عندما تبلغ درجة الحرارة 3000 ثلاثة آلاف مئوية فلن يعني الشيء الكثير أن يزيد أو ينقص الرقم بضع درجات ولكن هذا ليس كذلك بالنسبة للكون. وبموجب التقديرات الحديثة لمسرحية ولادة الكون تفيد أن الكون ولد على وجه الدقة قبل 13.7 مليار سنة ليس 12 ولا 15 كما كانت التحزيرات السابقة. وفي مطلع فبراير 2003م عرض ميشيل تورنر من وكالة ناسا صورة كونية تشبه اللوحات الفنية لمشاهير الرسامين تعرض الكون في بقع بألوان مختلفة بين الأخضر والأزرق والأحمر.. ويقول ماتيوس بارتلمان من معهد ماكس بلانك في جارشينج في ألمانيا للفيزياء الكونية إن أجمل ما جاء في هذه الخريطة الكونية دقة القياس. وبذلك تم عرض سيناريو خلق الكون وختمت أبحاث أصبح لها أربعون سنة لمعرفة ماذا جرى منذ لحظة الانفجار العظيم. والنتائج الموضوعة بين أيدينا حالياً هي التالية: بدأ الكون في لحظة الصفر من نقطة رياضية متفردة. بعدها بدأت فترة التمدد وهذه حصلت في جزء من مائة مليون مليار مليار مليار (ثلاث مرات) من الثانية أي واحد مرفوع إلى قوة 35 من الثانية. فامتلأ كل الكون الذي نعرفه وتشكل المكان. بعد أن لم يكن مكان وزمان. وخلال دقائق بعد الانفجار العظيم ولدت القوى الكونية التي نعرف التي تبادلت التأثير مع المادة. وولدت الذرات بعد 380 ألف سنة. وكان الكون مؤلفاً من ذرات من الهيدروجين تسبح في محيط من أشعة الموجات الفصيرة. وبعد 200 مليون سنة تجمعت السحب الهيدروجينية لتشكل النجوم الأولى. وكانت ولادة عسيرة حيث شكل كل نجم أكثر من كثافة مائة شمس من شمسنا الحالية مما أحالها إلى ثقب أسود تحت ضغط الجاذبية الشافط الساحق. ولكن المحير عند علماء الفلك مجموعة أسئلة مثل: ما الذي قاد الوجود إلى هذا الانفجار العظيم بالأصل؟ ولماذا رقم 13.7 مليار سنة وليس أقل أو أكثر. وإذا كان كذلك فكيف بهذا اللمح الخاطف توسع كل الكون الحالي؟ وهو ما لا يملكون الإجابة عنه؟ وربما اللغز المحير الذي كشفت عنه الخريطة الكونية الحديثة هو طبيعة مكونات الفلك فنحن كنا نظن أنها مادة مما نعرف ولكن تبين أنها ليست كذلك بل هناك مادة غير مرئية وطاقة غير مرئية تشكل الأخيرة منها نسبة 73 % والمادة السوداء 23 % وتبقى المادة التي نعرفها والتي منها تتشكل أجسادنا 4 % فقط من الكون. ولا أحد يعرف ما هي المادة أو الطاقة السوداء وحاليا يعكف الفرنسيون على مشروع انتارتيس لينزلوا أجهزة في غاية الدقة تجاه مدينة طولون الساحلية إلى عمق 2.5 كم حتى قاع المتوسط ليكشفوا أثر نترينو واحد. الذي سيكون الأثر غير المباشر من المادة السوداء غير المرئية. وعنده قدرة اختراق حاجز من الرصاص سماكته 8 ملايين سنة ضوئية؟ إننا نتحدث مثل السحرة وحديث الجان كما نرى ومن الأفضل أن نقف قبل أن يصاب القارىء بالدوار. فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون.