الحرية جمال.. وقد خلق الله الانسان حراً جميلاً(لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) وفي الإنجيل والتوراة(خلق الله الإنسان على صورته) والله جميل يجب الجمال وقد جعل الله شعائر الإسلام واتصال المسلم به تعالى قائمة على أهم شرط للجمال وهو الطهارة, طهارة الثوب والبدن والمكان.. وجعل الفطرة مرتكزة على الجمال، فالانسان يحب الطبيعة والجمال والحسن وكل مايبهج العين والقلب ويرضي الحواس الخمس.. ولذا فإن الانسان ينفر من القبح بأشكاله المختلفة.. صوتاً وصورة وكثافة.. وقد أنكر الله صوت الحمير(إن أنكر الأصوات لصوت الحمير) والأصوات التي تدعو إلى الفرقة والعنصرية والقبلية وتجاوز إيقاع الحياة لاتقل منكراً ونكراً عن أصوات الحمير ومنظر المتاريس في الشوارع, والحارات, ومنظر المسلحين وهم يحملون أدوات القتل والدمار, مناظر قبيحة, تنكرها العين ويمقتها الذوق وتزعج السمع وتلوث الهواء والقلوب!! لقد جاءت الأديان كلها بخطوط إجمالية تحدد مناهج الحياة وتوضح طبيعة العلاقات بين العباد وبين ربهم, تلك التي تقوم على التوحيد لله رب العالمين, ثم تصبح بعد ذلك بقية العلاقات متروكة- في ضوء منهج التوحيد- لا لما يحقق المنفعة دون ضرر ولاضرار. بعبارة ثانية: إن الله خلق الانسان حراً, فسح له مساحة واسعة للتفكير الحر والتأمل المترامي الأطراف ليكون مختاراً والاختيار هو عين الحرية.. لقد نظر القرآن الكريم إلى هؤلاء الأتباع الذين يتبعون سادتهم وأمراءهم دون رؤية ولاتفكير(وقال الذين اتبعوا للذين أُتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرأوا منا).. وكثيرة هي الآيات التي تحفز الانسان ليكون حراً.. وكثيرة هي الآيات المبثوثة في الكون ليتملاها الانسان بعينه وقلبه معاً لتدل على أن مجال الاختيار أوسع من الحصر وهنا تتحقق حرية الانسان بأوسع معانيها. إن كل مناظر الجمال تسعد الانسان الحر بينما مناظر القبح تسعد كل شقي عدو للوجود.