هاهو رمضان قد أقبل بخيره ووفرة رزقه وبرغم أن الغلاء عكر أمزجة كثيرة إلا أن لهذا الشهر الكريم منزلة خاصة في قلوبنا نحن المسلمين ,وقد كانت هناك عادات محببة إلى النفس تجعل من استقبال رمضان عيداً فقد كانت المآذن تصدح بالترحيب برمضان والأطفال ينشدون الأهازيج في كل حارة مرحبين بقدومه , ولم تعد مثل هذه العادات تؤدى بل قل إنها اختفت تقريباً من المدن بسبب طغيان الحياة المادية على كل المظاهر والاهتمامات. هاهو رمضان قد أقبل وما بين غمضة عين وانتباهتها نجده قد ولى كضيف خفيف الظل وستذكرون ما أقول لكم حين نودعه ونحن في حالة ذهول أصحيح أن رمضان قد رحل..قليل من الناس من يستقبل هذا الشهر الكريم ويعيش على مضض وقد صور هؤلاء الشاعر المبدع الفضول وذلك بقوله: رمضان أهلاً بالصميل ومرحباً بك من قفا الأذان يارمضان أو كقول ابن سيرين: انبئت أن فتاة كنت أخطبها عرقوبها مثل شهر الصوم في الطول وأكثر من يستثقل هذا الشهر الجاهل بفوائده وبركاته ولو علم لتمنى أن تكون السنة كلها رمضان ,كما أن البعض يصوم دون علم بأحكام الصيام وأركانه ونواقضه ,وقد وجدت كتاباً جمع على صغر حجمه بين أحكام الصيام وحكمه وفيه اجابات شافية كافية على كل تساؤلات الصائم كما عالج الكتاب مسائل وتساؤلات معاصرة، والكتاب من تأليف شيخنا ناصر محمد الشيباني «حفظه الله» تعالى بأسلوبه السلس قام «حفظه» الله بتطعيم الكتاب ببعض الطرف والطرائف الرمضانية التي تشد القارىء ,والكتاب بعنوان (مع الصائمين حكم وأحكام) أنصح كل من يحرص على تأدية فريضة الصيام بصورة صحيحة أن يقتني هذا الكتاب وكان الشيخ الإمام محمد سالم البيحاني رحمه الله تعالى قد ألف رسالة اسماها (تحفة رمضان) تناول فيها أحكام الصيام ومن ذلك ما رد به على سؤال لبعض حمالي الميناء في عدن من أن الصيام يرهقهم في الصيف حتى يكون لاطاقة لهم به فكان جوابه أن يدخل الإنسان العمل وهو صائم وعلى نية الصيام فإذا أضطر إلى الفطر فطر ,ومثل هذه الفتوى فيها من اليسر والتيسير مايبرز سماحة الإسلام وحرصه على الإنسان.. مثل هذه الكتب لابد من الحرص على نشرها لتعم الفائدة , وعلى المسلم أن يسعى إلى السؤال على أمور دينه وأخذ الفتوى ممن هو أهل لها قال تعالى: (فاسألوا أهل الذكر إن كنت لاتعلمون) فلا يعذر بالجهل من وجد في مجتمع فيه علماء وليحذر المسلم التهاون أو التساهل في هذه المسألة لأن العلم بهذه الأمور دين يترتب عليه القبول أو عدم القبول لهذا العمل.. وإذا كانت هذه مسئولية الفرد المسلم فإن على العلماء والخطباء والدعاة تعريف الناس بأمور دينهم فهم ورثة الأنبياء ومسئولون عن علمهم وماذا عملوا به وكما قال صاحب مثنى الزبد: وعالم بعلمه لم يعلمن معذب من قبل عُبّاد الوثن فلنحرص جميعاً على اغتنام هذه الفرصة والاستفادة من هذا الشهر الكريم في تصحيح مسار حياتنا الدينية والدنيوية فهي فرصة لاندري هل تتكرر أم سيحول الموت دونها , فالمسارعة المسارعة إلى جنة عرضها السموات والأرض وعلى الآباء تبصير ابنائهم بفضائل هذا الشهر وتدريبهم على صيامه وقيامه حتى يصبح هؤلاء الأبناء رصيداً متجدداً لآبائهم قبل وبعد الموت ونسأل الله عز وجل أن يسلمنا إلى رمضان ويسلم رمضان إلينا وأن يتسلمه منا ومنكم متقبلاً.. وكل عام وأنتم بخير.