أنا لا أتفق مع من يسمي حركة وتظاهر الشباب ب ( ثورة)، لأن الثورة لا يمكن أن تأتي بعدها ثورة ولا يمكن أن تأتي بعد ثورتي سبتمبر وأكتوبر ما يمكن أن نسميه ثورة وإلا في هذا الحال فإننا لن ننتهي، فكل تغيير في نظام الحكم في المستقبل سنسميه ثورة، وبالتالي لن ننتهي من هذا المسلسل، لكن الوصف المقبول هو حركة شباب، وتسميتها بأنها شبابية لأن من قام بها هم من فئة الشباب ولكن سأتجاوز الاختلاف وسأترك العنوان كما هو. حقيقة لم أعطف على شباب بلادي من قبل مثلما عطفت عليهم هذه الأيام، نتيجة الزج بهم في أتون معارك سياسية لا يعون أهدافها الخفية الخبيثة من «شياب» أقل ما يوصفون به أنهم جميعاً مجرمون بحق الوطن بكامله، بسبب دفعهم الشباب البريء إلى معارك مع شباب آخرين ورجال أمن، ودفعهم للتخريب والتدمير وصنع الفوضى بل والقتل وإيهامهم بأن هذه الوسائل هي أقرب الطرق لتغيير النظام. لقد اعتقد الشباب منذ البداية أن دورهم يجب أن يكون في مقدمة المطالبين بالتغيير الذي ينشدونه، وأن مطالبهم في التوظيف ومحاربة الفساد ومحاسبة المخلين والفاسدين وتغيير القوانين وتطويرها بل وتغيير النظام سلمياً. لذا فقد هبوا إلى التظاهر والاعتصام وذهبوا ينادون بكل ما أسلفت، بل وتجاوزوا ذلك إلى مطالب أكبر، ربما تكون أكثر واقعية وقد تكون مقبولة إلى حدٍ ما نتيجة الموجة التي حركت الشارع العربي في الأشهر الماضية.. لقد كان شبابنا اليمني الذين تصدروا واجهة الأحداث منذ البداية شباباً يحمل حباً لوطنه وبني جلدته ولا يحمل ضغينة أو كرهاً أو حقداً للآخرين سواء في النظام أو خارجه فقد كان هدفهم السامي هو التغيير وليس التدمير..لقد كان الشباب يتوقد نشاطاً في سعيه للتغيير نحو الأفضل وليس العودة إلى عصر التخلف والقبلية. لقد عانى الشباب من نظام "القبولة" ما عاناه منذ ولد، فكيف يقبل أن يكون جندياً يسيره ويزج به شيخ قبيلة متخلف جاهل وهو الذي تعلم وتخرج من الجامعات، لذا فقد كان هدف الشباب وأمانيهم ومطالبهم منطقية ومحقة. لقد طالب الشباب بأن تكون اليمن دولة قانون، يتم تطبيق القانون على الجميع وليس على فئة دون أخرى. لقد طالب شبابنا أن تكون لدينا حرية التعبير ولم يطالبوا أن تكون دولتهم دكتاتورية تخرس صوت كل من يخالفها الرأي. إن من تابع بدايات مطالب الشباب سيجدها منطقية، فهي حقوقية مدنية وطنية سلمية فما الذي جرى؟! لقد زج إبليس بنفسه بين الشباب واستغل تحركهم ومطالبهم وأوهمهم أنه منهم وينتمي إليهم وأنه أيضاً من الشباب رغم أن بين فكره وبين فكر الشباب أجيالاً وأجيالاً، ولو علم الشباب أن إبليس هذا ليس همه الشباب أو مستقبلهم بقدر ما همه السلطة وسطوتها وأن الشباب هم فقط مطية يصعد عليها لعل وعسى يحقق من خلالهم وعلى حساب جهدهم وعرقهم ودمائهم في أسابيع ما عجز عن تحقيقه بالطرق الدستورية والديمقراطية في سنوات. أقول: لو علم الشباب تلك الأهداف والتي لا تنتمي لمطالبهم لما قاموا بحركتهم الشبابية، لكن هكذا هو إبليس يسلب دائماً حقوق الآخرين.. فقد جهز إبليس هذا إخوته وماله وماكينته الإعلامية وزمرته وسخر كل ما يملك لاستغلال حماس الشباب المتعلم والجامعي وضخ بينهم الألوف ممن هم محسوبون على الشباب كجيل لكنهم متخلفين ومختلفين مع الشباب كفكر وعقل متفتح وجعلهم واجهة لمطالباته غير المشروعة التي لم يطالب بها الشباب في بداية احتجاجاتهم ومظاهراتهم.. لقد التف حول الشباب البريء شلل ومجاميع من المتطرفين والمتشددين والإرهابيين وجيء بالقتلة والمجرمين ممن شاركوا في معارك ضد الدولة من انفصاليين وحوثيين يحملون في قلوبهم كرهاً وحقداً وضغينة لا حدود لها. اجتمع كل هؤلاء ضد الدولة والنظام والقانون والدستور والشرعية والمنطق والعقل بل والوطن وأمنه واستقراره ووحدة أراضيه، تلك المجاميع لاتعرف الديمقراطية بل لا تؤمن بها كإحدى طرق التغيير السلمي، بل هي تعرف طريقاً واحداً للتغيير وهو نشر الفوضى والعنف والقتل والاغتيالات والانقلابات أما غير ذلك فلا يؤمنون بها فهل تصدقون ؟ لقد ضاع الشباب بين هؤلاء ولم يعد لهم من يسمع ماذا يريدون؟، بل ماذا يقولون؟، لقد أحضر إبليس الكبير الآلاف من الجهلة والمجرمين من المتطرفين وذهب يغدق عليهم الأموال التي اكتنزها من حقوق هؤلاء الشباب على أمل أن يتحقق حلمه في كرسي السلطة، وذهبت جهود شبابنا أدراج الرياح بعد أن سيطر المتطرفون والقتلة والإرهابيون على ساحات الاعتصام والإعلام الموجه فيها وقيل للشباب صراحة: أنتم فقط وسيلة لتحقيق غايات شخصية.. لقد ذهب هؤلاء إلى أن جعلوا من بعض الشباب ضحايا وحطباً لإشعال النيران لجرائمهم وخططهم المتنوعة والتي أبسطها إيجاد ضحايا وسيل دماء وقتلى وجرحى حتى يتم استعمالهم في فبركة خطط جديدة وعلى الشباب ألا يحلموا بأكثر من وصفهم من إبليس وزمرته بأنهم شهداء وليس أكثر من ذلك. هذا المخطط الذي تم رسمه ويتم تنفيذه هذه الأيام على حساب الشباب وجهدهم وعرقهم ودمائهم لا ولن يحقق للشباب أي حلم يتمنون تحقيقه أبداً أياً كانت نسبة التفاؤل لديهم. بل عليهم أن يعيشوا سنوات سوداء حالكة لا سمح الله لمن يدفعونهم ويدعمونهم بالاستمرار والسير في تنفيذ خطط نشر الفوضى والتدمير والحرق واحتلال المباني الحكومية. إن المنادين بنشر الفوضى وتدمير المنشآت واحتلالها وافتعال المعارك في الشوارع وصناعة القلاقل هذه كلها ليست من مطالب الشباب من قبل ولم تكن ضمن أحلامهم لتحقيق الإصلاح وتغيير النظام، ولكنها من أحلام "الشياب" الذين يحلمون بالسلطة باسم القبيلة والدين.. فهل يقبل الشباب بعد أن تعلموا أن يعود بنا هؤلاء إلى عصر «القبولة»والتطرف الديني؟! نتمنى أن يعي الشباب تلك الألاعيب الدنيئة من إبليس وزمرته. [email protected]