في كل عام يجتمع في أمريكا في مؤتمر عمومي 18 ألف قزم من كل أنحاء العالم، ولمدة أسبوع واحد، فيشربون ويغنون ويرقصون ويطربون ويقدمون التمثيليات أو أنواع الموسيقى، ثم يقفلون عائدين إلى كل فج عميق من حيث جاءوا فيما يشبه دورة حج لعالم الأقزام. وفي هذا اللقاء السنوي ينسى الأقزام حقيقتهم الموجعة لمدة سبعة أيام ويشعرون أن هناك عالماً خاصاً بهم كما جاء في قصة جوليفر. وقال أحدهم ممن جاء من بريطانيا: إن الناس هنا يتقبلوننا أكثر، وقد أثبت الأقزام في أمريكا موجوديتهم، ويشتغلون في حرف شتى، ولكن الناس يضحكون علينا ويسخرون منا أكثر في بريطانيا. والقزم كان في التاريخ مكاناً للعرض والتهريج أو أن الشيطان تلبسه عند الولادة. وفي قصة أحدب نوتردام لفيكتور هوجو كان أحد الأقزام سبباً في حكم الإعدام على ازميرالدا الغجرية، التي أرادت بناء علاقة حب مع ضابط وسيم، ولكن راهباً عشقها، وطعن الضابط في ظهره، ولم يعرف من كان السبب، وكان دور القزم إثبات حلول الشيطان في جسم الفتاة. وكان الملوك قديماً يستخدمونهم في البلاط كمهرجين، ومما ذكر عن أحد الفراعنة أنه كان شغوفاً جداً بقزم أحضر له من بلاد النوبة. ومن يولد الأقزام هم أناس عاديون، ونسبتهم تصل إلى حوالي شخص واحد من ثمانين ألفاً. وسببها خلل جيني بحيث يأتي القزم فينمو رأسه ويحسن النطق ويتعلم الكتابة ولكن أطرافه تكون قصيرة؛ فإذا سار في الشارع أو سارت، ظن البعض أنه أو أنها طفل أو طفلة، حتى يتبينوا أنهم أناس عاقلون راشدون يتصرفون مثلنا تماماً بفارق تدني القامة. وقامت قناة ديسكفري بتجربة عليهم ، حيث ألبست أحدهم كاميرا في رأسه وجعلته يمشي في الأسواق، فظهر أنه كائن يتعامل مع العمالقة. وهناك منهم من يشتغل موظفاً في مكان حساس وعلى الكمبيوتر، ومنهم في أمريكا من انتخب عمدة لمدينة. ومشكلتهم أن عجزهم في المشي يزداد مع تقدم السن، ولكنهم يعيشون حياة طبيعية ويتزوجون، ورأيت في فيلم ولم أستوعب كيف قام شاب وسيم الطلعة طويل نسبياً بالزواج من واحدة قزمة تصل إلى ركبته تقريباً، ولكن الحب عجيب كيف يجمع بين العباد؛ لأن وجوههم عادية باستثناء الأنف، وقد تكون الواحدة مليحة الوجه باستثناء الأطراف، فينشأ الحب من الروح والوجه. وتقوم جراحة اليزاروف هذه الأيام بقدرة تطويل الأقزام، ولكن ليس الكل يرحب بها، بل يتزوج البعض وهو يقول سآتي إلى هذا العالم بإنسان مثلنا قزم لطيف. وفي مؤتمرهم الأخير تأوه أحدهم وقال: ليت العالم كله يتحول إلى عالم الأقزام السلامي الوديع. (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار).