في بلد ديمقراطي يعيش تجربة فريدة من نوعها في المنطقة منذ عام 1990م تاريخ إعادة تحقيق الوحدة اليمنية وقيام الجمهورية اليمنية كشخصية دولية موحدة لتنتهي حالة من الصراع والتأزم والتوتر في العلاقات بين شطري اليمن(سابقاً) وبداية عهد جديد من الاستقرار السياسي في أجواء الديمقراطية ومناخات التعددية السياسية والحزبية والتنافس الديمقراطي الحر والتداول السلمي للسلطة من خلال الانتخابات الحرة والنزيهة التي تكفل للشعب اليمني اختيار من يحكمه بكل حرية ودون ضغوط أو تهديد أو إغراءات أو استغلال للدين في تزوير إرادة الناخبين اليمنيين. نقول: إنه في بلادنا لم نكن بحاجة على الإطلاق إلى مثل ما تشهده الساحة اليمنية من أزمة سياسية خطيرة تجاوزت في اعتقادي مفهوم الأزمة وذهبت إلى ما هو أبعد من الأزمة حيث التخريب المتعمد للمنشآت والمصالح العامة مثل الكهرباء والنفط والغاز الذي تتعرض أنابيبهما للتفجير والتخريب من قبل الخارجين عن القانون وكذلك إغلاق جامعة صنعاء ومنع الطلاب من الدراسة فيها من قبل القوى العسكرية المتمردة والقوى الحزبية المنقلبة على الديمقراطية والتعددية السياسية التي لا مبرر لأعمالها غير سعي تلك القوى للوصول إلى السلطة بطرق غير شرعية وغير دستورية بعد أن أدركت تلك القوى ضعف شعبيتها بسبب سمعتها السيئة وسلوكها المشين وتشددها المتطرف وغير المقبول من الغالبية العظمى من الشعب اليمني, لذلك قررت تلك القوى التحالف في مشهد درامي عجيب ومضحك يبعث على الحيرة والدهشة عندما يشاهد المرء تحالف التناقضات والمتضادات مع بعضها البعض من قبيل تحالف الإخوان المسلمين مع الحوثيين في حين كل واحد منهما يضمر الحقد والموت للآخر وكذلك تحالف الإخوان المسلمين مع الحزب الاشتراكي اليمني مع أن كل واحد منهما يكن البغض للآخر ويتحين الفرصة للانتقام والثأر نتيجة للإرث الدموي المتبادل بينهما، هكذا هو المشهد السياسي في تحالف القوى الانقلابية التي ستجعل من اليمن صومالاً وأفغانستاناً جديداً وتجلب الويل والدمار للوطن والشعب اليمني. أقول واكرر القول: إننا لسنا بحاجة لمثل هذا السلوك العبثي في بلد ديمقراطي تعددي يتيح للجميع الوصول إلى السلطة عبر الإرادة الشعبية من خلال الانتخابات وليس عبر القوة والعنف من خلال الانقلابات الممولة والمدعمة من الخارج والتآمر على وحدة الوطن وأمنه واستقراره, لذلك نقول لتلك القوى: رفقاً بالوطن، رفقاً بالشعب اليمني, رفقاً بدماء الناس, كفى عبثاً وتخريباً وعنفاً وارتهاناً للخارج الذي يزيد الأمور تعقيداً وصعوبة, نقول لتلك القوى إن حل هذه الأزمة لن يكون إلا يمنياً داخلياً وطنياً نابعاً من حرص كل القوى على وحدة الوطن وأمنه واستقراره والعودة إلى تحكيم العقل والضمير وتغليب مصلحة الوطن على المصالح الشخصية الدنيئة والحزبية الأنانية وغيرها من الاعتبارات الطائفية والمذهبية والقبلية والمناطقية الضيقة, وذلك لن يتحقق إلا بترك الارتهان إلى القوى: الخارجية وترك طريق العنف والشغب والفوضى والعودة إلى دستور الجمهورية اليمنية وتحقيق مطالب الشعب في التغيير بطرق ديمقراطية واحترام إرادة الأغلبية والقبول بخيارات الشعب اليمني الذي يملك الحق والقرار في اختيار حكامه من خلال الانتخابات الحرة والنزيهة, وبذلك نجنب وطننا التشرذم وشعبنا العنف وسفك الدماء وضياع مستقبل أجياله الصاعدة ونستأنف مسيرة الديمقراطية، مسيرة الثاني والعشرين من مايو، مسيرة الوحدة اليمنية المباركة. (*) باحث بمركز الدراسات والبحوث اليمني [email protected]