الورطة الامريكية واضحة المعالم فقد اندفعت امريكا الى عداء مكشوف مع قوى اقليمية دون اخذ حسابات تبعدها عن النتائج السلبية التي تنتظر المنطقة.. ويكفي الاشارة الى ما ذكرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، في تقرير مطوّل اوضحت أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قام بخطوات غير مسبوقة زجّت بالولاياتالمتحدة في صراع مفتوح مع إيران، دون استراتيجية واضحة، الأمر الذي جرّ الجيش الأمريكي إلى ساحة مواجهة غير مبررة، في نزاع إقليمي لا يصب في المصلحة المباشرة للأمن القومي الأمريكي. التورط الامريكي واضح لأن ترامب ظل يتحاشى السير خلف النازي نتنياهو.. لكنه رضخ للضغوط الصهيونية وانساق خلف حسابات المتطرفين الصهاينة.. ولذا فتح المنطقة على احتمالات لن تكون في صالح الولاياتالمتحدةالامريكية التي تشخص امامها تحديات كبيرة. وبحسب الصحيفة، فإن إدارة ترامب، وتحديدًا بعد انسحابها من الاتفاق النووي عام 2018م، اتّخذت سلسلة من القرارات التصعيدية التي أدّت إلى عسكرة التوتر مع طهران، أبرزها اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، اللواء قاسم سليماني، في بغداد مطلع عام 2020م، في خطوة وُصفت بأنها "مغامرة خطرة" فتحت الباب أمام موجات انتقامية من إيران وحلفائها، وزادت من احتمالات اندلاع حرب شاملة في الشرق الأوسط. وبحسب معلومات استخباراتية فإن البنتاغون لم يكن دائمًا في قلب القرار، بل وجد نفسه مضطرًا لتنفيذ أوامر سياسية، دون إلمام كامل بالتبعات الميدانية والجيواستراتيجية، كما عبّر عدد من المسؤولين الأمريكيين السابقين عن قلقهم من أن ترامب، وبحسابات انتخابية داخلية، لم يتردد في إشعال فتيل مواجهة قد تتحوّل إلى مصيدة دموية جديدة لإدارة ترامب في المنطقة. ومن المؤكد أن هذا التوجه يعكس نمطًا متكررًا في سياسة ترامب الخارجية، يقوم على النزعة الأحادية، والاستخفاف بالمؤسسات والتحالفات التقليدية، في توجهه الاعمى نحو قرارات فردية فاقدة للرؤية، ما أدى إلى توريط أمريكا في صراعات ستكون مكلفة وثقيلة على هذه الإدارة المضطربة.. التقييم الأولي لمثل هذا التورط يشير الى سجلّ حافل من السياسات الخارجية العدوانية التي اتبعها ترامب، بدءًا من الانسحاب من الاتفاقيات الدولية، وصولًا إلى فرض عقوبات اقتصادية خانقة أثّرت بشكل مباشر على شعوب المنطقة، ما جعل من سياسة ترامب الخارجية صورة نمطية من العبثية السياسية يمكن تسميتها ب"تصدير الأزمات الداخلية عبر التصعيد الخارجي". ويبقى على ادارة ترامب ان تنتظر التبعات الثقيلة.. وان تتحمل اثمانها الباهظة..