إن الأهداف والمقاصد التي كانت وراء تبني تجربة المجالس المحلية في بلادنا هي إشراك المجتمع في التنمية، وخلق روافد أساسية لتنمية الريف اليمني، وإعادة الاعتبار له باعتباه المنجم الاقتصادي الأهم والأضمن للدولة والأجيال معاً. ثمة ضرورة ملحّة ترقى إلى درجة الواجب المقدس تتركز في إعادة الريف اليمني إلى مستواه الاقتصادي والزراعي والسياحي المطلوب، وانتشاله من الوضع الذي يتردى يوماً بعد يوم في ظل غياب الجهات المختصة والمجالس المحلية والجمعيات التعاونية والإنتاجية. من يزر الريف اليمني اليوم يجد الطريق المسفلت والكهرباء التي تحملت الدولة إقامتها، وتزويد المواطن اليمني بخدماتها، لكنه لا يجد الريف اليمني بموارده الزراعية والحيوانية ولا المجالس المحلية. أصبح المزارع عالة على الدجاج المستورد أو الموزع من قبل مزارع الدجاج التي لا تهدي للمستهلك إلا العبث بالصحة والأرواح واستخدام الهرمونات التي لا يعلم تأثيرها السلبي على الإنسان اليمني إلا الله والراسخون في لغة الربح والخسارة!!. المجالس المحلية - خاصة في الريف اليمني - في حالة غياب تام وإجازة بدأت بعد تسلُّم المهام؛ وستنتهي بتقديم استقالتها ودخولها الانتخابات المحلية القادمة لتعيد القصة والحكاية من بدايتها، قيادات لم تتحمل المسئولية والأمانة الوطنية بحقها. اعتقد الجميع - إلا من رحم الله بصحوة الضمير - أن الفوز بقيادة أو عضوية المجلس المحلي فرصة ثمينة للوصول إلى القمة، وانفتاح الأبواب المغلقة، والحصول على مورد مالي مفتوح وواسع الهبر والاختلاس «والمحذاقة»!!. الريف اليمني أو القرية اليمنية بحاجة إلى رجال يؤمنون بشرف وعظمة المهمة مثلما يؤمنون بحاجة المواطنين البسطاء في قراهم لجهده في توفير الجانب الصحي، ومتابعة الجانب التعليمي وخطط ومشاريع لبناء الإنسان في الريف ليكون مزارعاً منتجاً ورافداً مهماً لسلة الغذاء الوطني الذي يبكي عليها أجدادنا. لابد من الحضور الفعلي للمجالس المحلية في بناء الشراكة التنموية بين المجلس المحلي والمواطنين في الريف من خلال المشاريع الإنتاجية والإرشادية وتربية المواشي والدواجن اليمنية الأصل ذات الجودة العالية. إقامة السدود والحواجز المائية يبدو أن المجالس المحلية تؤجلها لحين وأجل غير مسمى، مياه السيول تخرّب أراضي المواطنين وتذهب بلا فائدة آجلة؛ لماذا هذا الصمت؟! لا ندري. بعض المجالس المحلية توزّع أشجار البن والمنجا وغيرها من الأشجار التي يجب عليها توفيرها للمواطنين وتوزيعها عليهم من خلال المندوبين الذين تم انتخابهم، تسلّمها - للأسف الشديد - للمتنفذين من المشايخ وغيرهم فلا تصل، لأنها حتماً ستذهب إلى فائدة أولئك الأشخاص واستفادتهم بها ومن خلالها!!. إذن غالبية المجالس المحلية لا وجود لها إلا في حكايات المقايل، والجلسات المغلقة، وكشوفات الميزانيات، ودفاتر الاستقطاعات التي تتم باسمها؛ وجودها زاد المواطن عبئاً فوق الذي هو فيه؛ أما الحضور المطلوب والدور التنموي والخدمي والإنتاجي للريف اليمني فهو الحلم المفقود والأهداف والمقاصد الميتة. لو حضرت المجالس المحلية فقط في مهمة رش البعوض ومكافحته لأوقفت الكابوس المرعب الذي يقض مضاجع اليمنيين في الريف والمدينة، الإرشاد الصحي والاستهلاكي والتنموي والتعليمي لا أساس له في برامجهم وخططهم القريبة أو البعيدة. لوجه الله اغلقوا الدواوين ومجالس القات التي أصبحت أهم مميزات مقرات المجالس؛ وبعض مسئولي المجالس ينقل أعمال المجلس إلى ديوانه، المواطنون لا يعرفون رؤساء المجالس ولا الأمناء العامين ولا الأعضاء؛ لأن عملهم ديواني أو مكتبي للضرورة الخاصة ووقت اللزوم لا أكثر!!. إلى رئيس المجلس المحلي في مديرية المواسط ومدير عام الصحة في تعز مع التحية توزيع الناموسيات على المواطنين لا يتم عبر كشوفات انتقائية كما رأينا في منطقة الأشروح قدس خلال اليومين الماضيين؛ وكأن لسان الحال يقول: هذا مواطن معي، وهذا مواطن ضدّي!!. هل وصل الفرز إلى حد الناموسية؛ أمر لا يُسكت عليه، فلا تكونوا أنتم وكابوس البعوض عليهم، اعملوا لوجه الله، وساووا بين الناس لوجه الله عملاً بالدستور لا أكثر!!. [email protected]