تمتلك محافظة إب مقومات سياحية متميزة ومتنوعة ، مناخها معتدل طوال العام وتضاريسها متباينة ، فيها السهول الواسعة والمرتفعات الجبلية التي تزينها المدرجات الخضراء ، وفي المنحدرات تشاهد الشلالات تنساب بجماليات لا تختلف عن أجمل الشلالات العالمية. وتتميز مرتفعاتها الجبلية بإشرافها على محافظات ومناطق أخرى تمنحها جمالاً أخاذاً وتصنع منها بيئة خصبة لمشاريع سياحية متنوعة، فيكفي أن تقف في قمة جبل (نامة) أو جبل التعكر لتشاهد مدينة تعز وكم يكون جمالها ليلاً عندما ترى الأنوار في جبل صبر وكأنها نجوم معلقة في السماء وعلى الطرف الآخر جبل سمارة وجبل بعدان وحصنها الشهير (حصن حب) وسلسلة جبال العود كلها تزدان بالخضرة والجمال. المنتج السياحي لهذه المحافظة لا يقتصر على ما جادت به الطبيعة من جمال وسحر بل إن مدنها المختلفة كانت عواصم لدول يمنية قديمة رفدت التاريخ اليمني بموروث حضاري كبير ، فقامت دولة حمير في منطقة وادي بنا واختارت ظفاراً عاصمة لها ، والتي يوجد فيها متحف ظفار التاريخي وما تم اكتشافه مؤخراً في منطقة النادرة والسدة من آثار تاريخية ولاتزال القلاع والقصور الباقية تذكر بحضارة مجيدة في هذه الأرض. وللتاريخ الإسلامي وجود مشهود في مدينة جبلة التي اتخذتها السيدة أروى بنت أحمد الصليحي عاصمة لدوتها ؛ فالجامع الكبير بكل ما يحتويه من معالم أثرية ، وقصرها المكون من 360 غرفة بعدد أيام السنة ، والسواقي التي أقامتها من قمة جبل التعكر إلى مدينة جبلة لإيصال المياه النقية للمدينة كلها مآثر تستحق الاهتمام والزيارة. لا يمكن حصر المنتج السياحي لهذه المحافظة بالمساحة المحددة لهذا المقال فهي متنوعة بين السياحة العلاجية والأثرية والطبيعية ... إلخ. لكن ما يهمنا في هذا الموضوع هو تذكير القائمين على السياحة والسلطة المحلية في محافظة إب بأهمية الالتفاف الجاد والمسؤول لهذه المميزات التي تجعل من المحافظة مصدراً أساسياً للدخل القومي ، خصوصاً أن العديد من الدول جعلت من السياحة المورد الأساسي لدخلها وحولت صحراءها وسواحلها إلى منتجعات سياحية ، ونحن نحول المنتجعات الطبيعية التي أنعم بها الله علينا إلى صحاري بفعل تفكيرنا العقيم. السياحة ليست مهرجاناً ننفق به الأموال لتستفيد منه قلة متنفذة وتقيم فيه حفلات في حصن حب .. السياحة اليوم أصبحت صناعة وعلماً وتخطيطاً ، فمنذ العام 2003م أقامت المحافظة سبعة مهرجانات ، ماذا حققت فيها ؟ كم هي الزيادة في أعداد الأفواج السياحية ؟! ما عدد الفنادق السياحية التي تم إنشاؤها في المحافظة؟ أين هو الترويج السياحي للمحافظة على المستوى الداخلي والعربي والخليجي والدولي ؟ وهل إعلان محافظة إب المحافظة السياحية لليمن سيطلق أيديكم للعمل السياحي المتميز ؟ زيارة الأخ رئيس الجمهورية لمنطقة وراف والثوابي كشفت عورة السلطة المحلية للمحافظة ؛ فالطريق السياحي الذي وجّه رئيس الجمهورية به والممتد من إب عبر وراف الثوابي ذي سفال قبل 8 سنوات تعثر وتحولت تكاليفه من 700 مليون إلى أكثر من مليارين وهو الطريق الذي سينعش المناطق المار بها سياحياً ويقدم هذه المناطق للسائح بصورة أكثر جمالاً..فهل ترى هذه الطريق النور ؟ العام الماضي كتبتُ موضوعاً في الغرّاء «الجمهورية» بعنوان (عندما ينحر الجمال) وتمنيت أن نوظف الأموال التي تنفق على مهرجانات العبث السياحي في توفير البنية التحتية للسياحة وتقديم التسهيلات اللازمة للمستثمرين لإقامة مشاريع استثمارية سياحية عملاقة وعقد شراكة حقيقية بين القطاع الخاص والسلطة المحلية قائمة على أساس تبادل المصالح العامة وليست الشخصية لبعض المتنفذين في الترويج لمحافظة إب سياحياً خارج الوطن. وأنا أستكمل هذا الموضوع إذا بالفنان المرحوم أحمد قاسم ، يطل من قناة «السعيدة» بأغنيته (من العدين يالله بريح جلاب وإلا سحاب تندي علوم الأحباب) فكم هي جميلة العدين وأنت تراها من مشورة مد النظر؟! وكم ستكون اجمل إذا أقيم مشروع سياحي من فئة النجوم في مشورة عندما نستمتع بالآنسي وهو يطربنا (وامغرد بوادي الدور من فوق الأغصان). إشادة الخطوة التي بدأتها محافظة إب باقتلاع شجرة القات من (سحول بن ناجي) وإحلال شجرة البن والفاكهة بدلاً عنها موفقة وتحتاج دعماً مركزياً وتعاون المزارعين ، ونتمنى أن تمتد هذه الحملة لتطال الأشجار التي غزت منطقة السياني والحيمة.