اقترن القات بالخصوصية اليمانية ، مما هو مشهود بصورة أوضح في المهاجر اليمنية، وبصورة أكثر حضوراً في الداخل، فمجلس القات ليس مكاناً لتعاطي نبتة مخدرة تساعد على الاسترخاء فحسب، بل هي مناسبة للاجتماع والتشاور، والتخلّي والتسلّي والتوجُّد. مجالس تتنوع بتنوع روادها، وتقدم فقه المكان في اللامكان، كما لو أنها ترجمان لأشواق «ابن عربي» الذي: رأى البرق شرقياً فحنّ إلى الشرق ولو لاح غربياً لحنّ إلى الغرب ثم أردف قائلاً: وإن غرامي بالبروق ولوحها وليس غرامي بالأماكن والتُرب روته الصبا عنهم حديثاً مُعنْعناً عن البث عن وجدي عن الحزن عن كرب يتوقف المؤلف أمام عوالم الاتصال غير اللفظي المقرون بمجالس القات. ذلك العالم المتصل بميازين المكان وألوانه، كما بآداب الحديث ومقام الصمت والاستماع .. أيضاً بأساور الزمن المتدفق صعوداً إلى مثابة الروح والمعنى.. الزمن الذي يسافر خارج الزمان، والمكان الذي يحيل الملموس إلى مجرد، حد «الغموض ، وقمة اللامحدودية» كما يصف المؤلف الدكتور الزّلب مغزى «الساعة السليمانية».