بعض المؤسسات الإعلامية العربية لم تعد تخدم الفصل الإنساني مطلقاً، ولم تعد تلتزم بالمهنية والحيادية والموضوعية، ولم تعد تفكر في عواقب ما تشيعه من الفتن والانحياز إلى الشيطان، بل أصبحت هي الشيطان نفسه، فما أن تخمد نار أو يخفت أوارها في قطر عربي حتى تسعى إلى إشعالها في بلد عربي آخر، وفوق ذلك تدّعي الحرية والإنسانية والكرامة. وهذه المؤسسات لا تملك الحرية ولا تعرف معنى للديمقراطية، ولا تملك قرار نفسها، وأنها أصبحت أداة في أيدي الاستعمار الجديد الذي يريد السيطرة على الوطن العربي بالطرق غير المباشرة، وجعل من هذه المؤسسات وسيلته لتدمير الشعوب العربية لفرض السيطرة على مقدراتها ونهب ثرواتها. لقد بات واضحاً أن المسألة لا علاقة لها بالحرية والديمقراطية والإنسانية، وأن القضية تكمن في الانتقام من الحكومات العربية التي بدأت ترفع صوتها في وجه القوى الاستعمارية التي تريد أن تجعل من الحكام رهن إشارتها وتفرض ما تريده هي دون سواها، ومن رفع صوته في وجه الإرادة الاستعمارية فإن الشيطان مزروع في كل قطر عربي باسم الحرية والديمقراطية والإنسانية، يقوم بدور الإثارة والتأجيج لإسقاط الأنظمة التي قررت حماية السيادة الوطنية لبلدانها وحماية موارد الدولة والاتجاه نحو الاعتماد على الذات. تعالوا نفكر بجدية ومسؤولية في حجم الخسائر التي تكبدتها تونس ومصر والجزائر ونحن اليوم في اليمن جراء الفتنة التي أشعلتها هذه المؤسسات الخاضعة للأجندة الاستعمارية الأجنبية بقوة الحديد والنار التي لا جدال فيها, لقد فاقت كل التوقعات وبالمليارات من الدولارات، ولو كان هناك نوع من الموضوعية والإحساس بالمسؤولية القومية تجاه الوطن العربي لأدركت تلك المؤسسات والقائمون عليها أنهم سعوا لتدمير الاقتصاد العربي لصالح القوى الاستعمارية، ولو كان الذين ينادون بالحرية والكرامة والديمقراطية والإنسانية يمتلكون زمام أمرهم لكفّوا عن هذا العداء للشعب العربي، ولو كان لديهم ذرّة من الانتماء والإنسانية لضاقوا ذرعاً بما يفعلونه بالوطن العربي من التأجيج والفتنة في الوطن العربي. أيها السائرون في طريق الشيطان والمفتونون بالغواية نقول لكم أنتم تنفذون الإرادة الاستعمارية ولا تحلمون بتحقيق ما تريدون من الحرية، لأن الحرية التي تأتي من خارج بلدانكم لا تخدم إلا أعداء الوطن العربي, وكفّوا عن هذا الهذيان, واعلموا أن التغيير لا يتم إلا بالوعي والممارسة الديمقراطية عبر الانتخابات الحرة والمباشرة, فوفروا طاقاتكم وقدراتكم للجهد السلمي الانتخابي وكفى خدمة للاستعمار, والله المستعان.