التظاهرات الاحتفالية الجماهيرية التي تعم مختلف محافظات الجمهورية اليمنية بمناسبة الاحتفال بمرور عشرين عاماً على الوحدة اليمنية أحد الدروس البليغة للذين يعيشون خارج العصر؛ تراودهم أحلام إعادة الحياة إلى الدولة الشطرية الجنوبية بالأساليب والوسائل الفوضوية والإرهابية التي تكدّر صفو الحياة الآمنة والمستقرة، إنهم حفنة من الانفصاليين الخونة الذين تراودهم أحلام اليقظة، وتدفعهم إلى ما يقومون به من أحداث شغب وسلب ونهب وقتل وقطع للطرقات، وإقلاق للأمن والاستقرار في بعض المحافظات والمديريات الجنوبية من الذين يحاولون أن يحققوا بالديمقراطية المخلوعة ما عجزوا عن تحقيقه بالقوة العسكرية الضاربة!!. معتقدين أن ما يقومون به من اعتصامات ومظاهرات غير مرخصة ومن السلب والنهب وقطع الطرقات وقتل الأبرياء كافية لإعادة الحياة إلى دولتهم الشمولية، مؤكدين من خلال تعدد جماعاتهم وتنازع قياداتهم الرجعية وتناقضها بأن مثل هذه التصرفات المجنونة واللا مسئولة سوف تقابل بالاستجابة الجماهيرية الحاشدة تحت ما يروجونه من الدعايات والافتراءات المحرضة على الحقد والكراهية بين أبناء الشعب الواحد من خلال ما يقومون به من فرز مناطقي وعنصري لأبناء المحافظات الشمالية الذين يقصدون بهم المؤمنين بالوحدة والشرعية الدستورية حتى ولو كانوا أبناء المحافظات الجنوبية، واتهامهم بأنهم مستعمرون، في دعوة ضمنية إلى إباحة دمائهم وأعراضهم وحرماتهم، ونهب ممتلكاتهم، وإزهاق أرواحهم، وانتهاك كافة ما كفله لهم الدستور ونظمته القوانين النافذة من الحقوق والحريات العامة والخاصة. ولا يجدون من الوحدويين من أبناء الشمال كانوا أو من أبناء الجنوب سوى الاستهجان والرفض والتعرية السياسية لما يقومون به من ممارسات فوضوية وإرهابية مقلقة للأمن والاستقرار والتنمية، ومطالبة جماعية من الشعب بتطبيق سيادة القانون بحق هؤلاء المجرمين الفوضويين الذين يسيئون استخدام الحرية، وينفذون جرائمهم البشعة تحت يافطة حقوق الإنسان. وهم في الحقيقة يؤكدون كل يوم من خلال ما يقترفونه من الجرائم وما يرفعونه من شعارات وما يطلقونه من دعوات انفصالية وإرهابية أول المنتهكين والخارجين عن الدستور والقانون الذين وجبت محاكمتهم وإنزال ما يستحقونه من العقوبات الصارمة حتى يكونوا عبرة لكل من تسوّل له نفسه الاستجابة لما يصدر عنهم من الدعوات المحرضة على الوحدة الوطنية والمثيرة لثقافة ونزعات الأحقاد والكراهية، حتى يتبين لهم الحق ويعلنوا التوبة والاعتذار للشعب عما صدرت عنهم من المواقف المشبوهة الهادفة إلى تسخير الحق لتمرير ما هو زهوق من الباطل في لحظة استهبال واستغفال لذوي الوعي المحدود من الذين تسحقهم البطالة ويمزّقهم الفقر ليتخذوهم جسوراً يمرّون عليها إلى ما يحلمون به من المصالح اللا مشروعة. إنهم يستخدمون بعض الأطفال والطلاب الذين لا يدركون خطورة دعواتهم وما تنطوي عليها من عواقب كارثية وخيمة عليهم وعلى آبائهم وأجدادهم وعلى جميع أبناء الشعب صاحب المصلحة الحقيقية في الثورة وفي الوحدة وفي الأمن والاستقرار والتنمية الاقتصادية والاجتماعية المادية والثقافية. إن الاستخدام الفوضوي لطلبة المدارس وإقحامهم في هذا النوع من المسيرات الفوضوية وما يتخللها من الأعمال العنيفة والإرهابية يدل على قصور واضح في التربية الوطنية والتعليم الأساسي والثانوي؛ يتحمل مسئوليته الآباء من جهة والمدرسون والمسئولون عن مكاتب التربية والتعليم من القاعدة إلى القمة بصورة يتقاضون عليها مرتبات شهرية من الدولة تستوجب وقفة جادة أمام ما لدينا من المناهج، وما لدينا من المدرسين، وما لدينا من القيادات التربوية والتعليمية التي تحتل المرتبة الأولى في الموازنة العامة للدولة. لأن ما يحدث في بعض المديريات والمحافظات الجنوبية قد حدث في محافظة صعدة ومديرية حرف سفيان؛ واحتمال حدوثه في غيرها من المديريات والمحافظات الجنوبية والشرقية والشمالية والغربية وفي جميع أنحاء الجمهورية طالما كانت الوزارات المعنية بالتعليم - رغم كثرتها - لا تبذل ما يجب أن تبذله من المتابعة، ومن التقييم والتقويم والإدارة الناجحة، وبالذات في تنشئة الشباب، وغرس حب الوطن، والانتماء الوطني في نفوس الأبناء والأحفاد الذين تتنازعهم وتفترسهم أسوأ أنواع الثقافات السياسية والمذهبية استناداً إلى مفاهيم وبنية محرّفة وخرافية تحرضهم على التطرف والإرهاب والانسياق خلف كل ما هو شاذ وخرافي من النزعات والعُقد والأمراض الحزبية التي تقدمهم لقمة سائغة لدعاة هذه الأفكار الانتحارية القاتلة للفضيلة والاعتدال والمسئولية تجاه أنفسهم وتجاه مجتمعهم وتجاه وطنهم. إن وزارة التربية والتعليم من الوزارات المخترقة في مناهجها، وكثير من العاملين فيها معروفون بانتماءاتهم الحزبية التي تستوجب إعطاء الأولوية لما تحتاجه من الإصلاح الجاد والمسئول الذي تحتمه وتستوجبه التنشئة السليمة للأجيال بعد فترة فساد حزبي أسفرت عن ضعف في الولاء؛ ناهيك عما أحدثته من ضعف في القدرات العلمية والثقافية والمعرفية بما شاع فيها من الفوضى والانفلات الإداري والتلاعب الحزبي فيما يحدث من غش في الامتحانات؛ وبالذات في بعض المحافظات النائية القبلية البعيدة عن السيطرة الحكومية القوية. أقول ذلك وأقصد به أن الجماعات الإسلامية المتطرفة ما برحت تنطلق من هذه الوزارة للسباق على البحث عن الأعوان والأنصار من الأتباع.. أعود فأقول إن الانفصاليين الذين وصلت بهم الوقاحة إلى الاستخدام العنيف للقوة لا تقل خطورة عما يقوم به تنظيم القاعدة من عمل إرهابي غادر وجبان لا يتفق مع ما ترفعه بعض الأحزاب والتنظيمات السياسية من دفاعات إعلامية وسياسية عمّن تصفهم بأصحاب الحقوق الذين تنحصر أساليبهم في حق التعبير السلمي عن الرأي؛ لأنها تحولت من المطالبة بمطالب حقوقية إلى مطالبة بالباطل؛ وتصويره للناس بأنه نوع من أنواع الحقوق المشروعة للتعبير السلمي؛ رغم معرفتها بأنه يتنافى مع المشروعية من وجهات نظر مبتدئة في العلم بالسياسة، والعلم بالقانون، والعلم بما يكفله الدستور من الحقوق والحريات المشروعة والقابلة للاستخدام. كيف تصف اللصوص وقطاع الطرق والإرهابيين والقتلة الانفصاليين بأنهم أصحاب حقوق مشروعة، ولا تعرف ما هي الحلول التي تملكها أحزاب اللقاء المشترك الداعية إلى الحوار مع هؤلاء، وكيف ستتعامل مع ما يقومون به من الممارسات الفوضوية والإرهابية القاتلة، هل لديها حلول جاهزة لإعادتهم إلى جادة الصواب والمطالب المشروعة..؟!. أقول ذلك وأقصد به أن هذا النوع من الانحراف الإجرامي الذي يتنافى مع كل الشرائع والقوانين المستمدة من الشرع والعقل عمل مهما كان مؤلماً ومؤسفاً وخارجاً عن الدستور والقانون؛ إلا أنه سوف ينتهي بذات النهج الذي يمارسه إلى الفشل بالضربات العقابية العاجلة والآجلة والمعبرة عن إرادة شعبية غاضبة نلمسها فيما نشاهده من الفعاليات الاحتفالية في كافة المحافظات الوحدوية الغاضبة والمعبرة بأفراحها عن التمسك بالوحدة قدراً ومصيراً مهما كانت التحديات وما يترتب على ذلك من استعدادات لا متناهية للتضحية بكل ما لديهم من الطاقات والإمكانيات المادية والمعنوية. وكما نلاحظ أن التعاطف الذي قوبلت به المطالب الحقوقية المبكرة للمتقاعدين تحولت مع الانفصاليين القتلة إلى شحنات غضب ناقمة على ما يخطط له هؤلاء القتلة من مخططات تآمرية وعدوانية لا تتفق مع أبسط القيم والمبادىء الحقوقية الحاملة لمقومات نجاحها. إن هذه الحركة العنيفة تحمل مقومات فنائها ونهايتها الدامية ولو بعد حين من الصبر ومن الكبر والغرور، وما تتظاهر به بعض الأحزاب وما تقدمه لها من أغطية سياسية ودعائية تكشف الأيام أنها وليدة ردود أفعال محبطة وبائسة وغير مسئولة؛ تظهر الإفلاس السياسي في الاستخدام المتعسف للديمقراطية الحوارية التي تطلب كل شيء وتشكك في كل شيء فيما يصدر عنها من البيانات والمواقف النظرية؛ ولكنها ترفض كل شيء بما في ذلك الشيء الذي تستدل به على عدالة مطالبها، وبما في ذلك ما تضفيه على هؤلاء اللصوص وقطاع الطرق والقتلة الانفصاليين الذين تصفهم بأصحاب القضية الوطنية. في حين يعرف الشعب الذي يعبّر عن حرصه على الوحدة واستعداده للدفاع عنها والتضحية من أجلها بأثمن ما يملكه من الدم والروح، مؤكداً أن هؤلاء المجرمين لا يستحقون سوى الاستخدام المشروع للقوة الكفيلة بإعادتهم إلى جادة العقل والسلام والأمن والاستقرار؛ لأن سلوكهم الإجرامي يشهد على ما لديهم من النوايا العدوانية القاتلة، هم أعداء الله وأعداء الشعب.