الشرق الأوسط الجديد هو الشعار الذي رفعته الإدارة الأمريكية السابقة, عندما كان بوش الابن على رأس تلك الإدارة, ولكن هاهي قد بدأت أجراس الخطر تدق مجدداً إيذاناً بتحقيق ذلك الشعار الهادف إلى تمزيق شعوب الشرق الأوسط وتحديداً شعوب وبلدان العالم العربي.. وللعلم أن هذا الشعار كان مطروحاً من قبل أن تكون إدارة بوش ولكنه ظهر للعلن أثناء الإدارة السالفة الذكر, والفرق في ذلك هو أن الإدارات الأمريكية السابقة كانت تريد أن تحقق شعار الشرق الأوسط الجديد بزرع الفتن والحروب الأهلية والإقليمية وتشجيع النعرات الانفصالية, وكانت تدعم كل ذلك بالمال والسلاح. فالسودان وما عاناه من حروب طيلة عقود من الزمن، والصومال ومايعانيه من تشرذم وتفكك، والعراق وماهو فيه من انهيار جراء تدخل الولاياتالمتحدة العسكري تحت مبررات واهية أثبت الزمن عدم صحتها, كل هذا ليس إلا ترجمة لذلك الشعار, وحقيقة الأمر أن الولاياتالمتحدة لم تستطع تحقيق مايحلو لها من ذلك الشعار بأساليب تشجيع الحروب الأهلية وغير ذلك من الأساليب الخبيثة والمفضوحة, فاتجهت إلى أساليب أخرى وغلفتها بغلاف الديمقراطية ومهما اختلفت الأساليب فالنتيجة والهدف واحد, وهو تمزيق العالم العربي وتحويله إلى كانتونات ودول ضعيفة. فها هي اليوم تدعم وبكل قوة وباسم الديمقراطية الاستفتاء في جنوب السودان بعد أن هيأت المناخ والأرضية الملائمة لتحقيق هدفها من قبل عدة سنوات, وأوجدت لجنوب السودان الآلية التي تؤهله لأن يطلب الانفصال من خلال الاستفتاء المزعوم. فالولاياتالمتحدة أدركت أن مالم تستطع تحقيقه بقوة السلاح وزرع الفتن والمؤامرات سوف تحققه بالاستفتاء وهذا ما سيكون إن لم تستشعر القوى الوحدوية والقومية في الجنوب والشمال السوداني مسئوليتها وأهمية دورها في إفشال مثل هذا المخطط التقسيمي لأكبر دولة عربية مساحة. أمريكا تدرك ومن ورائها إسرائيل أن جنوب السودان يمتلك ثروات كبيرة سواءً أكانت معدنية أم مائية, وتريد من ذلك محاصرة السودان وزرع قاعدة عسكرية في جنوبه لدولة إسرائيل, ومنها ستنطلق لإيذاء مصر وغيرها من البلدان, لهذا فإننا نتساءل أين دور العرب لدرء هذا الخطر الذي يهدد السودان أولاً ولا يستثني الدول العربية من التهديد؟ فعلى الدول العربية إذاً الوقوف لمؤازرة السودان؛ لأن المشروع التقسيمي للبلدان العربية أصبح واضحاً وجلياً؛ لأن هناك بلداناً عربية مهددة بالتقسيم من خلال المعطيات التي نلمسها اليوم فعلى العرب أن يدركوا الخطر قبل وقوعه.