مجال ومظاهر وأفعال العنف تتعدى مجال الحرب والإرهاب، وإن كانا يمثلان العنف في أقصى درجاته من القسوة والدمار والخراب وإلحاق الأذى بالآخرين، فالعنف سلوك له تأثيراته السلبية على العلاقات بين البشر وحتى في المجالات التي تبدو بمأمن منه كما هو الشأن بالنسبة للعلاقات الأسرية المباشرة والحميمة. فالعنف العائلي يزداد انتشاراً وفظاعة في جميع أنحاء العالم لأسباب مختلفة كثيراً ما تكون تافهة ولا تستدعي العدوان والاعتداء، وبالرغم من أنه يوصف بأنه عائلي فكثيراً ما تترتب عليه مشكلات تتجاوز نطاق العائلة ويساعد على ترسيخ تلك الثقافة الفرعية واستمرارها وانتشارها واستمرارها على نطاق واسع، الدور السلبي الذي تقوم به وسائل الإعلام المختلفة بما تنشره عن أحداث العنف بصورة تداعب الخيال وبما تبثه من برامج يغلب عليه طابع العنف والإثارة مما يشجع الشباب على محاكاتها والاقتداء بها في حياتهم اليومية وفي تعاملهم مع الآخرين. الأمر يحتاج على أية حال إلى بذل كثير من الجهود لتغيير الأوضاع المتردية في معظم دول العالم والتي تدعو إلى اليأس والإحباط وتدفع إلى التمرد واللجوء إلى العنف، والأمر نفسه ما يتعرض له الأطفال سواء داخل العائلة أو في المدرسة أو في الشارع، وهذه مشكلة تناولها تقرير هيئة الأمم العالمي عن العنف ضد الأطفال وكذلك البرنامج العالمي لحقوق الإنسان والعقد العالمي لثقافة السلام وعدم العنف ضد الأطفال في العالم فضلاًً عن الندوات والمؤتمرات التي تعقدها اليونسكو مما يشير إلى مدى انتشار وخطورة ذلك السلوك. ومعظم الآراء تكشف عن درجة عالية من التشاؤم وترى أن العنف جاء ليبقى بل وسوف يزداد ضراوة وشيوعاً نتيجة للتغيرات السريعة التي يشهدها العالم والتي تساعد على تفكك الروابط الاجتماعية على كل المستويات، فالفيلسوف البريطاني الكبير كارل بوير على سبيل المثال يقول إن الكثيرين في كل أنحاء العالم يكرهون العنف ويتمنون لو أمكنهم القضاء تماماً على كل أشكاله وصوره وليس فقط القضاء على الحروب باعتبارها ذروة العنف ضد الإنسانية جمعاء ومن خلال التوعية الطويلة المستنيرة والهادفة التي تلجأ إلى الحوار الذي يهدف إلى التوصل إلى نوع من المواءمة والفهم والتقارب ومراعاة الحقوق والواجبات.