تحت شعار (معاً لتفعيل دور المرأة الإعلامي وحضورها من أجل الإسهام في قضايا المجتمع) انعقدت في مدينة المكلا الأسبوع الماضي فعاليات ندوة أو حلقة نقاش إعلامية استهدفت تسليط الأضواء على إسهامات الإعلاميات في محافظة حضرموت وتتبع حضورهن وعطائهن في مختلف وسائل الإعلام المحلية والتعرف على الأسباب التي أدت إلى اختفاء العديد من الأقلام النسائية وانسحابهن من الساحة الإعلامية ووضع النقاط فوق الحروف على المشكلات والمعوقات التي نجمت عن ذلك لامستها ثلاثة أوراق عمل للإعلاميات ليلى عوض غانم وبديعة عوض بن جبير وشفاء سالم الحمومي. وهذا النشاط الإعلامي الذي نظمه موقع “الخيل نت الالكتروني” بمبادرة ذاتية منه وبدعم وتمويل من الشركة اليمنية لصناعة السمن والصابون أعاد للذاكرة أدواراً وإسهامات متعددة في المشهد الثقافي والأدبي والإعلامي، وتذكرت أسماء إبداعية من الأقلام النسائية في حضرموت التي توارت عن الأنظار واختفت معها نتاجاتها وأعمالها الإبداعية لأسباب شتى اجتماعية ومعيشية وأسرية, كما أن هذه الفعالية الإعلامية المتميزة حركت شيئاً ما وتساؤلات عن سر هذا الغياب الذي لا يواكب واقع التطور وتنامي الثراء الفكري والثقافي وتعدد وسائط الإعلام والمنابر المختلفة. وكما تشير الزميلة العزيزة بديعة عوض فإن الأقلام النسائية في حضرموت كانت تمر بحالة من الصمت الإبداعي في واقع إبداعي ذكوري بكل المقاييس بيد أن هذه الحالة لم تدم خصوصاً بعد أن وجدت المرأة قسطاً لا بأس به من هامش الحرية, فظهرت في منتصف السبعينيات أقلام نسائية في عالم الأدب وتفتقت إبداعات الشاعرة ميمونة أبو بكر الحامد التي تعد رائدة الكتابة النسائية، فهي أول من صدر لها ديوان شعر بعنوان (خيوط الشفق) وفاطمة بايزيد التي ترجمت مجموعة من القصائد من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية, ونُشرت نتاجاتهما في عدد من المجلات الثقافية التي كانت تصدر آنذاك منها مجلة الحكمة والدان ومجلة آفاق حضرموت التي صدر العدد الأول منها في الثمانينيات، وهناك أيضاً سهالة باشيخان التي صدرت لها مجموعة قصصية بعنوان (قلب بحجم الوطن) و(شطآن الندم). هذا في الشق الإبداعي الأدبي أما في الجانب الإعلامي وخصوصاً في المجال الإذاعي فقد كان حضور الأقلام والأصوات النسائية متميزاً وشاركن بإيجابية في إعداد وتقديم مختلف البرامج، وممن التحقن بالعمل الإعلامي (في إذاعة المكلا المحلية) ملكي عبدالله حسن وميمونة أبو بكر الحامد وفاطمة عوض الصيعري وكنيز فداء حسين وأنيسة خميس بن جبير ولطيفة سالم باشنتوف ونعايم السومحي وفاطمة الكلدي ونوران بافضل وعائشة عمر بكير وأمون محمد باعكيم وفاطمة الموسطي وأفراح محمد جمعة خان وخديجة عبدالله باعساس وشفاء الحمومي ود. دعاء باوزير وفاطمة الإبي وبديعة بن جبير. أما على صعيد الصحافة المكتوبة وحسب الزميلة (بديعة) فإن الصحافية الإعلامية في حضرموت حلقة مفقودة وتكاد تنعدم عدا كتابات الزميلة ليلى عوض في تناولاتها المختلفة لقضايا المرأة الاجتماعية إلى جانب زميلتها فائزة أحمد القحوم وبعض الكتابات النسائية التي تظهر بين الفينة والأخرى في بعض المناسبات والنشرات المتخصصة .. ومع هذا فإننا ذاهبون مع المتفائلين بأن المستقبل ينبىء بتفتق أزاهير الكلمات الأنثوية وتكسر حالات القطيعة مع الإبداع في مختلف مجالات وفنونه وهو ما يبشر به ملتقى الكاتبات الذي تم تشكيله بمدينة المكلا في مارس هذا العام, باحتضان ورعاية فرع اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين في حضرموت كإطار إبداعي يجمع الأديبات الواعدات اللائي نأمل منهن خلق حالة إبداعية وحضور ثقافي ومعرفي .. وأرى أن الأوراق الثلاث المقدمة لتلك الفعالية الإعلامية بحاجة إلى مناقشة وقراءة معمقة لها وتتبع الأسباب المحبطة والمعوقات للنشاط الإعلامي النسائي في حضرموت والعمل على متابعة تلك الأفكار والتصورات التي أثرتها النقاشات الحيوية للزملاء الإعلاميين والإعلاميات والقيادات المحلية والبحث عن مخارج عملية لتفعيل نشاط المرأة في حضرموت وفتح المجال أمامها للمزيد من الإسهام في العمل الإعلامي والإبداعي والأخذ بيدها وإزاحة المثبطات التي تعترضها وتحد استمرارية عطائها ونشر نتاجاتها الإبداعية. ولابد أيضاً من فتح قنوات تواصل مستمرة لإقامة مثل هذه المناشط والملتقيات بشراكة دائمة مع مؤسساتنا الوطنية التي نهديها كل التحايا والامتنان على دعمها وتأمين تغطية مثل هذه الأنشطة المجتمعية .. وهذا الحماس الذي لمسته من الزميلات الإعلاميات والفتيات الواعدات والقيادات النسوية من خلال إثرائهن لمحاور الفعالية بالملاحظات والآراء والحوارات والنقاشات الرائعة والصادقة التي تؤكد حرصهن على تعزيز حضورهن في المشهد الثقافي والإعلامي في حضرموت والوطن عموماً فلابد أن يكون لهذا الحماس والتناغم نتائج مثمرة .. وهذا ما سنراه ونلمسه في المستقبل القريب بإذن الله. [email protected]