يقبل عيد الأضحى وينسى الناس أنه رمز التضحية، ليقتصر مفهومه ليكون “عيد اللحم” كعيد الشجرة، وعيد الربيع، والفارق أننا لانغرس شجرة بمناسبة عيدها ولانخرج للنزهة في الربيع، احتفاء بيومه الجميل. العيد في الإسلام عيدان، عيد الفطر وعيد الأضحى، وكلاهما مناسبتان نستشعر فيهما السعادة احتفالاً بهزيمة الشهوات وتركها تقرباً إلى الله وإنفاذاً لأمره بالصوم “عيد الفطر” وتكبير الله وتسبيحاً له، احتفاء بأن جمع الله المسلمين على مختلف أجناسهم ولغاتهم في مكان واحد هو عرفات. ما إن يقبل العيد الفطر أو الأضحى، حتى تشكل هذه المناسبة أو تلك هماً وغماً على الناس، والسبب في ذلك أن المناسبتين قد فرغتا من معنييهما، ليكون المعنى الوحيد هو اللحم والكسوة ومصاريفهما، ليس ذلك وحسب بل إضافة إلى كل ذلك التباهي والتفاخر، حد السرف عند بعض الناس الذين يوقظون الحقد والألم معاً عند الفقراء المعدمين.. في رمضان يهرع المسلمون إلى الأسواق لشراء الطعام والشراب، وكأن رمضان إعلان بمجاعة قادمة لاتبقي ولا تذر، وفي أول ذي الحجة يذهب الناس للبحث عن هذا اللحم وكأنه رئة تنفس لايستطيعون الحياة بدونها.. طعام.. طعام وحسب، وكابوس يستبد بالفقراء والمساكين بين ذلك. وبالمناسبة كان هناك بعض المؤسسات تبيع بالتقسيط الأضحية، غير أن هناك مبالغة في القسط، وكنا نتمنى أن يسمح لمن يريد باستيراد الأغنام، كسراً لاحتكار بعض الناس الذين لايدفعون حتى مستحقات الاستيراد للدولة، فضلاً عن أن يرحموا الناس من أسعارهم الباهظة على الأقل زكاة للصفقات الخرافية، التي ترشحهم لغنى فاحش في سبعة أيام بدون معلم!! لانستطيع في الصحافة غير التذكير بأيام الله التي نعيشها، ليقبل المسلم على ذكر الله والتقرب إليه بأن نضحي جميعاً بشهواتنا ورغباتنا وعنادنا وأنانيتنا من أجل الوطن.