أحيانا ينتابني ألم وامتعاض وأنا أطالع موقع وزارة الداخلية الإلكتروني وبياناتها عن الجرائم المرتكبة ونوعيتها ومكانها التي إن تأملت قليلاً لوجدتها موجودة في كل البلدان بل وأكثر مما يحصل في بلادنا وهي سنة الحياة في هذا الكون منذ بدايته فوجود الجريمة معناه ضرورة وجود رجال الأمن والجريمة موجودة منذ خلق الله الكون. أقول إنه تنتابني مشاعر الأسى والألم على بلادي والمجتمع في بعض الأمكنة التي يُعلن عن حدوث جريمة أو جرائم فيها مقارنة بمناطق أخرى آمنة مستأمنة رغم علمي أن هذا يعتمد على ثقافة المجتمع وتعليمه. فالوزارة وأعني هنا وزارة الداخلية وهذه كلمة حق يجب أن تقال اتبعت الشفافية والوضوح في تصريحاتها بوقوع جريمة هنا أو جريمة هناك ولم تخجل أو تغطي عين الشمس بمنخل كما يقولون، لأن العصر الذي نعيش فيه هو عصر الانفتاح الإعلامي ولم يعد تكميم الأفواه ينفع الآن، لذا فقد خطت الوزارة وبكل جرأة خطاً قد يتضايق منه الكثيرون ( وأنا منهم صراحة ) لكن يبدو أننا نتعلم وفي مخيلتنا لازال شيء من الماضي ورثناه وبقي في ذاكرتنا منذ زمن الحكم الشمولي و لم نستطع التخلص منه كلية، لذا فكلما قرأنا بياناً من وزارة الداخلية بحدوث عمل إجرامي هنا أو هناك تنتابنا حالة من الخوف والألم على بلادنا وهذه صفة المواطنة التي يفترض أن نشعر بها، أما إذا لم تحرك تلك الجريمة أياً كان حجمها مشاعر المواطن نتيجة أن له خلافاً مع الدولة أو الحزب الحاكم أو مسئول فيها أو أنها وقعت في منطقة بعيدة عن منطقته، فتلك جريمة بحق الوطن وشرخ في وطنيته الكبرى وجريمة بحق وطنيته أو قريته الصغيرة وصاحب هذا الشعور يحتاج إلى جلسات وجلسات من العلاج النفسي . البيانات المتعددة التي نقرأها عن وزارة الداخلية تفيد أن رجال الأمن احبطوا محاولة تخريب انبوب النفط في مأرب في الأسبوع الماضي، وأن رجال الأمن ألقوا القبض على خارجين عن القانون ومشعلي الحرائق في لحج، وأن رجال الأمن تصدوا لمثيري الشغب في خور مكسر، وأن رجال الأمن يتصدون باستمرار وبشجاعة تستحق التقدير لممتهني التقطع والفوضى في الضالع، وأن رجال الأمن قاموا بعملية استباقية ناجحة لإحدى خلايا القاعدة في المكلا، وأخيراً وليس آخراً الذي أثلج صدري وهو الحكم الصادر من المحكمة في الأسبوع الماضي بالإعدام للقتلة المجرمين الذين تعددت جرائمهم وآخرها كان الهجوم الإرهابي الذي استهدف في 3 نوفمبر 2009م مدير عام أمن حضرموت الوادي والصحراء ومدير الأمن السياسي ومدير مكتب البحث الجنائي واثنين من مرافقيهم أثناء مرورهم بسيارتهم في الخط العام بمنطقة خشم العين بمديرية العبر بحضرموت وأطلقوا عليهم النار من أسلحتهم ونتج عنه استشهاد العميد علي سالم عبدالله العامري مدير أمن سيئون الوادي والصحراء، والعقيد أحمد أبو بكر باوزير مدير الأمن السياسي بمديرية سيئون. وكانت أجهزة الأمن قد القت القبض على تلك العصابة من القتلة في 11 ديسمبر من العام الماضي في محافظة مأرب الصحراوية الكبيرة، أي بعد أقل من شهر من ارتكاب جريمتهم النكراء وهذا جهد جبار حقيقة أمام طبيعة جغرافية صعبة وأمام ظروف اجتماعية قبلية في مأرب في غاية التعقيد، لذا لا بد أن نعترف أن النتيجة والتي اسفرت عن القبض على بعض القتلة تستحق الشكر والامتنان والإعجاب، والاطمئنان بأن رجال الأمن البواسل سيصلون إلى مخابئ القتلة والمجرمين وإن طال الزمن . مهما تخفى المجرمون القتلة لا بد وأن يقعوا في أيدي رجال الأمن ولو كانوا مختبئين في الجبال والصحاري، والقبض على قتلة العامري وباوزير خير دليل على ذلك، رغم أن ممتهني الإشاعات والأخبار المضللة في حضرموت وقت دفن جثامين الشهداء قد قالوا كلاماً آخر في ذلك الوقت واتهموا جهات بعيدة أثبتت الأيام عدم صحة مايروجون له، وبالفعل فإنه بالقدر الذي ينتابني قلق وألم عندما اقرأ أو أعلم بحدوث جريمة في وطني فإنني وبنفس القدر تنتابني فرحة وسرور واطمئنان عندما يتم القبض على أي مجرم أو خارج على القانون أي كانت مسببات فعلته وجريمته، حيث مصيرهم في النهاية ملاقاة القانون والذي سيحكم عليهم بالحكم الذي يستحقونه جراء أفعالهم المشينة والممقوتة من كل أفراد المجتمع المتحضر، والفضل الأول والأخير في القبض على المجرمين وتنفيذ وتطبيق القانون فيهم هو لرجال الأمن البواسل، والذين بحق يقومون بعملهم الجليل وصدورهم ورؤوسهم مكشوفة أمام القتلة والمجرمين ومشعلي الحرائق والفتن. حقاً رجال الأمن يضحون بأرواحهم من أجل الوطن ومواطنيه ليعيشوا في أمان واستقرار، وبالتالي فإنهم يستحقون منا الدعم والمساعدة بكل ما نملك، فهم يقومون بعمل جبار مقارنة بما يقوم به الآخرون وعلينا في هذه الحال أن نقف إجلالاً واحتراماً لهم وهذه أبسط مشاعر التعبير التي يجب علينا كمواطنين نحو شريحة من المجتمع اليمني تضحي بأغلى ما تملك في هذه الحياة من أجل الوطن والمواطنين، فتحية من القلب لكل رجال الأمن البواسل في الوطن.