نحن نعيش في زمن الكثرة الكاثرة من البشر, وبتكاثرهم تتكاثر فيهم الأمراض والأوبئة.. وإن التأمل السريع في واقع مرض الكلى والفشل الكلوي ليصيبنا بالدهشة والحسرة على أقوام كثيرين يعيشون بيننا لكن الموت شاخص بين أعينهم وسكراته تسري في مفاصلهم وأوردتهم .. أولئك هم مرضى الفشل الكلوي الذين يخطف الموت أعداداً منهم كلما تأخرت لهم جلسات الغسيل لأسباب يذكرها أهاليهم وحشرجات الألم في حلوقهم.. انها أحزان تعتصرها القلوب ومآسٍ تستفز ضمائرنا وتنظر ما نحن فاعلون.. خصوصاً ذوو الاقتدار في شهر الخير والإحسان.. كم ينفق الأثرياء ورجال الأعمال من أموال كثيرة لهذا الغرض أو ذلك في وجهات صحيحة أو غير صحيحة فهل هم عاجزون عن كفالة فقراء هذا المرض القاتل والتكفل بسداد فواتير العلاج المتواصلة ,لاسيما بعد أن أسلمتهم الظروف الحاصلة إلى واقع مرير أصبح فيه بعض جلسات الغسيل بمتطلبات علاجية تتجاوز قيمتها 8000 ريال في الأسبوع الواحد بعد أن كان الأمر في السابق بالمجان.. أحد هؤلاء المرضى رأيته وأنا أستقل ناقلة الركاب إلى المنزل ..حدثني أن الرحمة ليس لها مكان في وحدة الغسيل الكلوي التي يُجري فيها الجلسات منذ سنوات عدة.. فالذي لايمتلك قيمة العلاج يموت غير مأسوف عليه. وقال إن انطفاء الكهرباء هو الآخر كان في الفترة الأخيرة قد أسكت أرواح سبعة من المرضى أمام عينيه. أين هي الرحمة في مؤسسة الكهرباء حتى نشعر بالمسئولية الإنسانية فتوجد الحلول والاستثناءات لوحدات الغسيل الكلوي.. ألا ندرك جميعاً نحن بني الإنسان بأن الغسيل/الكلية الصناعية معناها انقاذ لأناس لايعيشون إلا بهذه الوسيلة وانطفاء هذه الأجهزة معناه ابقاء للسموم والسوائل في أجسادهم ليأخذ الموت من لم يطق جسده التحمل حتى عودة الكهرباء. من لهم إذا كانت الجهات المختصة في وزارة الصحة تختنق بالأعداد المتزايدة كل يوم، وزادت الأوضاع الحاصلة في أن تتنصل هذه الجهات عن تحمل كثير من التكاليف ,وان تضاعف الكهرباء المأساة وتصنع المصائب، وفوق ذلك معاناة الفقر المدقع وغلاء المعيشة غير المسبوق.. فمن لهم إذن سوى أن يصحو ضمير الإنسانية في هذا الشهر الكريم؟! إننا لنعبر عن بالغ حبنا لتلك الجمعيات الخيرية التي قدمت كميات من المحاليل الطبية لوحدات الغسيل الكلوي ونحن نطالب الجمعيات الأخرى والمنظمات الإنسانية المحلية والعالمية ورجال المال بأن يسهموا في صناعة الحياة في هذه الوحدات العلاجية..وإن انفاقهم في هذا المجال هو خير الانفاق وأروع صور التكافل والإغاثة. أيها المحسنون أروا الله من أنفسكم خيراً في هذه الليالي المباركة من شهر رمضان.. شهر الصدقات وشهر العطاء وصناعة المعروف الذي يتقي به المحسنون مصارع السوء.