أمسكت بقلمي فلبته من طرفيه صارحته بحبي له بلا نقطة النهاية وأكد لي بأنه يحبني من نقطة البداية همست له بأني حزينة وحزني فوق طاقتي، وبأني قلقة وقلقي فوق طاقتي، وبأن الدهشة تحاصرني لذا هي أيضاً فوق طاقتي لذا الكتابة يا قلمي لا طاقة لي بها أيضاً ولا تسألني لماذا ؟ ورائحة الدم تنبعث من أطهر الأماكن على وجه الأرض ألا وهي بيوت الله. فقد استيقظنا هذا الصباح وكل حولنا شيء مؤلم وصوت صفير الحنين إلى رمز الوطن يخترق النوافذ المكسورة والأبواب المشققة والجدران الترابية لتصل إلى تلك الغرفة الزجاجية التي بيننا وبينه وهي تمد جسراً يقوم على أعمدة من الحزن والشوق والرجاء بين أعيننا وقلبه، ومدينة من الدهشة أصبحت مرعبة بين أقدامنا وسريره، وتاريخ من اللهفة والخوف بين قلوبنا وحفظه، وأنا هنا وحدي في حيرتي أقلب طرفي قلمي برغم زحامهم لأكتب وهو يزدريني لبشاعة ما أكتب حين لا يحب أن أكتب ما لا يجب أن أكتب، ويشعرني بأني أقسى قلب وجد على وجه الأرض . وبين بشاعة ما يخطه القلم رغما عن أنفه وبين قسوة القلب أحاول أن أتماسك وأشد عودي وأنا أوزع بصري وسمعي بين من يصرخ يا نبض الدار ويا قلب البيت وذاك الذي يقول فديتك لا تغمض عينيك ولا تتركنا فريسة للعملاء والخونة وآخر يطالب بأن يرفع رمز الوطن يديه ملوحاً ليرد بيديه محيياً إياه فبين أيديهم ويديه تاريخ من الوفاء، لذا يا هدهد سليمان عد لنا بالنبأ اليقين وقل لعصا موسى ( عليه السلام ) لقد انتشر سحر السحرة بيننا كالطوفان فدمر البيوت وفرق الناس وهدم مساجد الأمان والطمأنينة، وقل لسيدنا يونس ( عليه السلام ) بأن حيتان الغدر قد حاولت ابتلاعه في حين ثقة وهو يردد بألم وإصرار: « لا إله إلا أنت إني كنت من الظالمين »، وقل لصلاح الدين إن مهازل الخونة قد تجاوزت كل حد وقيود الكيد والغيرة قد كبلتهم ولم يجدوا في طريق إشباع غريزتهم الشريرة غير وسيلة الدم المبنية على عناصر المغالطات وتشويه السمعة وتلفيق الادعاءات ليبرروا لأنفسهم قصة اغتيال وطن من خلال رمزه، فالتاريخ يحفظ الكثير من قصص «اغتيال الشخصيات الوطنية» التي أودت بحياة علماء ومفكري وقادة الأمة بدءاً من مقتل سيدنا علي بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) على يد عبد الرحمن بن ملجم مروراً باغتيال سيدنا عثمان بن عفان ( رضي الله عنه ) على يد عبد الله بن سبأ اليهودي وهو يتلو كتاب الله بين يديه وانتهاءً برمز الشجاعة في التاريخ الإسلامي ثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) وهو يصلي بالمسلمين على يد أبي لؤلؤة المجوسي فأنصفهم التاريخ وتحول أصحاب الحسد والغيرة الواقعين في حول العمالة مجرمين بحق التاريخ والإنسانية وعليه سوف تشهد أجيال اليوم محاكمة هؤلاء الكائدين الحاسدين القادمين من مستنقع العمالة والخيانة بعد أن تنكشف نواياهم وتُظهر الوثائق حقائق الأمور عندها ستفخر الأجيال القادمة بدولتنا قبل أن يفخر التاريخ ليتساوى التاريخ مع الدولة انصهاراً ببعضيهما البعض. لذا سأصرخ بكل صوتي لكل الذين يهمهم أمري ويكرهون وجودك بداخلي وأقول لهم: بأن الانقلاب ومحاولة اغتيال الشخصية الوطنية هو اغتيال للهوية واغتيال الهوية هو اغتيال للوطن لذا يجب أن ترحلوا بعد أن تُحاسبوا وتُعاقبوا . وفي نهاية المطاف يا قلمي : حملتني فوق طاقتي حين حدثتك بتفصيل مؤلم.