يمثل النظام الليبي الحالة الأكثر صعقاً في منظومة الإدارة بالأزمة والنهب والسلب، وقد جاءت الأخبار تباعاً لترينا أن الوجه القاتم للمذابح والبشاعات يتوازى مع مئات المليارات التي تم تجميدها من قبل البنوك ومؤسسات المال الأوروبية والأمريكية استجابةً لقرار مجلس الأمن، وبالمقابل لم نسمع إجراءً من هذا القبيل في أي بلد عربي قد يكون مُلتبساً بحالة الفساد الليبية القذافية التي أزكمت الأُنوف. مئات المليارات التي جُمّدت حصراً في أمريكا وأوروبا لا تمثل إلا بعضاً من بعض النهب المنظم، وعلى خط مُتّصل نتابع عبر موقع “يوتيوب” ما تمّ كشفه في إحدى استراحات زين العابدين بن علي، من أموال هائلة وجواهر نادرة كانت تتوارى وراء صورة المكتبة العامرة بالمؤلفات !!. وليتها كانت مكتبة لكتب حقيقية، بل صورة ناطقة لكتب افتراضية تدير رأس من يزور الاستراحة لتؤكد له أن الرئيس بن علي علّامة زمانه. والحقيقة الشاخصة أن وراء المكتبة الافتراضية ما وراءها من مليارات وجدت في استراحة واحدة فقط، فماذا يريد منها الرئيس، وهو العليم بأن شباب تونس يتمرمط في أوروبا، ويتوسّل أي عمل وضيع حتى يؤنسن وجوده ؟ تلك الصورة القاتمة للأزمات العربية تتواتر هنا وهناك ، ونتيقّن يوماً تلو آخر أن الثروة العامة للبلدان أصبحت نهباً للمافيا والسماسرة، وبنوك التخزين الجهنمية، وغسيل الأموال في مختلف أرجاء العالم، فيما يرزح الملايين تحت طائلة الفقر الأسود . لقد فاض الكيل بالناس، وبلغ السيل الزُّبى، ولا مفر من تصحيح الأوضاع وعودة الأُمور إلى نصابها، فقد ثبت الآن بالدليل القاطع أن البلدان العربية لا تفتقر إلى الأموال، بل إلى الرشد والرشاد. [email protected]