ما يدور الآن في الساحة السياسية من أجواء خانقة وخطيرة لا يعرف مداها القريب والبعيد وما يعتمل في ثناياها من افتعال لقوى سياسية لا تريد للاستقرار والأمن مكاناً في هذا الوطن, هذه الأجواء التي برزت الآن تحركها الرغبات والأهواء الذاتية للبعض الذين تستهويهم ثقافة الفوضى دون أن يكونوا على وعي تام لمترتبات ما قد تنتج عن أفعالهم من حرائق ستعم الجميع نظراً لكنه فوضاهم (الخلاّقة) التي جاءت من وراء ستار الأزمات القادمة من خلف الحدود. الغريب في أمر أولئك الذين ينفثون غبارهم على الساحة السياسية ويحركون الشارع حسب تعبيرهم, لا يملكون الحجة في تحركهم هذا, حيث نلاحظ أن استغلال حماس الشباب والاتجاه نحو استدرار عواطفهم والإمساك ببعض الأمور السالبة في الحياة العامة والاتجاه نحوها لكي يمرروا مشاريعهم التي سترد إليهم في حال اندلاع الحرائق في كل مكان لا سمح الله. اللافت أن القوى التي ركبت موجة الاعتصامات وإقلاق السكينة العامة وقامت بهدم مشاريع الأمان التي لا يمكن التفريط بها باعتبار أن الأمن والأمان سمة حضارية ومقياس لرقي الناس في التعاطي معها لا يمكن أن تظل هكذا تسير دون الإحساس بخوف الأطفال والنساء والعجزة الذين تضرروا من هذه الاعتصامات والتي يرونها عبارة عن فوضى لا رادع لها, مع احترامنا لحق التظاهر والاعتصام اللذين كفلهما الدستور ولكن بحدود تليق بأهدافها. وإذا تتبعنا الإفرازات الكثيرة التي برزت خلال الآونة الأخيرة من جراء هذه الاعتصامات من انقطاع العديد من الطلاب خاصة في المستويات الابتدائية والإعدادية عن الدراسة وخوف الأهالي من إرسالهم إلى الدراسة سنرى أن النتيجة التي تبرز هي اللا أمان الذي يبتغونه في سبيل خلط الأوراق في هذا الوطن. لذا لزاماً على من يهمه سلامة هذا الوطن وتقدمه أن ينبري إلى الحوار الذي يعد هو المخرج الوحيد للخروج من عنق الفوضى التي لا تبقي ولا تذر. حيث إن الدعوات الصادقة والأمينة من فخامة الرئيس القائد علي عبدالله صالح من أهمية الحوار والمبادرات الشجاعة التي تنازل فيها عن الكثير لصالح الوطن وأمنه لم ترق لتلك القوى في المعارضة, بل إن الهروب إلى منطقة النار هو الهدف الذي أصروا أن يسيروا فيه. وبالأمس خلال لقائه بالعلماء باعتبارهم عقل الأمة وضميرها الحي, لخّص فخامته العديد من القضايا أمام العلماء ونبّه بصوت الحكيم إلى الكثير من المخاطر المحدقة بالوطن أمام تمادي أولئك الذين لا يرون إلا مصالحهم بعيداً عن مصالح الوطن العليا. وأكد أن ما يجري اليوم من فوضى ليس الغرض منها إلا إدخال الوطن في أتون التمزق والشتات التي ستحرق الوطن إذا لم ينبّه العلماء بحكمتهم أولئك الذين يهربون بالأزمات نحو مناطق النار. لذا فإن الوطن بحاجة إلى عقل يرمم ما يخرّبه كل من تستهويه الحرائق التي سيتضرر منها الجميع.