منذ أن بدأت الفوضى في بلادنا ونزلت أحزاب اللقاء المشترك إلى الساحات ومعها القوى التي لا تؤمن بالديمقراطية والعمل السياسي والحزبي التعددي قاصدةً الفوضى العارمة كسبيل وطريق مختصر للإطاحة بنظام الحكم الديمقراطي صاحب الأغلبية البرلمانية الساحقة بعد أن عجزت تلك القوى والأحزاب عن تحقيق غاياتها بالطرق الديمقراطية والدستورية من خلال الانتخابات والفوز بثقة الشعب اليمني صاحب الحق الأصيل في الحكم والسلطة والذي يمنحها لمن يثق به ويعتقد أنه الأجدر بحكم الشعب, حيث سعت تلك القوى والأحزاب السياسية بكل ما لديها من قوة لتجنيد الشارع اليمني إلى جانبها تحت شعارات خادعة ومضللة مثل الدولة المدنية الحديثة بينما تصرفات تلك القوى والأحزاب السياسية لا تنم عن أي شكل من أشكال المدنية الحديثة فهي كما نراها إما قوى قبلية متخلفة متعصبة نزلت إلى الشوارع بدافع القبلية والعنجهية والغطرسة والغرور والتكبر والاعتقاد بأن سلطان القبلية هو السلطان الذي يعلو ولا يعلى عليه وهذا يعني أن شعار الدولة المدنية الحديثة مجرد حبر على ورق . أما النوع الثاني من القوى التي تحالفت وتجمعت لإسقاط حكم الأغلبية فهي قوى دينية ظلامية متخلفة تحمل بين أحشائها عوامل الفرقة والشتات والتناحر بين أبناء الشعب اليمني الواحد بدوافع طائفية مقيتة نحن في غنى عنها, فالجميع يعي ويعرف حق المعرفة أن الإخوان المسلمين سوف يسعون لمد نفوذهم وبسط سيطرتهم على البلاد ولن يترددوا في سحق من يقف في طريقهم بالقوة ومن المتوقع أن يخوض الإخوان المسلمون معارك طائفية شرسة وتصفيات جسدية مروعة مع خصمهم التقليدي وعدوهم اللدود الحوثيين الذين يسيطرون الآن على محافظة صعدة وأجزاء من محافظة الجوف التي شهدت معارك طائفية بين الإخوان المسلمين والحوثيين على النفوذ وبسط السيطرة. ويتكون النوع الثالث من هذه الأحزاب والقوى المتحالفة لإسقاط نظام الحكم الديمقراطي من أحزاب يسارية في معظمها لم تعرف الديمقراطية يوماً في حياتها السياسية وإنما ظلت أحزاباً شمولية استبدادية تحكم بمنطق القوة والقبضة الحديدية والتصفية الجسدية والتنكيل بالمعارضين السياسيين وتاريخ هذه الأحزاب حافل بالمآسي والويلات من القسر وتكميم الأفواه والتعذيب والسجن والإعدام للمعارضين السياسيين حيث لا صوت يعلو فوق صوت الحزب وغيرها من الشعارات التي تبرر منطق الديكتاتورية والاستبداد, كل هذا السيل من المتناقضات آنفة الذكر بين أحزاب اللقاء المشترك والقوى المتحالفة معه يجعلنا أمام صورة قاتمة مرعبة مخيفة ومستقبل أكثر قتامة وأكثر رعباً وخوفاً وهو في أقل تقدير ما سيجنيه شعبنا لا سمح الله إن نجحت هذه القوى بتنفيذ مخططاتها. وفيما يتعلق بماذا جنينا من الفوضى فالجميع يعرف ما الذي حدث بعد أن تجمعت فلول أحزاب اللقاء المشترك والقوى المتحالفة معهم ومن تم تضليلهم وخداعهم وجرهم إلى ساحات التغرير لتعطيل الحياة العامة وغلق المحلات التجارية وقطع أرزاق الناس وتعطيل الدراسة في أكبر وأقدم جامعات الجمهورية اليمنية وهي جامعة صنعاء وإيقاف الدراسة في العديد من المدارس وتوقف الأعمال والنشاطات الاقتصادية والتجارية وقطع الطرقات ومنع مادة الغاز من الوصول إلى المواطنين وحرمان الشعب من عائدات اكبر مورد اقتصادي وهو النفط بعد أن تم ضرب وتفجير الأنبوب الرئيسي للتصدير في سياسة انتهازية الغرض منها التعجيل بسقوط نظام الحكم الديمقراطي وانهياره اقتصادياً بعد أن فشلت الوسائل الأخرى, وهذا بدوره أدى إلى تدهور الاقتصاد وارتفاع الأسعار مما زاد من معاناة المواطنين محدودي الدخل وهم السواد الأعظم من سكان الشعب اليمني, وما يبعث على الحزن الشديد هو الاقتتال بين أبناء الشعب اليمني الواحد وإزهاق الأرواح وسفك للدم اليمني الغالي بغض النظر عن الانتماءات الحزبية والقبلية وغيرها, وفي الختام نتمنى من كافة الأطراف حكومةً ومعارضةً الزهد في الدم اليمني وعدم الانجرار إلى إراقة الدماء والتغلب على هذه الأزمة بالحكمة والعقل والحوار والحل السلمي كونه الحل الأفضل للجميع ومن الله التوفيق. (*) باحث بمركز الدراسات والبحوث اليمني [email protected]