الحميري وتقع إلى الجنوب الغربي من مدينة سيئون على بعد (100) كلم، كما تعد واحدة من أجمل قرى وادي حضرموت وبوابة دوعن المنيعة.. هي أمنع القرى الحضرمية وأفضلها تحصيناً.. تحيطها مزارع ظليلة.. غابات سامقة بالنخيل ومزارع ذرة وواديان خصبان: الغبر غرباً ودوعن شرقاً. الهجرين تقول الشعر وتقرضه منذ شاعرها الأول امرئ القيس.. قطن امرؤ القيس دمَّونها في مرابع كندة ولمَّا تطاول عليه الليل غنَّى: «دمون إنا معشر يمانون.. وإننا لأهلنا محبون»، فالهجرين إذاً مدينة الحب العذري وإحدى معلقات الشعر. الشاعر صالح المفلحي وصفها غصناً مورداً ومنازل تنبت الجوهر وطيب العود والند وقاصرات الطرف، وهي أغنية بصوت بلفقيه أبوبكر سالم وبصوت المكان نفسه الذي هو أقرب إلى الموسيقى، منه إلى الجغرافيا. تتضوع بمساجد كثيرة.. (10) مساجد حالياً، وبنكهة العسل الدوعني الثمين وبآثار سين وعشتر وذات حميم وفيها صهاريج معتقة وقبور مقدسية وأشجار لبان معمرة وكهف القزة، أول المعالم الآثرية في الجزيرة العربية ويرجعه الآثاريون إلى العصر الحجري. وصفها الهمداني والمؤرخ ابن عبداللاه في معجم البلدان ومؤرخون آخرون، أن إلى جانب ماتمارسه من أنشطة زراعية واقتصادية وما تمثله من معلم تاريخي متفرد، فالهجرين المدينة التي كانت إلى وقت قريب، تتحرّى هلال رمضان كل عام وعلى رؤيتها تصوم حضرموت ويشرق الهلال الكريم. من الهجرين يبتدئ الهلال رحلة النور وبها يهلُّ.