كثيراً مايكون القلم هو لسان حال المواطن ولسان الشعب ولسان المستضعف ولسان الفقير المقهور ولسان اليتيم المسلوب ولسان المظلوم المستغيث وبنفس الوقت قد يكون لسان حال الهائم العاشق الذي يتغزل بمعشوقته بالورقة والقلم ليوصل إليها معاناته عبر القصيدة الشعرية الغزلية أو الكلمات النثرية وإن كانت معشوقة خيالية وهمية بدون جسد.. ومن هذا المنطلق وجدت نفسي أمام واجب وطني ينتظر كل محب ومخلص لهذا الوطن الحبيب الذي صار اليوم يبكي ويتوجع ويئن ويعاني من جروح دامية تسبب فيه ابن هذا الوطن نفسه والذي قد يكون أنا أو أنت أو أولئك ولم يكن الوطن يتوقع منا نحن ابناءه أن نقول له حتى كلمة «أف» لذا نقف هنا أمام جزء صغير وبسيط من الواجب الذي يتطلب منا اسقاطه وتقديمه ليس خدمة لهذا الوطن بل جزء بسيط وبسيط جداً من رد الجميل ولو بالقلم الذي أجعله هنا يبكي ويتحدث بلسان الوطن المعتدى عليه من قبلنا نحن ابناءه.. نعم هذا هو وطننا اليمني اليوم الذي يعاتبنا كأبناء ولايريد أن يكنينا بالعصاة رغم قسوتنا عليه التي اجبرته أن يخرج عن صمته ويقول لنا معاتباً ومبتدئاً بكلمة عفواً أيها الأبناء الذين لايحلو لكم النوم الهنيء إلا ورؤوسكم مستندة إلى حضني الدافئ واذانكم تستمع إلى نبضات قلبي الذي صار اليوم يتوجع وينبض بطريقة غير مستقرة وغير منظمة بعد أن أعلنتم ضدي وفي وجهي عصيانكم السافر واعلنتم علي وبصوت كبير ومزعج وبعيد عن النطق القويم اعلنتم بصوت شاذ ينفث من افواهكم البصاق وكل مخلفات وبقايا الأكل الذي تتلذذون به من خيري إلى وجهي الحنون الذي لم يجد أمامه مايقوله لكم سوى التعبير عن توجعه وتألمه.. يذرف دموع الحسرة والندم على جبينه الشحوب الذي أكل الدهر عليه وشرب وهو يكابد المواجع والحروب ويبذل كل ما في وسعه للم شملكم وتوحيد ارائكم ورؤاكم لكي يشاهدكم أنتم كل ابنائه بين احضانه اخوه متحابين متآلفين يحترم صغيركم كبيركم ويعطف كبيركم على صغيركم ويشفق الغني على الفقير ويبذل المثقف جهداً كبيراً لإيصال مفهوم الوطن والمواطنة لمن خانه الزمن أو قسى عليه القدر وعاش أمياً بالثقافة والتعامل مع الغير أو مع من حوله ليجنب الوطن والمواطن شر أفكاره الأمية والمعادية لكل من يكون أفضل منه ثقافة ومركزاً وجاهاً كونه يشعر بوخز الانفصام الشخصي دائماً في جسده يوقظه كلما بدأت أي فتنة تنام ليوقظها معه ليواصل الوطن المتألم عتابه بالقول: معذرة أيها الأبناء الذين أخرجتكم من ظلمة الجهل التعليمي وبنيت لكم المدارس والمعاهد والجامعات وتخرجتم منها فمنكم الدكتور ومنكم المهندس ومنكم المربي ومنكم القيادي وبعيداً عمن يمتلك مقومات التخرج ولايزال ينتظر دوره للوصول إلى مبتغاه إلا أنكم تخرجتم من هذا الحرم المؤسسي التعليمي لتعودوا نحوه ليس زيارة لرد الجميل وتذكر أيام العطاء مع السلام والتحية لكل من خلفكم وهو رد السلام لتلك المنشأة والصرح التعليمي.. ولكنكم عدتم نحو هذا الصرح لتعبثوا بجماله وتشوهوا وجهه الجميل بعد أن لطختموه بالكتابات والعبارات التي يستحي المرء أن يقف فقط أمامها ليقرأها وإن كانت تعبر عن ثقافة صانعها أو كاتبها ولو توقف الأمر عند مثل هكذا أعمال مسيئة لبحثنا عن اعذار واهية تعفيكم عن ذلك ورمينا بها على قميص يوسف وقلنا أطفال مندسون لنردد قول الشاعر البردوني : يأبى فؤادي أن يميل إلى الأذى حب الأذية من طباع العقرب لكنكم تجاوزتم ذلك واحرقتم واتلفتم كل ماكان ملكاً لكم وملك اخوانكم وابنائكم من بعدكم.. معذرة أبنائي الأعزاء الذين صرتم تتعمدون ابكائي كل يوم بل في كل لحظة وحتى ساعة الركوع والسجود للخالق المعبود سبحانه وتعالى.. ابكي نفسي أولاً لأني لم أجد بعد عندكم حب الوطن من الإيمان وأنا اشاهدكم تدوسون على وجهي بأحذية العصيان وتقلبوا براميل القمامة فوق جسدي الطاهر وتنثروا منها المخلفات العفنة ذات الرائحة النتنة على جسدي وثوبي النظيف وبالأخص في يوم جمعة وهو اليوم الذي تكثر فيه العبادات والاستغفار والتوجه إلى الله سبحانه وتعالى والذي كرمه الخالق على بقية الأيام بينما انتم صرتم تحملون الجمعة اسماء دموية ومرعبة.. وأبكي ثانياً عندما يأتيني النبأ الحزين والمحزن أني فقدت بهذا اليوم واحداً أو اثنين أو اقل أو أكثر منكم انتم ابنائي الذين سقطوا ويسقطون على أيدي بعضكم البعض وأنتم من تسوقون أنفسكم إلى الهلاك بعد أن تنهضوا جميعاً من وسط حضني الدافئ يلفكم ويضمكم حب الإخاء والدم والنسل والمواطن بل وضرع اللبن وكنتم إخواناً في الرضاعة لتتلقفكم لعنة الحزبية وانتم في طريقكم السوي لتقسمكم شيعاً وأحزاباً وتشق صفكم مرددة هذا من شيعتي وهذا من عدوي بعد أن تعمدت هذه الحزبية أن تجر عكم رضاعة التفرقة والإنقسام وتسقيكم حليبها دون أن تسمح لأحدكم أن يقرأ تاريخ الصلاحية المكتوب على رضاعة الحزبية حتى لايمتنع عن الرضاعة كونها منتهية الصلاحية وتسبب لمتعاطيها أمراضاً خطيرة لايعالجها بعد ذلك طبيب نفسي ولا داعية أو موجه إسلامي ولا منابر المساجد ولا كتاب الله وسنته بل كلما استمعتم للنصح وماقاله الخالق وأمر به الرسول كلما زدتم عتواً ونفوراً وكأن في رؤوسكم شيء من المس الشيطاني هلا سمعتم كلام الله من واعظ أو خطيب فإذا بكم تقدمون نحوه وتقيمون عليه الحد ويصير كأنه هو من أصيب بالمس لتتعاملوا معه معاملة المشعوذ الذي يقضي على المريض ليخرج من رأسه الشيطان فلماذا لاتكبروا عن مثل هذا فالشاعر يقول: إنا كبرنا على أفكارنا فمتى يا أرض نطرح من كان ونضطجع ماذا أقول لكم اليوم يا ابنائي بعد أن خربتم وكسرتم وانهيتم كل ما بنيناه لكم منذ أن أعلنها اجدادكم جمهورية ودحروا الإمامة والاستعمار وحققوا بعدها وحدة يمنية لتأتوا أنتم اليوم متناسين حقوق الوطنية بل وكأنكم تجهلون أن الوطن هو الأب وهو الأم وهو كل الأهل المخلصين الأوفياء.. اتيتم دون احترام لمكانة الأبوة والأمومة بل أطلقتم نيرانكم إلى صدري ووضعتم على جسدي الحنون الأحجار والإطارات الملتهبة ومخلفات القمامة لكي تقيدوا حركتي وتسكتوا لساني لتصلوا بعدها لصندوقي الأسود الذي احتفظ لكم فيه بالقرش الأبيض ليخدمكم باليوم الأسود وفيه كل ماظللت أربيه واحافظ عليه لكي اضمن لكم من خلاله مستقبلاً أفضل يقيكم الفقر والجهل المرض فليتكم عملتم بما قال به الشاعر أبو ماضي وهو يتمنى أن يكون لصاً مخصصاً فقط لسرقة اللطافة والحنية من النسيم العليل حيث قال: ياليتني لصاً لأسرق في الضحى سر اللطافة في النسيم الساري إلا أنكم أتيتم أنتم عكس ماقاله الشاعر حيث أتيتم نحوي كالوحوش الكاسرة الضارية المفترسة لتدوسوا على وجهي وتنهبوا كل ماكنت أبنيه وأجمعه لكم أنتم الذين كنتم سوف تستفيدون منه طوال حياتكم وحياة من يأتي خلفكم ولكنكم سمعتم عن الثورة والثورات ولم تمتلكوا الخلفية الكاملة عن أهدافها وأساسياتها بقدر ماكنتم تنتظرون كيف تحققون مآربكم الحزبية وعندما اصطدمتم بالواقع ووصل بكم الحال إلى التدهور ووجدتم أن الثورة التي تزعموها قد انتهت وماتت في مهدها كونها ولدت عجوزاً وهي تحاكيكم بلسان الشاعر الراحل عبدالله البردوني وتقول: حبيب هذا صداك اليوم أنشده لكن لماذا ترى وجهي وتكتئب ماذا؟ أتعجب من شيبي على صغري إني ولدت عجوزاً كيف تعتجب فهل يرضيكم اليوم أن تشاهدون حالي وأنا أعاني الأمرين لأجلكم وأتوجع في اليوم ألف مرة لكي أجمع شتاتكم وأعيدكم إلى التآخي والترابط وشحذ الهمم لإعادة ماخربته الفتنة.. فهل تستجيبوا لندائي فأنا الوطن وخرابي خراب لكم وسعادة اسعاد لكم.. تمنياتي لكم بالهداية والكف عن الأذى.. آمين .. آمين.