عندما تتاح الفرصة للشعب في حق المشاركة السياسية ينبغي الاستفادة العملية من هذه الفرصة، ولا تأتي الاستفادة إلا خلال حسن الاختيار لمن يمثل الشعب في السلطة التشريعية, ومتى ما استطاعت الجماهير تحقيق الاختيار السليم بكل تأكيد فإن ذلك الاختيار القائم على الموضوعية والكفاءة والنزاهة والبعيد عن التعصبات القروية أو الجاهلية أو تأثيرات رؤوس الأموال, التي يمتلكها المنتفعون من الذين يسعون إلى حماية مصالحهم، والذين ينفقونها ثم يستعيدونها بعد ذلك أضعافاً مضاعفة من عرق المواطن من خلال سياسات الاحتكام والتحكم في الأسواق, سوف ينتج حكومة أكثر كفاءة وحزماً وحرصاً على المواطن وحمايته من جشع تجار الاحتكار والحروب. إن مسئولية الاختيار السليم لا تقتصر على المواطن الناخب, ولكن المهمة الكبرى تقع على الأحزاب والتنظيمات السياسية، حيث ينبغي أن يكون مرشحوها ممن يتصفون بالنزاهة والكفاءة والإخلاص للوطن ومن الحريصين على مصالح البلاد والعباد، ممن يتمتعون ببعد النظر، وينظرون لمستقبل البلاد والعباد ويغلّبون المصلحة العامة على مصالحهم الخاصة، ومن الذين يذودون عن سيادة الوطن ويقهرون الفساد، أما إن صعد إلى المجلس فاسد أومتآمر أومتخاذل أومتعاون مع الغير ضد الإرادة الكلية للشعب فإن ذلك من أعظم الأخطاء التي ترتكبها الأحزاب السياسية والجماهير الناخبة. إن فرصة الانتخابات باتت الأمل الذي ينبغي الاستفادة منه لصنع التغيير, الذي يحقق الآمال والطموحات الجماهيرية، ويزيح كابوس الفساد والفتنة، ونكرر القول: إن ذلك كله لا يمكن أن يكون ما لم يتم الاختيار للمرشحين بناءً على معايير الكفاءة والاقتدار والإخلاص والأمانة والإيمان المطلق بقدسية التراب اليمني، وما لم تنعدم معايير الفساد والإفساد, التي يعتمد عليها البعض لتحقيق أهدافه الرخيصة على حساب الشعب، وما لم ترقَ الأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني إلى مستوى أمانة المسئولية وتتخلّى عن سياسة فرض الفاسدين ودعمهم على حساب الشرفاء، وقد بدأت المؤشرات تؤكد اتجاه الأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني نحو مساندة الجماهير في الاختيار من خلال الإعداد الجيد لإيجاد الآليات الكفيلة بتحقيق رغبة الجماهير في اختيار المرشحين الأكثر إخلاصاً ووفاءً بإذن الله.