الحكومة تدين اختطاف مليشيا الحوثي للصحفي العراسي على خلفية تناولاته لفضيحة المبيدات القاتلة    مجزرة مروعة في محافظة تعز واستشهاد 5 نساء بقصف حوثي على المدنيين    هل يُخفي البحر الأحمر مخططًا خطيرًا؟ القيادي المؤتمري ابوبكر القربي يُحذر!    الدوري الالماني ... بايرن ميونيخ يحقق الفوز امام فرانكفورت    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    البريميرليج ... ليفربول يواصل السقوط    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    "نجل الزنداني" يكشف عن رسالة من ايران لأسرتهم ..ماذا جاء فيها    فريق طبي سعودي يصل عدن لإقامة مخيم تطوعي في مستشفى الامير محمد بن سلمان    اختطاف خطيب مسجد في إب بسبب دعوته لإقامة صلاة الغائب على الشيخ الزنداني    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    ارتفاع إصابات الكوليرا في اليمن إلى 18 ألف حالة    أسفر عن مقتل وإصابة 6 يمنيين.. اليمن يدين قصف حقل للغاز في كردستان العراق    استشاري سعودي يحذر من تناول أطعمة تزيد من احتمال حدوث جلطة القلب ويكشف البديل    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    "نهائي عربي" في بطولة دوري أبطال أفريقيا    اليوم السبت : سيئون مع شبام والوحدة مع البرق في الدور الثاني للبطولة الرمضانية لكرة السلة لأندية حضرموت    مقاتلو المغرب على موعد مع التاريخ في "صالات الرياض الخضراء"    مركبة مرسيدس بنز ذاتية القيادة من المستوى 3    لماذا يخوض الجميع في الكتابة عن الافلام والمسلسلات؟    ضبط المتهمين بقتل الطفل الهمداني في محافظة إب بعد تحول الجريمة إلى قضية رأي عام    القبض على عصابة من خارج حضرموت قتلت مواطن وألقته في مجرى السيول    جماعة الحوثي توجه تحذيرات للبنوك الخاصة بصنعاء من الأقدام على هذه الخطوة !    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    حادث مروع .. ارتطام دراجة نارية وسيارة ''هليوكس'' مسرعة بشاحنة ومقتل وإصابة كافة الركاب    بعد القبض على الجناة.. الرواية الحوثية بشأن مقتل طفل في أحد فنادق إب    كان يرتدي ملابس الإحرام.. حادث مروري مروع ينهي حياة شاب يمني في مكة خلال ذهابه لأداء العمرة    تعرف على آخر تحديث لأسعار صرف العملات في اليمن    مأرب تقيم عزاءً في رحيل الشيخ الزنداني وكبار القيادات والمشايخ في مقدمة المعزين    عشرات الشهداء والجرحى في غارات إسرائيلية على وسط وجنوب قطاع غزة    السلفيون في وفاة الشيخ الزنداني    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    رفض قاطع لقرارات حيدان بإعادة الصراع إلى شبوة    قذارة الميراث الذي خلفه الزنداني هي هذه التعليقات التكفيرية (توثيق)    ما الذي كان يفعله "عبدالمجيد الزنداني" في آخر أيّامه    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    قوات دفاع شبوة تحبط عملية تهريب كمية من الاسلحة    ريال مدريد يقترب من التتويج بلقب الليغا    عاجل: إعلان أمريكي بإسقاط وتحطم ثلاث طائرات أمريكية من طراز " MQ-9 " قبالة سواحل اليمن    وزارة الحج والعمرة السعودية تكشف عن اشتراطات الحج لهذا العام.. وتحذيرات مهمة (تعرف عليها)    فرع العاب يجتمع برئاسة الاهدل    أكاديمي سعودي يتذمّر من هيمنة الاخوان المسلمين على التعليم والجامعات في بلاده    لا يوجد علم اسمه الإعجاز العلمي في القرآن    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    حزب الإصلاح يسدد قيمة أسهم المواطنين المنكوبين في شركة الزنداني للأسماك    مأرب: تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    - عاجل شركة عجلان تنفي مايشاع حولها حول جرائم تهريب وبيع المبيدات الخطرة وتكشف انه تم ايقاف عملها منذ6 سنوات وتعاني من جور وظلم لصالح تجار جدد من العيار الثقيل وتسعد لرفع قضايا نشر    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    مفاوضات في مسقط لحصول الحوثي على الخمس تطبيقا لفتوى الزنداني    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    نبذه عن شركة الزنداني للأسماك وكبار أعضائها (أسماء)    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    لحظة يازمن    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجلس التعاون .. والحرب القذرة على سوريا .. ؟
نشر في الجنوب ميديا يوم 25 - 12 - 2013

أخذت المواقف والتحركات المغرضة والكيدية الصادرة عما يسمى "مجلس التعاون الخليجي" تعزز القناعة لدى الرأي العام العالمي عموماً، والعرب والمسلمين خصوصاً، بعدم بقاء أي مصداقية لهذا المجلس عقب تحوله إلى ألعوبة وأدوات بأيدي أميركا وأوروبا و"إسرائيل" وتنفيذها الإملاءات الأميركية دون أخذ ورد، الأمر الذي يعكس صورة بشعة جداً لمنظومة العلاقات الدولية والإقليمية البينية، وهي مرشحة للمزيد من الانفجارات والكوارث والتناحرات مستقبلاً.
المثير للأسف والألم معاً، هو تساوق مجلس التعاون ، مع السلوكيات التصعيدية الغربية والصهيونية في مناوأتها قوى جبهة المقاومة والممانعة وفي مقدمتها إيران وسورية وهو ما يشكل سابقة في منتهى الخطورة على مستوى رهن مرتكزات الأمن العربي والإسلامي للإستراتيجية الغربية، لما تفرضه احداثيات الناتو وممارساته العدوانية في الشرق الأوسط.
ففيما يشكل حالة إعلان حرب سياسية ضد سورية، أدان مجلس تعاون مشيخات النفط العربية الذي انعقد بالكويت، في بيانه الختامي الذي أصدره بعد قمة استمرت يومين حول الشأن السوري، أدان المجلس ما وصفه ب"استمرار النظام السوري في شن عملية إبادة جماعية للشعب السوري الشقيق، مستخدماً فيها كل أنواع الأسلحة الثقيلة والأسلحة الكيميائية المحرمة دولياً".
ودعا المجلس إلى "انسحاب جميع القوات الأجنبية من سورية"، مؤكداً دعمه ل"كل الجهود الدولية الهادفة للتوصل إلى اتفاق داخل مجلس الأمن الدولي لإصدار قرار تحت الفصل السابع لتأمين وصول المساعدات الإنسانية للمتضررين".
وبدورها رفضت سوريا ما جاء ببيان مجلس التعاون الخاص بأزمتها، وعبرت الخارجية في البيان عن "إدانتها الشديدة لتلك اللغة التحريضية التي اتسم بها بيان المجلس حول سورية ولاسيما أن دولاً من هذا المجلس هي شريك فعلي وأساسي في دعم وممارسة الإرهاب الوهابي التكفيري وإمداده بالمال والسلاح والإرهابيين دون أي وازع أخلاقي أو ديني أو إنساني ودون مبالاة بقواعد القانون الدولي ما يؤكد في سابقة لا نظير لها تورط حكومات بعينها في الإرهاب الدولي المنظم".
وختمت الخارجية بالقول: "تذكر سورية أخيراً من اجتمعوا في الكويت أن لا علاقة لهم أو لغيرهم على الإطلاق بقرارات وتطلعات الشعب السوري فهو وحده من يملك قراره باختيار قادته ورسم مستقبله".
منَ المؤكد دائماً أن التاريخ معَ العملاء هوَ لم يتغير ولم يتبدل... معَ دولٍ خليجية ارتضت التآمر والعمالة والارتهان معَ الغرب... طعناً بالعروبةِ ونكراناً للدم والأخوة والعمومة وكل القرابات والروابط الآدمية والإنسانية والأخلاقية، معاهدين ساداتهم أن يخونوا الدين السمح ولا يخالفوا لهم أَمراً ولو كان الأمر بقتلِ الشعب الشقيق وتسليم الأرضِ والعرضِ لهم طوعاً وانصياعاً. هذه المؤامرة الخليجيّة الصهيونيّة على سوريةَ ليست الأولى ولن تكون الأخيرة.
والمدهش أن تقوم بعض أنظمة الحكم العربية في دول الخليج بالمبادرة إلى إقامة تحالف مع "إسرائيل" رداً على مؤشرات تحسن العلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران... ولا نبالغ إذا قلنا إن هذه الأنظمة كأنها أصيبت بحالة من الرعب بسبب ذلك فراحت تهرول نحو "إسرائيل" مستنجدة بها مبدية استعدادها لإقامة تحالف معها "أي مع إسرائيل" للوقوف في وجه مؤشرات التقارب المذكورة.
نحن لا نقول مثل هذا الكلام عبثاً أو من باب التجني على دول الخليج وغيرها، بل نقوله استناداً إلى حقائق ظهرت على الساحة وعلى أرض الواقع، نقول هذا الكلام بمناسبة ما نقلته الأنباء عن صحيفة (هآرتس) الإسرائيلية يوم الأحد الواقع في 29/9/2013 التي أشارت إلى أنه على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، جرت مباحثات بين دبلوماسيين إسرائيليين ونظرائهم في دولة الإمارات العربية والسعودية وقطر والأردن ودول أخرى من دول الخليج وغيرها.
كما أن استضافة ملوك طوائف الخليج لرئيس كيان الاحتلال "شمعون بيريز" في قمة الأمن لدول مجلس التعاون التي عقدت مؤخراً في أبوظبي، تفسر تماماً حقيقة الارتباط العضوي بين "إسرائيل" ودول الخليج، وتدل على درجة التنسيق والتعاون المشترك بين الجانبين فيما يخص العمل على تدمير الدول العربية واحدة تلو الأخرى، وتقسيمها وشل قدراتها لتكون "إسرائيل" صاحبة الكلمة العليا في المنطقة، ومشاركة "بيريز" في القمة عبر شاشة التلفاز، وخلفه علم كيانه تشير بكل وضوح إلى أن "إسرائيل" هي عضو غير معلن في مجلس التعاون ، ما يؤكد مجدداً أن المصالح واحدة، ومصلحة "إسرائيل وأطماعها غنية عن التعريف.
وكان أن قام مؤخراً، رئيس المخابرات السعودية "بندر بن سلطان" بزيارة سرية إلى "إسرائيل" التقى خلالها رئيس الوزراء الإسرائيلي "نتنياهو" ورجاه بل توسل إليه أن يذهب إلى الولايات المتحدة لإقناع الرئيس "أوباما" بالعودة عن التقارب مع إيران وتحريضه عليها مع نقل امتعاض مسؤولي دول الخليج ودول عربية أخرى من هذا التقارب.
وبالفعل، ذهب "نتنياهو" إلى البيت الأبيض مذعوراً بدوره من مؤشرات التقارب الإيراني الأميركي وليبلغ "أوباما" رسالة دول الخليج أيضاً حول قلقها في هذا الشأن.
واليوم، لم يعد مستغرباً حضور "بيريز" أو "نتنياهو" أو "ليبرمان" في الاجتماعات الخليجية أيا كان نوعها، ما دامت الرؤية مشتركة، والهدف واحداً، والمكاسب واحدة، فزعماء الخليج يرون في تحالفهم مع كيان الاحتلال ضمانة لحماية كراسيهم وعروشهم، وقدموا الكثير من الخدمات لتلك الغاية، و"إسرائيل" تريد لقاء ذلك جائزتها الكبرى، وهي فلسطين، ولن نستبعد أن تنتزع بعد أيام قليلة اعترافاً خليجياً واضحاً "بيهودية دولتها" لاستخدامه كأداة ضغط إضافية على الجانب الفلسطيني بأي مفاوضات قادمة، بدورها ستستخدم دول الخليج كل نفوذها لتصفية القضية الفلسطينية من أساسها، وهذا سيكون ثمناً لمشاركة إسرائيل في العدوان على سورية.
والتحالفات الجديدة المعلنة بين دول الخليج وإسرائيل تختفي خلفها الولايات المتحدة الأميركية وتباركها وتدعمها، وهي ليست في صالح العرب والمسلمين، ومن المؤكد أنها ليست في صالح الجهد السياسي الدولي الذي يرمي إلى حل سياسي للأزمة السورية عبر مؤتمر جنيف2، ولا تساهم في حل ملفات عالقة منذ سنوات بين دول كثيرة تتشابك مصالحها وقواها في المنطقة أمنيًّا واقتصاديًّاً... وهي ملفات يؤثر حلها إيجابيًّا على قضايا وعلاقات وملفات كثيرة، وعلى أمن المنطقة ومستقبل شعوبها ودولها، ومن تلك الملفات الملف النووي الإيراني الذي يجمع كثيرون على أنه سيفتح أفق تعاون جديد بين إيران والغرب، ومن شأنه أن يؤثر على حل الملف السوري وعلى أوضاع اقتصادية تهم الشعوب والدول.
من المعلن أن إسرائيل تعادي هذا التوجه لأنها أصلاً تعادي السلام والقيم وتعيش على الحروب والأزمات والعدوان والتمييز العنصري، وتقف موقفاً شديد العداوة من سوريا وقضية الشعب الفلسطيني الذي تبيده وتقضي على حقوقه رويداً رويداً، وتمارس ضده عنصرية يسكت على ممارستها العالم، بل ويضم إسرائيل إلى مجلس حقوق الإنسان!؟.. بينما ملفات التهجير والاستيطان الإسرائيلية مستمرة، ومشروع "برافر" في النقب الذي يتضمن مخططاً من المتوقع أن يؤدي إلى إخلاء عشرات آلاف البدو من البلدات غير المسوية التي يعيشون فيها..."
ومن العجب أن يقول الإرهابي "ليبرمان" في هذا الصدد: "نحن نكافح في سبيل الأراضي القومية للشعب اليهودي"؟! في حين ليس له ولسواه من الصهاينة، ويهود الخزر مجرد بصمة إبهام على الأرض في فلسطين كلها، قبل احتلالهم لها بتآمر دولي كان على رأسه بريطانيا.
وإضافة إلى مشروع "برافر" هناك مشروع توطين 100 ألف يهودي في الجليل لفرض الأغلبية السكانية اليهودية هناك، والعمل على تهويد القدس وتقسيم الأقصى قائم على قدم وساق، والاستيطان يقضم الضفة ويلاحق أهلها بالموت والاعتقال...
لقد سقطت أقنعة حكام مجلس التعاون ، وفاحت رائحة العفونة من عباءاتهم التي تغلفها المهانة ونسيج خيوطها القباحة التي غدت خنجراً يطعن قلوب المخلصين، إن استوى فهو سكين وإن أعوجَّ فهو منجل. تاهت في الوقوف على الحقيقة عقولهم، وعميت عن الحق بصائرهم فغدوا مشغولين في البحث عن ذرائع تبرر عمالتهم، حيث غاصت في وحل التآمر والخديعة ركبهم، فأجمع آل سعود وتابعيه، على طعن الأمة في قلبها للقضاء على أي بريق، أمل للقومية العربية التي تقذف بسهام المذلة والهزيمة والخنوع، وهي تحتضر على مذبح الحرية كل يوم في هذا الزمن العجيب، فعلى أيدي ملوك طوائف مجلس التعاون الخليجي، يقتل ياسمين الشام أولئك اللاهثون خلف الأمريكي ظناً منهم أنهم أصحاب قرار في مجلس خليجي صهيوني، يمارس دور أكبر من حجمه.
مملكة آل سعود، أصبحت اليوم عرّاب الذل وهي الحارس الأمين على تعاليم الصهاينة المجرمين، والساعية وبكل ما أوتيت من قوة على قتل ما تبقى من الكرامة العربية، مملكة آل سعود هذه الجاسمة على صدر العرب اليوم، تعمل جاهدة على إرضاء الاسرائيلي تشويهاً للوحة العروبية في النفوس وغسلاً للعقول للاقلاع عن معاداة الصهاينة على الرغم من مرتسمات الخراب المعادية للسلام في دنيا من الانكسارات والسقوط.
وهاهم في مجلس مشيخات النفط العربية يغتالون الحلم العربي، ويجهزون على كل إيجابية يمكن أن تساهم في لم الشمل المفرق، ولم يعد خافياً على أحد أدوارهم القذرة في قتل الروح العربية في آخر قلاع الأمة الصامدة سورية التي ستظل قوية عصية على الرغم مما يحيكه العملاء ضد الحضارة والثقافة والنور، وتسطحت أدمغتهم ونسوا أن دمشق موطن القرار الوطني الحر الذي ينبثق من مصلحة الوطن والأمة ويتقاطع محبة صادقة مع فكر الجماهير العربية المناضلة من المحيط إلى الخليج.
فالقرارات المصنعة في "إسرائيل" والمستوردة بترخيص خليجي والتي خرج بها مجلس التعاون الخليجي، في إحدى مسرحياته الهزلية ضد سورية، كشفت دقة توزيع الأدوار المسبقة بصرف النظر عن بروتوكول أو خطة عمل وغيرها في وظيفة هذا المجلس الموكلة إليه في إعطاء المبررات القانونية والسياسية لقتل الشعب السوري واستهداف سيادته.
لقد أعلن مجلس تعاون مشيخات النفط العربية، بقراراته الخاطئة بحق سورية وشعبها أنه مطية لتنفيذ الأجندات الاستعمارية وأنه رهينة الموقف السياسي المنحاز لمملكة آل سعود، وتحاول استهداف سورية.
فدولة آل سعود وقطر، تعملان منذ بدء الأزمة على تشويه حقيقة ما يجري على أرض الواقع من إرهاب منظم وتسخران أموال النفط من أجل تقديم السلاح للجماعات الإرهابية واستقدام المرتزقة من كل أصقاع العالم وتدريبهم ومدهم بالمال والمعلومات الاستخبارية بالتعاون مع فرنسا وبريطانيا وتركيا والولايات المتحدة الأميركية والعدو الصهيوني وتسهيل عبورهم إلى سورية عبر دول الجوار لارتكاب الجرائم وبث الفوضى وتدمير قدرات الشعب السوري واستهداف علمائه ومراكزه البحثية لإضعاف سورية والنيل من دورها المقاوم والممانع، الأمر الذي يؤكد أن هذا المجلس الذي بات عبري وليس عربي أطلقت رصاصة على كل أهدافه التي أنشئ من أجلها بل أنه يعمل الآن ضد مصالح الشعوب العربية خدمة لمصالح الغرب الاستعماري عبر تبنيه لمشاريع قرارات دمرت ليبيا واليمن وتونس وتحاول الآن تدمير سورية.
ويبدو أن هناك سباق محموم في سوق السمسرة السياسية على سورية وشعبها لا سابقة له، مكانه مجلس التعاون الخليجي، حيث يقام المزاد التآمري العلني، أصحابه تجار السياسة العربية المأجورين الذين باعوا ضمائرهم وأخلاقهم في واشنطن وعواصم أوروبية، وأتوا برصيد تآمري كبير ليتاجروا به على حساب الدم السوري وأمن سورية واستقرارها.
يتبارى أميرا السعودية وقطر، بتشجيع من أمراء خليجيين، في مزايدة مكشوفة لأخذ دور بارز في المؤامرة التي تتعرض لها سورية، بالتنسيق مع أصحاب المشاريع الأمريكية الصهيونية التي تستهدف المنطقة العربية بعامة وسورية بخاصة، علهم يحققون من الدخول في هذه المزايدة مكاسب ترفع من مكانتهم الوضيعة وتحسّن من صورتهم القبيحة، الملطخة بألوان العمالة والتبعية للاستعمار القديم والجديد على حدّ سواء، وتاريخهم يشهد على ذلك منذ ما قبل الثورة العربية الكبرى 1916 وحتى الوقت الراهن، في تعاونهم مع الاستعمار البريطاني القديم ومن ثمّ مع الاستعمار الأمريكي الجديد، وإن لبسوا العباءات العربية البعيدة عنهم في أصالتها وشيمها، ولمَ لا؟
أليس هذا التستّر المشبوه من صفات السماسرة وأساليبهم في الخداع، سواء في السياسة أم في التجارة أم في العمالة مهما كان نوعها؟!
فادعاءات هؤلاء السماسرة بمساعدة الشعب السوري للخروج من أزمته وأوضاعه المأساوية، هي ادعاءات باطلة في الشكل والمضمون، ولا سيّما التذرع بنشر الحرية والديمقراطية التي يسوقها لهم أسيادهم، عن طريق التسلح والإرهاب وممارسة القتل الجماعي.
فأية حرية يزعمون؟ وأية ديمقراطية يدّعون؟ وهم لا يعرفون من الحرية والديمقراطية إلاّ ما يحقق مصالحهم ويتماشى مع أنظمتهم (الأسَرية والقبلية)، التي تسمح لهم بممارسة العنف والقتل ضد كل من ينتقد نظامهم، ويحرّمون أي اجتماع أو مظاهرة تطالب بإصلاحات، حتى وإن كانت سلمية، والأمثلة على ذلك كثيرة كما في (السعودية وقطر...البحرين وغيرها) لأن في ذلك مخالفة للشريعة، على حدّ فتاوى مشايخهم، لأن سلطة الملوك والأمراء لا تنظمها قوانين ودساتير، كونها مستمدة من مشيئة الله (على حدّ زعمهم)، ليصل الأمر إلى تسمية الدولة بإسم الأسرة الملكية الحاكمة، كما في (المملكة العربية السعودية) نسبة إلى آل سعود. وهذا يذكرنا بحكم الأباطرة في العصر الوسيط، الذي أطاحت به الثورات التحررية، وفي مقدمتها الثورة الفرنسية.
فالأصيل في المؤامرة على سورية هو الكيان الصهيوني ودول الاستعمار القديم، والجديد والوكيل هو عائلة آل سعود ومشيخة قطر، وبخاصة في ظل عجز الأصيل عن استمرار تأمره بعد هزيمته في أفغانستان والعراق ولبنان وفلسطين وسورية.
أليس من المضحك المبكي أن كل أمن السعودية وقطر، ورغم ثروتهما النفطية والغازية لا تزالان تصنفان ضمن الدول النامية ويتفننون في بعثرة أموالهم على تدمير المنظومة العربية، وتأخذ هذه الثروة الشكل السلطوي من الأعلى للأسفل ويغيب عامل الثقة بين عائلتي آل سعود وآل ثاني، والشعب السعودي والقطري ويذهبا ذليلين أمام الطاغية الأردوغاني ويعتمدان في تأمين أمنهما على الغرب الأطلسي من أمريكا وأوربا، ويغيب غياباً كلياً مفهوم المواطنة عن نجد والحجاز وقطر.
أليس في هذا فجور سياسي، ودجل أخلاقي بأبعاده الاجتماعية والإنسانية؟!
ولكن لا غرابة في ذلك طالما أنه يتمّ في مزاد السمسرة العربية، وفي سوق مجلس تعاون مشيخات النفط الخليجية التي تحولت إلى سوق لتجار السياسة العربية، بالمال والنفط ورصيد العمالة والتآمر على الأمة العربية، بحاضرها ومستقبلها، بدلاً من أن تكون البيت الحاضن للأسرة العربية، التي تغار على أبنائها وتؤالف بينهم، وتعمل على حلّ مشكلاتهم بالتعاون فيما بينهم، وليس من خلال التفرقة وتأجيج نار العداء والفتن.
على أي حال، لم يتم توظيف دول مشيخات النفط العربية المغفلة، إلا بعد أن فشلت ادعاءات الغرب في دعمه للديمقراطية وحقوق الإنسان. ولسخرية الأقدار، أن هذه المشيخات كانت الأشد قمعاً لأي حركة شعبية مطالبة بالديمقراطية في الداخل. وجميع هذه الدول، الموصوفة إما بالممالك، أو المشيخات، أو الإمارات، أو السلطنات، يحكم بقبضة حديدية من سلالات عائلية تملك شعوبها بعقلية القرون الوسطى، وتعاملهم كعبيد.
ولابد من التذكير أن الأحداث التي عصفت بسورية من هذهِ المؤامرة الدنيئة وإحداثياتها، فهي موجودة في المحضر السابع من بروتوكولات حكماء صهيون... "في مقدرتنا إحداث الثورات كما نشاء وحينَ تعَْرض حكومة ما سبيلَ خطتِنا، نثيرُ عليها الدولَ المجاروةَ، ولإنجاحِ خطتنا نستغل ما يسمونه الرأي العام الذي قبضنا عليهِ بواسطةِ الإعلام بكل أشكالهِ، وإذا وقفت في وجهِ مخططاتنا أي حكومة حركنا الإرهابَ فيها عن طريقِ الجرائمِ والعنف".
عربان اليوم نسوا قضية الأرض وحاربوا كعادتهم نبض الشارع العربي، إنه زمن الغربة القومية والغفلة الإنسانية عندما بويع "بندر" حارساً أميناً على زناة العرب وزنادقة المستعمرين. وهو الذي أدبر غريره وأقبل هريره، أحقاً أصبحت الفأرة العمياء رأس الهرم العرباني؟
فعباءة الشر تتسع للظلم والقهر والتشرد، تكشفت عورتهم وظهرت أحقادهم المليئة بالتهديد والوعيد في دنيا الخيبة والهزيمة والانهيار، هذه حال عربان مشيخات النفط، اللاهثون وراء سراب خال من كل شيء إلا من لعنة التاريخ التي ستلاحقهم كل يوم، فهم الذين طعنوا كرامة الأمة وها هم يعبثون بدماء الأبرياء ويكتبون صك الخيانة والولاء للصهاينة والمجرمين، وإن إجماع دعاة الذل على طعن سورية وهي ضمير الأمة وعنوان وجودها ويعرفون أنها آخر قلاع العرب التي ترفع راية الأمة العربية الواحدة التي يحاول المجرمون على تمزيقها، والقضاء على كل ما تبقى من عمل الشرفاء الذي تمثله سورية بعظمة مواقفها المقاومة.
إن قدر سورية الحالي في كونها في عين العاصفة الغربية إنما يعود، على الأرجح، إلى رفض سورية الشديد، في شباط 2010، دعوات واشنطن للتفاوض على إبرام صفقة معها ضد إيران. لكن خريطة الطريق العسكرية الأميركية الغربية تذهب إلى ما هو أبعد من إعادة تقسيم الشرق الأوسط. فكما يشرح "ميشيل تشوسودوفسكي" بشكل قاطع في كتابه الجديد "نحو سيناريو الحرب العالمية الثالثة"، فإن الخريطة العسكرية لواشنطن هي الهيمنة العالمية، أما الجزء الخاص بالسيطرة على الشرق الأوسط ومناطق آسيا الوسطى الغنية بموارد الطاقة، فهو أمر حاسم في تهميش المنافسين من الوزن الثقيل، روسيا والصين. فالتحالف بين هاتين الدولتين وكل من سورية وإيران، فقط أعطى هذه الأهداف الحالية زخماً إضافياً لعملية تغيير النظام التي يقوم بها الغرب.
فمتى تُزال الغشاوة عن أعينِ حكام مشيخات النفط،ِ الموتى في حياتهم... النائمين في أحضان الغرب والصهيونية؟ هَلْ يستيقظونَ من ثباتهم العميق؟! ومتى؟! الصامدون وحْدَهم الذينَ يعشقونَ ويعانقون النجوم... والانهزاميونَ هم الذين يذهبونَ إلى الجحور...
ما من شك أن اللوحة مأزومة اليوم، ولكن لن تستمر إلى ما لا نهاية، مهما بلغت مرتسمات الخراب التي ستزول بتصميم الثائرين وستسقط عنفوان دهائهم وهم يعلمون أنه مهما خبا الصوت لن ينقطع فالحر حر وإن مسه الضر، ولا بارك الله في قوم يقودهم "بندر" الذي سبق درته غراره، وهو الذي يعرف سورية جيداً وكأنه نسي، أن الشعب السوري يستف التراب ولا يخضع لأحد على باب.
فعروبة سورية هي فعل التاريخ وقدر الجغرافيا تضم شعباً تجاوز عمره السبعة آلاف سنة ولديه من الحضارة ما يكفي ليفهم عقد الآخرين تجاهه وهو من علم الجميع عبر التاريخ العروبة والإسلام وسيعلمهم في المستقبل الديمقراطية والتعددية وستبقى سورية جبلاً لا تهزه ريح.
* مصطفى قطبي - بانوراما الشرق الاوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.